التعاون التنموي.. محاولة القاهرة استدراك أزمة "النهضة"
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
وأصدر الرؤساء الثلاثة بيانا مشتركا عقب الاجتماع، المنعقد على هامش منتدى إفريقيا 2016 بمدينة شرم الشيخ المصرية، أكدوا فيه تعزيز التعاون وإنشاء صندوق تمويل مشترك لتنفيذ مشروعات تنموية في الدول الثلاث.
وأشار بيان للرئاسة المصرية إلى الاتفاق على تشكيل لجان سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بحيث تتولى لجنة الشؤون السياسية التنسيق بين أعمال اللجان الأخرى، والنظر في مقترحات سبل التعاون في الاجتماع القادم بعد ستة أشهر.
وذهب السيسي لأبعد من ذلك، فأعلن -أثناء لقائه الأحد مع مستثمرين محليين وأجانب- استعداد مصر لإنشاء طريق بري ينفذ خلال عام واحد لربطها بإثيوبيا عبر السودان.
وتعقيبا على اللقاء الثلاثي الأخير بين أطراف الأزمة، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريح صحفي، عدم وجود ميزانية محددة للصندوق المزمع إنشاؤه، وتوقع أن تكون حصيلته متواضعة في البداية وفقا لإمكانيات الدول الثلاث.
من جهته نفى السفير الإثيوبي بالقاهرة محمود درير في تصريح تلفزيوني ما تردد عن تطرق أطراف الاجتماع الأخير لأزمة سد النهضة.
أجواء قلق
وتبدو صورة التعاون التنموي من بعيد متفائلة، لكن التدقيق في تصريحات معنيين بالجانب الاقتصادي تشير لغير ذلك، فبالتزامن مع إعلان الاتفاق الثلاثي، صرح أحد أهم رجال الأعمال المصريين سميح ساويرس عن تأجيل مشروعات شركة أوراسكوم للإنشاءات في إثيوبيا ترقبا لما ستؤول إليه أزمة السد.
وأكد في تصريح صحفي على هامش منتدى إفريقيا 2016، عدم استعداده لبدء مشروع إسكاني في إثيوبيا في أجواء قلقة.
ولم تفض المباحثات بين الأطراف الثلاثة لحل أزمة سد النهضة، على مدار عشر جولات بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، سوى إصرار الأخيرة على حقها في استكمال مشروعها.
وبدأت أديس أبابا بناء مشروعها في أبريل/نيسان 2011 لتنتهي حتى الآن من تشييد أكثر من 50% من جسم السد، واعترضت القاهرة عليه خوفا من تأثيره سلبا على حصتها من مياه النيل، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
مجاملة واستدراك
من جانبه اعتبر السفير السابق الخبير في الشأن الإفريقي بلال المصري الإعلان عن إجراءات التنمية الثلاثية نوعا من الدعاية البروتوكولية والمجاملات التي لا طائل وراءها.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن العوائق بين الدول الثلاث، وعلى رأسها ملف سد النهضة، لا يمكن تجاوزها بإعلان عن بدء مشروعات تنمية مشتركة.
وتساءل مستنكرا "هل مصر المأزومة اقتصاديا تمتلك المال اللازم لتقديم مشروعات تنمية لدول أخرى"؟
وأكد الدبلوماسي السابق أن القاهرة أفلست في معالجة ملف سد النهضة، وأشار إلى إتمام أديس أبابا بناء نحو 60% من جسم السد المائي الذي سيحرم مصر من ربع حصتها السنوية من المياه.
وأشار إلى تعامل إثيوبيا مع قضية السد باعتبارها أمنا قوميا، ما يعني استبعاد تزحزح موفقها تجاه إتمام بناء مشروعها سواء بحل سياسي أو تقارب تنموي جاء متأخرا، حسب وصفه.
واعتبر المصري تصرفات الدبلوماسيين الإثيوبيين تضييعا للوقت، بينما ما تفعله القاهرة استمرار لفشل بدأ في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بشأن إدارة هذا الملف.
ويرى المحلل السياسي أسامة الهتيمي أن التعاون الثلاثي المزمع ربما يكون محاولة لاستدراك بعض مما فات الجانب المصري أو لإثبات جدية القاهرة في الإسهام واقعا بمشروعات تنمية.
وأضاف للجزيرة نت أن ما أسفرت عنه القمة الثلاثية أكد استبعاد الخيار العسكري المصري الذي طالب به البعض مؤخرا للتعاطي مع قضية السد.
ولكن في الوقت نفسه رأى الهتيمي أن القمة الأخيرة زادت من ضبابية المشهد، وأردف "لم تعط لنا جوابا شافيا حول قضية السد التي ربما هي الأهم في العلاقات البينية بين الدول الثلاث".
غير أن ثمة إيجابية محتملة إزاء تفعيل هذا التعاون، حسب توقع المحلل السياسي، وهي المتعلقة بما يُفرض على الجانب الإثيوبي من بحث حلول جادة للآثار السلبية المحتملة جراء بناء السد بحيث تتحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.