تشكيك بتدابير الحكومة التونسية لخفض البطالة

جانب من احتجاجات لمعطلين عن العمل في تونسالعاصمة تونس - جانفييناير2016
أحد احتجاجات المعطلين في العاصمة التونسية (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

تتواصل احتجاجات المعطلين في عديد المناطق في تونس، والتي ترزح تحت بطالة خانقة بسبب تراجع النمو الاقتصادي وتعطل التنمية، في وقت تعاني فيه الحكومة من صعوبات للخروج من الأزمة رغم بعض الإجراءات لخفض نسبة البطالة المرتفعة، وهي الإجراءات التي يشكك العديد في نجاعتها.

وعلى الرغم من عودة الهدوء الأمني ورفع حالة حظر التجول إثر أعمال عنف شهدتها البلاد الأيام الماضية بالتزامن مع اندلاع احتجاجات عارمة للعاطلين، ما تزال حالة الغليان الاجتماعي قائمة في أرجاء البلاد.

وقد تزايدت بشكل لافت محاولات الانتحار حرقا على طريقة مفجر الثورة محمد البوعزيزي، وأيضا حالات الدخول في إضرابات عن الطعام وخياطة الأفواه من قبل العاطلين، في مشاهد تعكس صورة قاتمة عن الأوضاع.

ولم يقتصر غضب العاطلين على تلك الأفعال، ففي الكثير من الأحيان يغلق هؤلاء المحتجون بعض الطرقات وسكك الحديد والمصانع والشركات، وهو ما يكبد البلاد خسائر ثقيلة، ويزيد من توتر مناخ الأعمال.

رواتب النواب
ومع أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد تعهد بخفض البطالة رغم إقراره بصعوبة الأزمة، فإن بعض القرارات الأخيرة زادت من تأجيج الوضع مثل الإعلان عن رفع رواتب نواب البرلمان بقيمة تسعمئة دينار (445 دولارا).

ويقول وليد العرقوبي، وهو أحد المعطلين من حملة الشهادات العليا، إن "نواب البرلمان يتظاهرون أمام الناس بالدفاع عن مصالح الشعب، لكنهم في الحقيقة لا يكترثون سوى لمصالحهم الذاتية".

وعندما تسأل هذا الشاب الذي درس الاقتصاد والإدارة عن تقييمه للإجراءات التي قدمتها الحكومة لامتصاص البطالة، يقول ضاحكا بتهكم "عن أية إجراءات تتحدث؟ لقد سئمنا نحن الشباب الانتظار والوعود الكاذبة".

الانطباع نفسه، أعرب عنه بشير مولهي الذي كان جالسا مع أصدقائه المعطلين بأحد مقاهي العاصمة يتبادلون الحديث عن تردي الوضع في البلاد، وقال "لقد تلاشت أحلامنا ولا نرى أي مؤشرات مطمئنة".

الطبقة السياسية
كغيره من حاملي الشهادات العليا، كان يحلم هذا الشاب الذي درس البيولوجيا بتحسين فرص التوظيف بعد الثورة، لكنه يقول للجزيرة نت إن "الطبقة السياسية تصارعت على السلطة، وفشلت في إدارة شؤون البلاد والعباد".

وتظهر بعض نتائج سبر الآراء تراجعا حادا في مؤشر ثقة الشباب التونسي في ظل تراجع معدل النمو الذي قارب الصفر، وارتفاع معدل البطالة والفقر، واستشراء الفساد، وكثرة العراقيل الإدارية وضعف التمويلات البنكية.

‪سعيدان: تراجع نمو الاقتصاد التونسي للصفر يجعله عاجزا عن خلق وظائف‬ (الجزيرة)
‪سعيدان: تراجع نمو الاقتصاد التونسي للصفر يجعله عاجزا عن خلق وظائف‬ (الجزيرة)

ويقول الاقتصادي عز الدين سعيدان للجزيرة نت إن الاقتصاد التونسي يمر بوضع صعب للغاية بعد دخوله في حالة انكماش العام الماضي، مبينا أن تراجع نسبة النمو للصفر يجعله عاجزا عن خلق وظائف.

وليس هذا فحسب -يضيف سعيدان- فصعود نسبة البطالة إلى 15.3% مع نهاية العام الماضي دليل على أن الاقتصاد بصدد خسارة مناصب شغل جراء غلق بعض الفنادق السياحية والاستثمارات الأجنبية.

مخطط التنمية
ورغم أن رئيس الحكومة أعلن منذ أيام عن مخطط للتنمية على مدى السنوات الخمس المقبلة لخفض البطالة إلى 11%، واستثمار 215 مليار دينار (106 مليارات دولار) فإن سعيدان يستبعد تحقيق ذلك.

ويقول الاقتصادي التونسي للجزيرة نت إن الحكومة تتحدث عن تحقيق نمو بنسبة 6% في أفق سنة 2020، لكن الأوضاع الاقتصادية المنكوبة لا تبشر بذلك، خاصة في ظل غياب الرؤية والإصلاحات واستمرار تدهور مناخ الأعمال.

من جهة أخرى، يقول اقتصادي آخر هو معز الجودي إن حل أزمة البطالة لدى حاملي الشهادات -البالغ عددهم نحو ثلاثمئة ألف- يتطلب الإسراع في إصلاح منظومة التعليم والتكوين كي تتلاءم مع متطلبات سوق الشغل.

ويقول الجودي للجزيرة نت إن أزمة البطالة كانت مستفحلة قبل اندلاع الثورة رغم تسجيل نمو يتراوح بين 4% و5%، وذلك بسبب آليات التشغيل الهشة وعدم إصلاح منظومة التعليم لتكون مرتبطة بحاجيات سوق الشغل.

المصدر : الجزيرة