هل يمهد "تبييض المستوطنات" لضم الضفة لإسرائيل؟

مستوطنة حلميش التي أقيمت على أراضي خاصة لأهالي قرية النبي صالح قرب رام الله، تشرين الثاني/نوفمبر 2014.
مستوطنة حلميش التي أقيمت على أراضي خاصة لأهالي قرية النبي صالح قرب رام الله (الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

تنفس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصعداء حين تجاوز الأزمة الائتلافية التي عصفت بحكومته على خلفية تباين المواقف حيال قرار المحكمة العليا القاضي بإخلاء مستوطنة "عمونة" المقامة على أراض بملكية خاصة للفلسطينيين.

وصادق البرلمان الإسرائيلي (كنيست) بالقراءة التمهيدية مساء الأربعاء على قانون تسوية "عمونة" الذي بات يعرف بـ"تبييض المستوطنات" والذي يقضي بشرعنة المستوطنات بـالضفة الغربية المحتلة حتى تلك المقامة على أراض بملكية خاصة للفلسطينيين، وذلك مقابل دفع تعويضات مالية عن الأرض التي ستبقى مسجلة باسم مالكها، لكن مع سلبه الحقوق بالتصرف بها.

وأتت المصادقة على القانون خلافا لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي طعن بشرعية مستوطنة "عمونة"، وأقر بحقوق الملكية على الأرض للفلسطينيين، وطالب الحكومة بإخلائها حتى موعد أقصاه 25 كانون الأول/ديسمبر القادم.

‪قانون
‪قانون "تبيض المستوطنات" قد يمهد لضم الضفة الغربية لإسرائيل وتوسعة المشروع‬ (الجزيرة)

تهديدات وتفاهمات
وقبيل موعد الإخلاء الذي يتزامن مع التصويت على قانون "ميزانية الدولة"، نجح نتنياهو بلم شمل ائتلاف حكومته ومنع التصدعات عقب تهديدات اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة بحال عدم التصويت على قانون "عمونة"، كما توصل إلى تفاهمات مع وزير المالية رئيس "حزب كولانو" موشيه كحلون، سيجري بموجبها إدخال تعديلات على القانون تضمن عدم المساس بسيادة القضاء الإسرائيلي.

وبدا رئيس حزب "البيت اليهودي" الوزير نفتالي بينيت الذي هدد بإسقاط الحكومة "منتصرا"، حيث أصر على موقفه بالتصويت على قانون "تبيض المستوطنات" الذي يمهد لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

بالمقابل، حذر رئيس "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هرتسوغ الحكومة من تداعيات قانون "تبيض المستوطنات" الذي من شأنه أن يورط إسرائيل والجيش قبالة المجتمع الدولي، كون القانون يتنافى والدستور والمواثيق الدولية.

بدورها، أجمعت الأحزاب العربية بالكنيست على أن حكومة اليمين وبنهجها الاستيطاني الصهيوني وبتشريعها لهذا القانون العنصري الذي يتعارض مع المواثيق الدولية، تجر المنطقة إلى شفير الهاوية وتغلق الأفق أمام أي عملية سلام عادل، إضافة إلى تعميقها للصراع والعداء ودفن أي إمكانية لاستقلال الشعب الفلسطيني.

أيمن عودة: القانون تعميق الاحتلال وترسيخ للمشروع الاستيطاني وشرعنة جرائم المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني (الجزيرة)
أيمن عودة: القانون تعميق الاحتلال وترسيخ للمشروع الاستيطاني وشرعنة جرائم المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني (الجزيرة)

تحذيرات ودعوات
ويرى رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة القانون بمثابة تصعيد آخر من قبل الحكومة الإسرائيلية نحو تعميق الاحتلال وترسيخ للمشروع الاستيطاني وشرعنة جرائم المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني، وهو يقضي عمليا على هامش الديمقراطية التي تتغنى بها إسرائيل، وتعد صارخ على صلاحيات السلطة القضائية.

ولفت عودة في حديث للجزيرة نت إلى ضرورة السعي من أجل إسقاط حكومة نتنياهو التي ومن خلال تشريعها للقانون تتحدى المجتمع الدولي وتقوض مبدأ حل الدولتين، وتوجه رسالة إلى العالم بأن الاحتلال دائم من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أما النائبة عن الجبهة عايدة توما فأوضحت أن القانون سرقة للوطن ونهب لأراضي الفلسطينيين وانتهاك للمواثيق الدولية، وطالبت المجتمع الدولي بلجم حكومة نتنياهو التي تقود المنطقة إلى الهاوية، وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على أي فرصة للتسوية السياسية وإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.  

وقالت توما "على المجتمع الإسرائيلي أن يخرج عن صمته، فقد حان الوقت ليدرك أن حكومة الكوارث تجر المنطقة إلى خط اللاعودة الأمر الذي من شأنه أن يؤجج أيضا صراعات داخلية محورها حركة الاستيطان الصهيونية التي تريد القضاء على الشعب الفلسطيني".

‪باسل غطاس: حكومة نتنياهو اختارت تصفية خيار الحل السلمي العادل وإنهاء الصراع‬  (الجزيرة)
‪باسل غطاس: حكومة نتنياهو اختارت تصفية خيار الحل السلمي العادل وإنهاء الصراع‬  (الجزيرة)

ضم الضفة
بدوره، يجزم النائب عن التجمع باسل غطاس أن القانون يمهد لضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، وهذا يعني أن حكومة نتنياهو اختارت تصفية خيار الحل السلمي العادل وإنهاء الصراع وتكريس المشروع الاستيطاني وجرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

وعلى الرغم من ذلك، فقد أوضح غطاس للجزيرة نت أنه لا يوجد أي قانون يمكنه تبييض جريمة الاستيطان، ومهما شرعت إسرائيل من قوانين تبقى دولة محتلة للأرض والشعب الفلسطيني، فالسيادة على الأرض كانت وستبقى سيادة فلسطينية، لذا يتوجب على السلطة الفلسطينية ملاحقة إسرائيل والمشروع الاستيطاني بالمحافل الدولية.

المصدر : الجزيرة