هل يسعى كيري إلى إنهاء الشرعية في اليمن؟

U.S. Secretary of State John Kerry (R) meets with Oman's Foreign Affairs Minister Yusuf bin Alawi bin Abdullah in Muscat, Oman, November 14, 2016. REUTERS/Mark Ralston/Pool
وزير خارجية أميركا يلتقي نظيره العُماني يوسف بن علوي بمسقط (رويترز)

محمد أفزاز

أعاد اتفاق مسقط بشأن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية في اليمن الجدل من جديد بشأن حل الأزمة في هذا البلد العربي، فبينما رحبت به أطراف في مقدمتها حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، رفضت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي هذا الاتفاق الذي تم برعاية أميركية، وسط تحذيرات مراقبين من أن يؤدي ذلك لإنهاء الشرعية وتثبيت ما وصفوه بالمشروع الإيراني بالمنطقة.

فقد أعلن وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي قبل يومين أنه جرى التوصل إلى اتفاق مع أطراف النزاع اليمني لتطبيق خريطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة، وتوقع أن يتم الاتفاق خلال الشهر المقبل على حكومة جديدة.

إعلان سبقه تصريحات لوزير الخارجية الأميركية جون كيري، في ختام جولة قادته إلى كل من السلطنة والإمارات، تحدث فيها عن اتفاق أطراف الأزمة على وقف الأعمال القتالية اعتبارا من اليوم الخميس 17 نوفمبر/تشرين الأول الجاري، والعمل من أجل تشكيل حكومة وحدة بحلول نهاية العام انسجاما مع المقترح الأممي الأخير.

وقد وجد هذا الاتفاق مباركة من جانب حزب المؤتمر الشعبي-جناح الرئيس المخلوع صالح الذي أعلن في بيان له الأربعاء استعداده للتعامل الإيجابي مع الاتفاق.

رفض رسمي
بالمقابل، أكد وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي أن ما جرى نوع من الاتفاق بين الحوثيين والأميركيين، وأن حكومته لن تلتزم به لأنها لم تكن طرفا فيه، معتبرا ما قاله كيري رغبة في إفشال مساعي السلام.

وهو موقف جعل المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إليزابيث ترودو تتدارك الوضع، وتعلن أن موعد وقف إطلاق النار ليس نهائيا وأنه مجرد اقتراح.


وقالت ترودو في مؤتمر صحفي إن الخارجية الأميركية تنتظر موافقة الحكومة اليمنية على هذا المسار الجديد، وإن المبعوث الدولي هو المخول له معرفة َالموقف الرسمي والنهائي من هذه التطورات
.

وغير بعيد عن هذا الموقف، جدد رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر تأكيده أن الحكومة تقف مع السلام شرط استنادها للمرجعيات المعترف بها دوليا والمرتكزة على المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن.

ويأتي هذا في وقت تصر الحكومة اليمنية على رفض الخريطة الأممية الأخيرة التي قدمها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد باعتبارها تكافئ "الانقلابيين"، بينما تطالب الحكومة بخريطة طريق جديدة لا تمس شرعية الرئيس هادي.

على الجانب الآخر، يبدو أنه لا تصريحات قد صدرت حتى الآن عن التحالف العربي، بينما أبدى الحوثيون استعدادهم لوقف إطلاق النار والمشاركة في حكومة وحدة وطنية.

شمسان: اتفاق مسقط يفتح الباب أمام صوملة اليمن(الجزيرة)
شمسان: اتفاق مسقط يفتح الباب أمام صوملة اليمن(الجزيرة)

وبرأي عدد من المحللين، فإن مبادرة كيري ستخدم كلا من إيران والحوثيين وتنهي شرعية حكومة هادي.

ويقول المحلل السياسي عبد الباقي شمسان إن انتخاب دونالد ترمب رئيسا لـالولايات المتحدة حمل إيران على التحرك بسرعة -عبر عُمان وإحدى دول التحالف العربي- من أجل إيجاد تسوية للأزمة تضمن نفوذا أكبر للحوثيين، وذلك قبل انتهاء فترة بارك أوباما، وهو ما ترجمته الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل نهاية العام.

إنهاء الشرعية
ويضيف شمسان -في تصريح لـالجزيرة نت– أن إيران تتخوف من تبدل الموقف الأميركي مع وصول ترمب، لذلك فهي تسعى إلى أن تستبق إمكانية أن تمنى جماعة الحوثي بخسارات أكبر المرحلة المقبلة بأن تمكن لنسخة شبيهة بـحزب الله اللبناني في اليمن تأخذ شكل مليشيات.

ويعتبر أن اتفاق مسقط لا يستجيب لمتطلبات الأمن القومي اليمني ولا يرقى لتطلعات الشعب، بقدر ما سيؤشر على إنهاء الشرعية، والتأسيس لما وصفها بمرحلة "صوملة اليمن" بل وتكريس ثنائية عقدية ليس في اليمن فحسب وإنما في العراق ودول عربية أخرى، وهو ما ترغب فيه طهران ويستجيب للإستراتيجية الأميركية.

من جهته، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي إن مبادرة كيري تطيح بالأساس الوحيد الذي تقوم عليه شرعية التغيير في اليمن، وتعطي "الانقلابيين" وفق وصفه مكافأة خطيرة، إذ "تشرعن انقلابهم وتمنحهم فرصة ثمينة للتحكم بمصير البلاد خلال المرحلة المقبلة".

‪التميمي: مبادرة كيري أخرجت السلطة الشرعية من المعادلة السياسية‬ (الجزيرة)
‪التميمي: مبادرة كيري أخرجت السلطة الشرعية من المعادلة السياسية‬ (الجزيرة)

ويضيف -في تصريح للجزيرة نت- أن مبادرة كيري "تمثل النسق الرابع من المبادرة الأممية لأنها صممت بناء على إملاءات الوزير الأميركي وفريقه " بعد مبادرة أولى عرضت في ختام مشاورات الكويت، وثانية في أغسطس/آب الماضي بجدة، ومبادرة المبعوث الأممي في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.

ويشير التميمي إلى أنه إذا كانت النسخ الثلاث من المبادرات قد جاءت على حساب المرجعيات الأساسية للحل في اليمن، فإن مبادرة كيري الأخيرة طوت هذه المرجعيات وأخرجت السلطة الشرعية الحالية من المعادلة السياسية، وألغت الحقائق الهائلة التي تحققت على الأرض مع وجود جيش وطني ومنطقة شاسعة محررة من البلاد.

ويقول أيضا "إزاء مبادرة كيري الأخيرة لم نعد نتحدث عن المرجعيات بل أصبحنا نتحدث عن مصير السلطة الشرعية" في وقت تؤول الحصيلة العسكرية والسياسية للأحداث العاصفة التي شهدتها البلاد طيلة الفترة الماضية لصالح الانقلابيين.

ويرى التميمي أن معادلة الصراع وفقا لتصور كيري باتت تتأسس على ثنائية التحالف والحوثيين.

المصدر : الجزيرة + وكالات