أحلام المصريين.. يأس أم تشبث بالأمل؟

FILE - In this Thursday, June 27, 2013 file photo, Egyptians shop for food at a popular market in Cairo, Egypt. Egypt is raising the limit of how much foreign currency importers of essential goods, that include basic food commodities, industrial equipment, raw materials for production and medicines, can deposit in the bank, the Central Bank said in a statement on Tuesday, Jan. 26, 2016, in a move that will be welcomed by businesses. (AP Photo/Hassan Ammar, File)
الأزمة السياسية والاقتصادية دفعت المصريين للهروب إلى الأحلام في محاولة للتشبث بأمل (أسوشيتد برس)
عبد الله حامد-القاهرة

سيرة الرؤى والأحلام مع المصريين تاريخية، من رؤية النبي يوسف عليه السلام مرورا بحلم الملك بالبقرات العجاف والسمان، إلى حلم فرعون مصر بنهايته على يد فتى من بني إسرائيل.

وعلى منصة رابعة عقب الانقلاب روت سيدة حلمها بطيور خضراء على كتفي الرئيس المعزول محمد مرسي فسرها مناصروه بأنها سنوات رئاسته الآتية بالحكم.

ولا يزال المصريون بمختلف انتماءاتهم يتداولون باعتقاد شبه يقيني رؤى منامية سياسية باعتبارها مبشرات أو منذرات لأحداث قادمة.

هاني: الأحلام قد تشكل حيلة نفسية دفاعية (الجزيرة)
هاني: الأحلام قد تشكل حيلة نفسية دفاعية (الجزيرة)

نكوص
بشأن هذا الموضوع يرى استشاري الصحة النفسية محمد هاني أن شيوع الاعتقاد بتأثير الأحلام في مجريات الأمور الشخصية والعامة بين مختلف الطبقات والتيارات يأتي نتاج محاولة البحث عن حلول خرافية، وارتداد للوراء، وهو نوع من التنفيس في مجتمع محتقن مأزوم.

وتابع في حديثه للجزيرة نت أنه مع يقين الإنسان بثوابت قد يؤدي عدم تحققها لاضطرابات نفسية فإنه يحلم لنفسه أو لمن يحب بالخير، ولا سيما إذا فشل هو أو من يؤيده، وهنا تبرز الدوافع النفسية اللاشعورية للشخص بما يسمى النكوص، وتقمص دور بطل الأساطير، فيحقق بالحلم ما عجز عنه بالواقع.

وأضاف استشاري الصحة النفسية أنه مع تزايد انشغال الناس بالوضع العام ومع انعدام الحلول تتدخل الأحلام كحيلة نفسية دفاعية، مشيرا إلى أنه "بعدم تحقق الأحلام يكون الانسحاب لخندق الاهتمامات الخاصة، أو السقوط بهوة الاكتئاب، أو باليأس المدمر".

غادة مظلوم: انتشار رؤى بعينها يسمى التواطؤ على الرؤيا (الجزيرة)
غادة مظلوم: انتشار رؤى بعينها يسمى التواطؤ على الرؤيا (الجزيرة)

علامات وتفاسير
من ناحيتها، شرحت اختصاصية الاستشارات الاجتماعية والنفسية ومفسرة الأحلام غادة مظلوم أنواع الرؤى والأحلام، وأضافت أن الرؤيا المتعلقة بالوضع العام يتم تفسيرها وفق إشاراتها.

وأوضحت أنه ضمن علامات الرؤيا الحق أن "مشاهدها وكلماتها قليلة، ويسهل تذكرها جيدا لفترة، مع الانشغال بها بشرط صلاح الرائي"، مؤكدة أن انتشار رؤي بعينها بين كثيرين يسمى "التواطؤ على الرؤيا".

بدوره، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي محمد سيد أحمد أن فشل تيارات سياسية أدى ببعض مؤيديها للتوحد مع حلم السلطة "منكرين للوقائع المستجدة".

وتابع للجزيرة نت أنه مع طول الانتظار يتحول الحلم إلى كابوس، وهو ما يولد عنفا وإرهابا، خاصة لدى الشباب الأكثر تحمسا والأقل ثقافة، وأضاف أن تداول بعض الأحلام يعني أن مجموعات كاملة أصيبت باضطرابات جماعية نتاج إحباط فصيل بعينه تعرض أفراده لنفس التجربة بذات الوقت، بحسب رأيه.

موقف الشرع
من جانبه، يوضح عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح خالد سعيد أن "الرؤيا لا تشرع حكما، غير أنها بشرى المؤمن كما نبأ النبي صلى الله عليه وسلم بصحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال، قال رسول الله: لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات؟ قال الرؤيا الصالحة".
الزعفراني: لا يجوز شرعا اتخاذ الأحلام دليلا لتشريع (الجزيرة)
الزعفراني: لا يجوز شرعا اتخاذ الأحلام دليلا لتشريع (الجزيرة)

وأضاف للجزيرة نت أنه "يجوز الاستئناس بالرؤى مع مراعاة إفهام الناس عند تداولها، خاصة بفترات الأزمات، فقد يتلقفونها ويبنون عليها أحكاما أو يتكاسلون عن واجب شرعي كالمبادرة للتغيير اعتمادا على حتمية تحقق الرؤى".

أما الباحث بشؤون الحركات الإسلامية خالد الزعفراني فيؤكد أنه "لا يجوز شرعا اتخاذ المنامات دليلا لتشريع، أو لتحسين أو تقبيح عمل ما كما يفعل مدعو التصوف، والتدليل بها على صحة موقف سياسي ما دليل تردي حال بعض الحركات الإسلامية"، محذرا من معاداة المجتمع.

المصدر : الجزيرة