كاميرات الأقصى أحرجت الأردن فتراجع عنها

ذرع الأمن وشرطة الاحتلال الإسرائيلي صعدت من عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى لقمع المعتكفين
قوات الاحتلال في اقتحام سابق للمسجد الأقصى استهدف المرابطين داخله (الجزيرة)

الجزيرة نت-عمان

أغلقت الحكومة الأردنية بقرارها التراجع عن مشروع تركيب كاميرات مراقبة داخل المسجد الأقصى المبارك؛ بابا كبيرا لجدل ظل محتدما طيلة الأسابيع الماضية إزاء الدوافع الحقيقية التي كانت تقف وراء المشروع.

وقالت مصادر سياسية مقربة من دوائر القرار الأردني للجزيرة نت إن التراجع الحكومي جاء نتيجة الإخفاق في ترويج الرواية الرسمية الأردنية عن الموضوع.

وأضافت المصادر التي اشترطت عدم الإشارة إليها أن عمان استعجلت في طرح تركيب كاميرات الأقصى من دون إجراء مشاورات كافية مع السلطة الفلسطينية أو المؤسسات المقدسية ذات الصلة بموضوع المسجد الأقصى.

ونفت أن يكون التراجع الأردني ناتجا عن ضغط شعبي أردني أو فلسطيني، وهو ضغط بدا واضحا أثناء توجه الحكومة الأردنية إلى نصب الكاميرات.

وقال مصدر سياسي بارز للجزيرة نت إن "الأردن تورط بالفعل في قصة الكاميرات ووجد نفسه محرجا بين الأميركيين والإسرائيليين والفلسطينيين، ففكرة الكاميرات في الأساس فكرة طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهو ما زاد كمية الشكوك لدى الفلسطينيين".

وأضاف المصدر أن "المؤكد أن الأردن لم يقدم أي رواية مقنعة في هذا الخصوص، لذلك تراجع عن قرار التركيب".

‪(الجزيرة)‬ النسور: جهات فلسطينية شككت فيمرامي مشروع كاميرات الأقصى 
‪(الجزيرة)‬ النسور: جهات فلسطينية شككت فيمرامي مشروع كاميرات الأقصى 

توجس من المشروع
وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور قال الاثنين إن بلاده قررت التوقف تماما عن المضي في تنفيذ مشروع تركيب الكاميرات داخل المسجد الأقصى، محمّلا مواقف جهات فلسطينية المسؤولية عن وقف المشروع.

وأضاف النسور في بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) "فوجئنا إثر إعلان نيتنا تنفيذ المشروع بردود أفعال بعض أهلنا في فلسطين، تتوجس من المشروع، وتبدي ملاحظات عليه، وتشكك في مراميه وفي أهدافه".

وتابع "نحترم الآراء جميعها لإخوتنا في فلسطين عامة، وفي القدس الشريف خاصة، ولأننا نؤكد دوما دعمنا الكامل والتاريخي لخيارات وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق، وسيادته على ترابه الوطني، ومن ضمنه الحرم القدسي الشريف، ووقوفنا إلى جانبه في كل الظروف والأحوال، فقد وجدنا أن هذا المشروع لم يعد توافقيا، بل قد يكون محل خلاف، وبالتالي فقد قررنا التوقف عن المضي في تنفيذه".

واعتبرت الحكومة أن الهدف الأساسي من وراء نصب الكاميرات كانت يتمثل في رصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأماكن المقدسة في الحرم القدسي.

لكن الموقف الأردني الرسمي ظلت تقابله مواقف شعبية أردنية وفلسطينية متشككة من دوافع القرار، معتبرة أن نصب الكاميرات قد يحولها إلى عيون لخدمة الاحتلال، عوضا عن إمكانية تقسيمها الأقصى زمانياً ومكانياً.

عصفور: التراجع عن مشروع كاميرات الأقصى سببه حملة التشكيك ضد الأردن (الجزيرة)
عصفور: التراجع عن مشروع كاميرات الأقصى سببه حملة التشكيك ضد الأردن (الجزيرة)

اتفاق مع سرائيل
وكان مشروع تركيب الكاميرات قد جاء تطبيقا لاتفاق أردني إسرائيلي في العام الماضي برعاية أميركية، وهو الاتفاق الذي أنهى حالة التوتر بين الأردن وإسرائيل، والتي بلغت ذروتها نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة التي وصلت حينها حد تحذير ملك الأردن عبد الله الثاني من أثر تلك الانتهاكات على مستقبل العلاقات مع إسرائيل.

وتضمن المشروع توجها إلى تركيب 55 كاميرا تغطي كاملَ مساحة الحرم المقدسي البالغة 144 دونما.

مستشار صحيفة الرأي الحكومية في الأردن مجيد عصفور نفى في حديثه للجزيرة نت أن يكون التراجع الأردني ناتجا عن ضغوط شعبية أردنية أو فلسطينية.

وقال عصفور إن الأردن كان يقصد من تركيب الكاميرات الحد من انتهاك المستوطنين والساسة الإسرائيليين لباحات المسجد الأقصى، عبر ربطها بنظام كاميرات تتيح للعالم أجمع الاطلاع على ما يجري.

واعتبر أن التراجع عن الخطوة جاء بسبب حملة التشكيك ضد الأردن التي أطلقتها بعض الجهات في القدس.

وتابع "لقد أراد الأردن أن يوفر مزيدا من الحماية للمسجد الأقصى، لكن التشكيك في موقفه جعله يعود خطوة إلى الوراء ويراجع حساباته".

وخلص إلى القول إن "التراجع عن القرار يعني أن عمّان لا تريد إشعال قضايا خلافية في ظل الاحتلال والانتهاك المتواصل للأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية".

عبيدات: القرار جاء استجابة لضغوطات شعبية أردنية وفلسطينية (الجزيرة)
عبيدات: القرار جاء استجابة لضغوطات شعبية أردنية وفلسطينية (الجزيرة)

ضغوط شعبية
لكن نقيب المهندسين الأردنيين عبد الله عبيدات اعتبر أن القرار جاء استجابة لضغوطات شعبية أردنية وفلسطينية، ودعوات المخلصين من أبناء القدس وفلسطين والأردن ونداءات المؤسسات الشعبية والأهلية والنقابات المعنية بشؤون القدس والمقدسات.

وقال إن النقابة تثمن القرار الأردني وتضعه في سياق الانسجام الشعبي والرسمي لحماية المسجد الأقصى المبارك، وتؤكد أن دور الحكومة الأردنية مهم جدا في تعزيز وتجسيد الرعاية الأردنية الهاشمية للقدس والمقدسات وحماية الأقصى من انتهاكات الاحتلال اليومية دون السماح للاحتلال بالاستفادة من أي خطوة لصالحه وصالح ضرب وحصار المرابطين من أبناء القدس في ساحات الأقصى المبارك.

وختم عبيدات بالقول إن جميع الأردنيين والفلسطينيين معنيون بإستراتيجية تحدد طبيعة الخطر المحدق بالأقصى، وطبيعة التحرك المطلوب لحمايته.

المصدر : الجزيرة