تقدم النظام السوري في الجنوب وتداعياته

صور من أرض المعارك (تقدم للنظام في الجنوب السوري بعد تأجيل محادثات جنيف)
المعارضة السورية قالت إنها فضلت الانسحاب من معركة الشيخ مسكين لتجنب وقوع خسائر بشرية أكبر (الجزيرة)

عمار خصاونة-الجزيرة نت

يشن النظام السوري منذ شهر ونصف حملة شرسة على درعا، عنوانها الأساسي "سياسة الأرض المحروقة"، وكان أول أهدافها نجاحه في انتزاع مدينة الشيخ مسكين التي يسيطر عليها الثوار منذ العام 2015.

ويهدف نظام الأسد -حسب قادة بالمعارضة المسلحة- إلى كسب موقع القوة في مفاوضات جنيف عبر سيطرته على مناطق إستراتيجية.

واستمرت معركة الشيخ مسكين -عقدة مواصلات الجنوب السوري- نحو شهر تقريبا، استطاع النظام خلاله إحكام سيطرته عليها بمساعدة من قوات إيرانية ومليشيات طائفية لبنانية وعراقية وأفغانية دعمت التقدم البري، وتغطية جوية روسية، وغياب شبه تام للعنصر السوري، على حد تعبير ناشطين.

وصرح أبو كنان الشريف قائد جيش اليرموك -أحد أكبر فصائل الجبهة الجنوبية- بأن النظام أحكم سيطرته على الشيخ مسكين بعد 35 يوما من المعركة، فكثافة الطلعات الجوية التي تجاوزت الألف طلعة وكثافة القصف المدفعي والصاروخي وسوء التنسيق بين فصائل الجيش الحر، كانت أسبابا كفيلة بخروج المدينة عن سيطرة الثوار.

ويضيف الشريف في حديث للجزيرة نت أن النظام باشر حملته بعد الشيخ مسكين باقتحام بلدة عتمان مدخل مدينة درعا الشمالي، وأحكم سيطرته عليها بعد معركة دامت ثلاثة أيام، وارتأت قيادة جيش المعتز بالله التابع للمعارضة، الانسحاب لتجنب وقوع خسائر مادية وبشرية أكبر، مشيرا إلى أن النظام استخدم في المنطقتين سياسة الأرض المحروقة، حيث إن ما يزيد على 80% في المنطقة بات مدمرا بشكل شبه كامل.

مناطق تمدد النظام بعد التدخل الروسي (الجزيرة)
مناطق تمدد النظام بعد التدخل الروسي (الجزيرة)

المصالحة والاقتحام
وتقع مدينة الشيخ مسكين وبلدة عتمان على نفس الخط ويمر بمنتصفهما طريق دمشق الرئيسي القديم الذي يمر بعد عتمان شمالا بمدينة داعل ومن ثم بلدة إبطع تليها مدينة الشيخ مسكين. وعمد النظام إلى توجيه رسائل تهديد لمنطقتي إبطع وداعل بعد سيطرته على الشيخ وعتمان، كان مفادها إما المصالحة أو الاقتحام.

وكانت عتمان تعد خط تماس مباشر مع قوات النظام في مدخل درعا الشمالي، مما جعل البلدة خالية من سكانها المدنيين المتوزعين على مناطق أخرى في ريف درعا، وكانت تعد من أهم جبهات درعا حيث إنها على تماس مباشر مع مدينة "الباسل" الرياضية التي تُعد مركز قيادة للعمليات العسكرية للنظام في درعا.

وعن الأهداف القادمة للنظام، يذكر الشريف أن الاحتمالات مفتوحة، فحتى الآن لم يتوضح الهدف الأساسي للنظام من هذه الحملة، مشيرا إلى أن فصائل الجيش الحر تعمل على رص صفوفها بشكل أكبر وامتصاص هجمة النظام ومن ثم الانطلاق لاستعادة ما خسرته في الآونة الأخيرة والتقدم لتحرير مناطق جديدة.

غير أن النظام وبسيطرته على الشيخ مسكين يغدو أقرب إلى إحكام السيطرة على طريق دمشق القديم الذي يصله بمدينة الصنمين أكبر معاقل النظام في الجنوب وصولا إلى العاصمة دمشق، ولهذا ترى بعض القيادات العسكرية في الجيش الحر أن النظام ربما يستخدم هذا الطريق كطريق إمداد آخر لقواته في مدينة درعا.

العدنان: من يحقق الانتصار الأكبر على الأرض سيكون صاحب الموقع الأقوى في المفاوضات (الجزيرة)
العدنان: من يحقق الانتصار الأكبر على الأرض سيكون صاحب الموقع الأقوى في المفاوضات (الجزيرة)

محادثات جنيف
ويرى الشريف أنه يممكن أن يكون الهدف القادم للنظام هو السيطرة على معبر نصيب ومعبر درعا البلد القديم مع الأردن لإعادة سيادته على المنطقة، ولا يبعد الأخير عن تمركز قوات النظام أكثر من خمسة كيلومترات.

ولمفاوضات جنيف مع ما يحصل على الأرض علاقة وطيدة، حيث يصرح الناطق باسم جيش العشائر محمد العدنان بأن من يحقق الانتصار الأكبر على الأرض سيكون صاحب الموقع الأقوى في المفاوضات، مشيرا إلى أن اعتماد المعارضة على الحل السياسي جعل عملياتها العسكرية رخوة في الجنوب، مع تعمد الداعمين تقليل الدعم العسكري للجنوب حتى تتوضح الأمور.

وأكد العدنان في حديث للجزيرة نت أن النظام السوري يستعين بشكل واضح  بسلاح الجو الروسي وقوات إيرانية برية مدعومة بمليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية طائفية، مرجحا تواجد عناصر مصرية أيضا في الآونة الأخيرة.

المصدر : الجزيرة