دلالات عودة المغرب للاتحاد الأفريقي

A general view of the 26th African Union Summit at the African Union Headquarters in Addis Ababa, Ethiopia, 30 January 2016. While the Summit's official theme is human rights in Africa, African leaders are meeting to discuss whether to deploy AU's 5,000- strong peacekeeping forces to troubled Burundi in a bid to end the armed crisis in the country despite Burundi's strong opposition.
مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا (الأوروبية)

الحسن أبو يحيى-الرباط

قلّل مراقبون من أهمية بعض المواقف الرافضة لعودة المغرب للاتحاد الأفريقي على اعتبار أن 13 دولة أفريقية فقط من أصل 54 هي التي تعترف بجبهة البوليساريو

وبينما يرى مراقبون أن عودة المغرب ستسمح له بالدفاع عن وحدته الترابية، يرى آخرون أن الترحيب الواسع بقرار الرباط مؤشر على أهمية المغرب بالنسبة لأفريقيا بحكم موقعه ووزنه الإقليميين.

وانسحب المغرب من منظمة الوحدة الأفريقية (تغيّر اسمها لاحقا إلى الاتحاد الأفريقي) في نوفمبر/تشرين الثاني 1984 احتجاجا على قبول انضمام البوليساريو.

وكانت أول ردود الفعل الرافضة لطلب المغرب قد صدرت عن وزيرة خارجية ناميبيا التي قالت إن المغرب لا مكان له في الاتحاد الأفريقي، وهي التصريحات التي وصفها الباحث في الشؤون الأفريقية أحمد نور الدين بالمنعدمة التأثير بالنظر لكون 13 دولة أفريقية فقط من أصل 54 هي من تعترف بجبهة البوليساريو.

نور الدين: عضوية المغرب حُسمت بالأغلبية (الجزيرة)
نور الدين: عضوية المغرب حُسمت بالأغلبية (الجزيرة)

عضوية محسومة
وقال نور الدين للجزيرة نت إن الرسالة التي وقعتها 28 دولة في يوليو/تموز الماضي وتم توجيهها إلى القمة الأفريقية المنعقدة في رواندا، تحسم عضوية المغرب بالأغلبية لأنّ القانون الأساسي للاتحاد ينصّ في المادة 29 على أنه "بمجرد توصُّل رئيس المفوضية بموافقة الأغلبية البسيطة من الدول الأعضاء، فإن البلد المعني بطلب العضوية يصبح عضوا في الاتحاد الأفريقي". 

من جانبها قالت ممثلة المغرب في الاتحاد البرلماني الأفريقي آمنة ماء العينين للجزيرة نت إنه من الطبيعي أن يكون هناك مؤيدون كثر لعودة المغرب باعتباره مؤسسا تاريخيا لمنظمة الوحدة الأفريقية، وهو ما يعبّر عن الوعي بمكانة المغرب ودوره الهام في تقوية العلاقات الأفريقية، وما سيعطيه ذلك من إشعاع للقارة بفضل موقعه الجغرافي وثقله السياسي باعتباره نموذجا جاذبا في المنطقة.

ومن الطبيعي أيضا -تضيف ماء العينين- أن تعارض بعض الدول عودة المغرب نظرا لتأثرها بتحركات الجزائر، وارتباط مصالحها بها "وذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الطابع المصلحي والانتهازي الذي توظف من خلاله الجزائر أموالها في أفريقيا، حيث تربط المنح والمساعدات والاستثمارات بانتزاع مواقف معادية للوحدة الترابية للمغرب". 

لكريني: المغرب عاد لمكانه الطبيعي(الجزيرة)
لكريني: المغرب عاد لمكانه الطبيعي(الجزيرة)

لمّ الشمل
من جانبه اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش إدريس لكريني أن ترحيب عدد كبير من الدول الأفريقية مؤشر واضح على أنها تراهن على عودة المغرب إلى مكانه الطبيعي من أجل لمّ شمل أفريقيا اعتبارا لمكانة المغرب ووزنه الإقليمي وما راكمه من تجربة.

وقال لكريني للجزيرة نت إنه يجب الانتباه إلى أن الرسالة التي وجهتها أغلبية أعضاء المنظمة بخصوص عودة المغرب لا ترحب بعودته فقط، بل إنها تدعو إلى إخراج جبهة البوليساريو من المنظمة باعتبار الجبهة كيانا دفع المغرب إلى المغادرة.

واعتبر أن الظروف الإقليمية والسياقات الداخلية والدولية التي يقرّر فيها المغرب اليوم العودة مختلفة تماما عن السياق الذي قرّر فيه المغادرة، وهي عودة -برأي لكريني- ستسمح للمغرب بتكسير منطق الصوت الواحد الذي ظل يتردد منذ الثمانينيات مروّجا لمغالطات تهم ملف وحدته الترابية.

‪‬ ماء العينين: عودة المغرب تأكيد لمكانته بالقارة(الجزيرة)
‪‬ ماء العينين: عودة المغرب تأكيد لمكانته بالقارة(الجزيرة)

عودة قوية
وضمن السياق ذاته، قالت ماء العينين إن عودة المغرب تخدم مصالحه الاقتصادية والسياسية، وخاصة منها إنهاء سياسة المقعد الشاغر، والعودة القوية للتأثير في القرار الأفريقي، و"تصحيح المغالطات التي سهرت الجزائر والبوليساريو مطولا على نشرها". 

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قال في خطاب ألقاه الأحد من العاصمة السنغالية دكار بمناسبة ذكرى مرور 41 عاما على المسيرة الخضراء إن المغرب راجع إلى مكانه الطبيعي، ويتوفر على الأغلبية الساحقة لشغل مقعده داخل الأسرة المؤسسية الأفريقية. 

وقال العاهل المغربي إن هذه العودة "ستمكن المغرب من الدفاع عن حقوقه المشروعة، وتصحيح المغالطات، التي يروج لها خصومه داخل المنظمة الأفريقية، وسنعمل على منع مناوراتهم لإقحامها في قرارات تتنافى مع الأسس التي تعتمدها الأمم المتحدة لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وتتناقض مع مواقف أغلبية دول القارة".

المصدر : الجزيرة