زواج الأتراك باللاجئات السوريات.. الدوافع والانعكاسات

Syrian refugee women train during a sewing workshop at the Oncupinar refugee camp for Syrian refugees next to the border crossing with Syria, near the town of Kilis in southeastern Turkey, Thursday, March 17, 2016. Nearly 300,000 are housed in 26 government-run camps similar to this one. The European Union and Turkey hope to reach a comprehensive deal this week to tackle illegal migration and the refugee crisis spurred by conflicts in Syria and beyond. In return for its efforts, Turkey stands to gain 3.3 billion US dollars in EU funding to help it improve the situation of the 2.7 million Syrian refugees already within its borders. (AP Photo/Lefteris Pitarakis)
لاجئات سوريات خلال دورة في مركز لتدريب الخياطة في مخيم للاجئين السوريين بتركيا (أسوشيتد برس)

وسيمة بن صالح –أنقرة

فرت اللاجئة السورية ليلى الحورانية من جحيم القتال في سوريا لتبدأ صراعا من نوع آخر على أرض جديدة، فتجربة زواجها الأولى الفاشلة اضطرتها للعمل مدرسة منذ كان طفلها رضيعا، فكان ضغط العمل وساعاته الطويلة ينعكس سلبا على علاقتها به.

واصلت ليلى نفس نمط حياتها في تركيا حتى قررت الزواج مرة أخرى، وأخبرت طالباتها التركيات بذلك، ولم تشترط جنسية الزوج، بل كان جل اهتمامها أن تجد زوجا يتفهم وضعها ويحتوي طفلها.

وأخبرتها إحدى طالباتها الموثوقات أن لزوجها صديقا يبحث عن زوجة، فاتفقا على اللقاء ووقع التوافق بينهما، وتؤكد أنه رغم خلافاتهما أحيانا بسبب اللغة والثقافة، فزوجها يدعمها وقد رزقا بطفلة منذ أشهر.

أما الزوج عمر فقال إنه وجد في ليلى مواصفات الزوجة التي كان يبحث عنها، ولم يكن وجود طفل لها من زواج سابق عائقا، بل بالعكس كان حافزا للارتباط "لأنني أحب الأطفال وقد أشعرني بأبوتي منذ رأيته أول مرة".

ليلى هي واحدة من بين ثلاثة آلاف وستمئة لاجئة سورية تزوجن بأتراك وفق مؤسسة الإحصاء التركية لعام 2015، ورغم الجانب المشرق لتجربتها فإنها ليست النموذج الغالب في هذه الزيجات التي جعلتها إشكالات قانونية واجتماعية محل اتهام وتوجس إذا لم يتم احتواؤها بالشكل الصحيح، حسب باحثين اجتماعيين ومواطنين سوريين وأتراك.

برو: الزواج بهذه الطريقة يشبه النمط البدوي القديم (الجزيرة)
برو: الزواج بهذه الطريقة يشبه النمط البدوي القديم (الجزيرة)

دوافع
وتؤكد المعلمة التركية إلكنور غونار أن الرقم المشار إليه لا يمثل الحقيقة لعدم تضمنه السوريات المتزوجات من رجل متزوج، وهي الحالات الأكثر شيوعًا، موضحة أن الحالات السالفة الذكر لا يتم إثباتها رسميا كون القانون المدني التركي يمنع تعدد الزوجات.

وترى المعلمة التركية في حديثها للجزيرة نت أن سعي اللاجئات لستر أنفسهن، واشتراطهن طلبات معقولة، جعلهن محل إقبال الشباب التركي، "على عكس المرأة التركية التي تشترط طلبات خيالية".

أما المواطنة السورية المقيمة في إسطنبول آية ناشد فترى أن إقبال الأتراك على الزوجة السورية يعود لاهتمامها ببيتها وزوجها "في حين تعتبر التركية الزوج ندا لها وتهتم بمسيرتها العملية".

وفي حديثها للجزيرة نت أشارت إلى أن التركيات صرن واعيات لمنافسة المرأة السورية في الفوز بالشباب الأتراك "فبتن يقلدنها في تصرفاتها ومظهرها الخارجي".

من جهته، شبه مدير مركز صدى للأبحاث واستطلاع الرأي السوري محمد برو هذا النوع من الزواج بالنمط البدوي القديم بسبب إقبال الرجل التركي فقط على جمال المرأة السورية دون النظر إلى خلفيتها الثقافية أو بيئتها الاجتماعية.

ورغم هذا، توقع برو أن البصمة السورية ستغطي على التركية داخل هذه الأسر مستقبلا "خاصة في موضوع اللغة العربية".

أكباش حذر من مافيات الاتجار باللاجئات (الجزيرة)
أكباش حذر من مافيات الاتجار باللاجئات (الجزيرة)

تغيير المجتمع
ويتوقع إلفيسيا يلماز -وهو مدير مقهى في إسطنبول- ارتفاع عدد هذه الزيجات بسبب تشابه الثقافتين التركية والسورية، موضحا أن انتقال السوريات من خانة اللجوء إلى المواطنة "سيؤدي لنشوء أقلية سورية داخل المجتمع التركي".

من جهته أشار الأخصائي الاجتماعي إمراح أكباش إلى أن "الزواج السوري التركي" ليس ظاهرة جديدة لكنها خرجت من مسارها الطبيعي المتجسد في الرضا والقبول وباتت مهددة بالاستغلال.

وعزا ذلك إلى الفقر وقلة الحيلة اللذين يدفعان اللاجئة السورية إلى أن تكون زوجة ثانية لا يعترف القانون بحقوقها، مما يجعلها ضحية لاستغلال الرجل التركي، ويرى أن الأخطر من ذلك هو "مافيات الاتجار بالمرأة السورية، التي باتت تنشط تحت غطاء تزويج السوريات بالأتراك".

وتتواتر معلومات عن زواج أتراك بقاصرات سوريات، ولم يثبتوا زواجهم بسبب اشتراط القانون التركي سن 18 قانونيا لزواج الفتاة.

ويقول أكباش إنه في حال حماية هذه الزيجات بشكل صحيح فستساهم في ترسيخ الديمقراطية بتركيا عن طريق تغيير بنية المجتمع وجعله بيئة تقبل وتحترم وتتعايش مع الثقافات الأخرى بشكل حقيقي وواقعي.

المصدر : الجزيرة