مياه الصرف الصحي بقطاع غزة تنذر بكارثة بيئية

محطة المعالجة جنوب مدينة غزة، لا يمكن تشغيلها على مدار الساعة بسبب أزمة الكهرباء
محطة المعالجة جنوب غزة لا تشتغل على مدار الساعة بسبب أزمة الكهرباء (الجزيرة)

أحمد عبد العال-غزة

لم تعد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة تقتصر على الظروف الاقتصادية والإنسانية القاسية، بل إن كارثة بيئية خطيرة أصبحت تهدد بيئتهم البحرية وثروتهم السمكية ومياههم الجوفية، نتيجة لتواصل ضخ المياه العادمة في البحر وفي برك تجميع مياه الصرف الصحي دون معالجة في ظل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

ووصفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أزمة معالجة مياه الصرف الصحي بغزة بأنها "قنبلة موقوتة" قد تنفجر على شكل مجموعة من الأمراض بالمنطقة، إذا لم يتم إنهاء المشكلة عبر زيادة حجم الكهرباء الموردة إلى قطاع غزة لتمكين محطة معاجلة المياه العادمة من العمل على مدار الساعة.

ويقول المدير العام للمياه والصرف الصحي في بلدية مدينة غزة سعد الدين الأطبش إن انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من ستة أعوام لفترة تمتد من 12 إلى 18 ساعة يوميا بالموازاة مع عدم قدرة البلديات على توفير الوقود اللازم لتشغيل مولدات كهرباء احتياطية بسبب العجز المالي، يعطل عمل محطات المعالجة الأمر الذي يضطر هذه البلديات إلى ضخ المياه العادمة في البحر دون معالجة أيضا.

‪بلدية غزة اضطرت لإنشاء أحواض عشوائية لمياه الصرف الصحي‬ (الجزيرة)
‪بلدية غزة اضطرت لإنشاء أحواض عشوائية لمياه الصرف الصحي‬ (الجزيرة)

تلويث
ولا تقتصر الأزمة على تلويث شاطئ البحر بل إن أي توقف لمحطة مركزية تضخ 40 ألف متر يوميا من مياه الصرف الصحي من الأحياء السكنية إلى برك التجميع والمعالجة ينذر بعودة هذه المياه إلى المنازل وإغراقها.

وبحسب الأطبش تضطر البلدية إلى استخدام كهرباء المولدات الاحتياطية لتشغيل محطات ضخ المياه العادمة الواقعة وسط المناطق السكنية بدلا من استعمالها في مضخات آبار مياه الشرب.

ويشير الأطبش إلى أن أي تلوث في شواطئ مدن قطاع غزة تتأثر به الشواطئ الإسرائيلية مما يدفع الاحتلال إلى تسهيل دخول بعض المعدات والمضخات إلى القطاع للتخفيف من هذا التلوث.

وتمتد أزمة المياه العادمة إلى مناطق أخرى في قطاع غزة، فقرية أم النصر الواقعة على الحدود الشمالية للقطاع تعاني هي الأخرى من أزمات بيئية وصحية بسبب وجود تسعة أحواض لتجميع مياه الصرف الصحي في أراضيها إضافة لحوض عشوائي تم إنشاؤه وإحاطته بالسواتر الترابية لضمان عدم تسرب هذه المياه إلى المناطق السكنية المجاورة.

الأطبش: التلوث بشواطئ غزة تتأثر به نظيرتها الإسرائيلية(الجزيرة)
الأطبش: التلوث بشواطئ غزة تتأثر به نظيرتها الإسرائيلية(الجزيرة)

وتزداد الأزمة في قرية أم النصر سوءًا بسبب ضخ كميات هائلة من المياه العادمة تفوق القدرة الاستيعابية لأحواض التجميع، مما يهدد بغرق منازل القرية في أي وقت، كما حصل عام 2007، وقتل نتيجة ذلك ستة أشخاص.

ويقول رئيس بلدية أم النصر زياد أبو فرية إنه في عام 2004 بدأ مشروع لإنشاء محطة مركزية شرق قطاع غزة وتم ربطه ببرك تجميع المياه في القرية في محاولة لإنهاء معاناتها لكن المشروع تعطل بسبب مماطلة الاحتلال الإسرائيلي في السماح بإدخال بعض المعدات والأجهزة الضرورية بالتزامن مع أزمة الكهرباء المتواصلة منذ عام 2006 نتيجة القصف الإسرائيلي لمحطة التوليد.

توسعة
وبحسب أبي فرية فإن هذه القرية الحدودية تنتظرها كارثة خطيرة إذا لم تُعالَج أزمتها، حيث إن أحواض التجميع بالقرية تصلها يوميا كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي دون أن تتم معالجتها بالشكل المطلوب.

من جهته يقول مدير دائرة المياه في سلطة جودة البيئية الفلسطينية تامر الصليبي إن نحو مائة ألف متر مكعب من المياه العادمة المعالجة جزئيا أو غير المعالجة تضخ في البحر يوميا الأمر الذي أدى إلى تلوث 35% من ساحل القطاع، مشيرا إلى أن مساحة التلوث تزداد مع زيادة أزمة الكهرباء.

‪الصليبي: مشاريع إنهاء أزمة الصرف الصحي تصطدم بمشكلة الكهرباء‬ (الجزيرة)
‪الصليبي: مشاريع إنهاء أزمة الصرف الصحي تصطدم بمشكلة الكهرباء‬ (الجزيرة)

ويؤكد الصليبي أن جميع مشاريع إنهاء أزمة الصرف الصحي تصطدم بمشكلة الكهرباء ومنع إسرائيل دخول المواد والمعدات اللازمة لمواجهة هذه المشكلة.

ووفق مراقبين فإن عدم إيجاد حل سريع وفعال لأزمة مياه الصرف الصحي سيؤدي إلى الإضرار بصحة السكان في القطاع نتيجة تلوث الهواء، كما سيؤدي إلى الإضرار بالخزان الجوفي بسبب تسرب المياه العادمة إليه، إضافة إلى إلحاق أضرار هائلة بالأراضي الزراعية القريبة من أحواض تجميع ومعالجة هذا النوع من المياه.

المصدر : الجزيرة