المغرب.. تنتهي الحملة الانتخابية وتبدأ أخرى للنظافة
محمد عيادي-الرباط
ويعيش عمال النظافة في جل المدن المغربية إن لم يكن كلها حالة استنفار قصوى في اللحظات الأخيرة للدعاية الانتخابية لتنظيف الشوارع والأزقة، ويتواصل العمل إلى ساعات متأخرة من الليل، إلى بعد نهاية الأجل القانوني للحملات الانتخابية التي استمرت منذ الساعات الأولى ليوم 24 سبتمبر/أيلول الماضي إلى غاية منتصف ليلة الخميس.
وبنبرة غاضبة يقول سعيد العامل بإحدى شركات النظافة بالرباط إن العمل يتضاعف أيام الحملة الانتخابية، "وترهقنا الأوراق المرمية على الأرض، وتتطلب منا بذل جهد كبير"، لكنه يشير إلى أن الأمر ليس بجديد خاصة في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، فقد اعتاد وزملاؤه على هذا الوضع في كل محطة انتخابية.
إساءة للأحزاب
أما سائق سيارة الأجرة إدريس فيلفت الانتباه إلى أن موزعي المناشير الانتخابية من الشباب واليافعين يسعون في اللحظات الأخيرة من الدعاية للتخلص من كل ما لديهم من الأوراق برميها عشوائيا في الأزقة والشوارع.
ويقول إنهم لا ينتبهون إلى أن ذلك يسيء للحي والمدينة التي يقطنون بها، بل للحزب الذي ترمى أوراقه وشعاراته ورمزه الانتخابي على الأرض بتلك الطريقة المؤسفة التي تنم عن عدم النضج.
ويعتبر سعيد أن وضعه مع بعض زملائه أفضل نسبيا من رفاق العمل في أحياء شعبية أو هامشية، حيث تنتشر أوراق الدعاية الانتخابية بشكل كبير، محملا مسؤولية تلك الممارسة للأحزاب التي لا تنبه موزعي مناشيرها لتفادي هذا الأسلوب.
ويتفق مصعب الذي يشتغل بشركة لصيانة الآليات الطبية مع سعيد، ويرى أن هذه السلوكيات تعبر عن "ضعف مفضوح لدى كثير من الأحزاب التي تعجز عن تأطير وتكوين مناضلين في صفوفها وتنظيم الحملة الانتخابية دون الاستعانة بالشباب والقاصرين من خارجها لتنشيط حملاتها بمقابل مادي يسيئون للفضاء العام ويلوثونه بركام هائل من الأوراق".
الأحياء الشعبية
وتتركز ظاهرة تشتيت ورمي الأوراق الانتخابية بكثافة في عدد من الأحياء الشعبية، أما الأحياء التي توصف بالراقية أو القريبة منها فلا تعرف هذه الظاهرة، لأن الأحزاب السياسية تركز حملاتها الانتخابية على الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية.
ومع أنه لا يمكن وضع كل الأحزاب السياسية في سلة واحدة وتحميلها المسؤولية عن سلوك لا يحترم البيئة حسب رأي محمد القاطن بحي المحيط بالرباط، لكن ذلك لا ينفي أن ما يحصل "مهزلة وكارثة" وأن الأحزاب التي تروج لنفسها بهذه الطريقة "مستحيل أن تضع مصلحة المواطن على رأس أولوياتها، لأنها تعكر عليه صفو حيه بالنفايات والضجيج في الحملة بدل لغة الإقناع والتواصل الهادئ".
ويأمل مصعب أن تمنع الدولة في الانتخابات المقبلة الأحزاب السياسية في الحملات الانتخابية من اعتماد الأوراق، وحثها على ابتكار أساليب وطرق جديدة للدعاية من أجل الوصول إلى المواطن وإقناعه، وأكثر من ذلك يأمل في الاقتداء بالدول الغربية واعتماد شبكة الانترنت في الداعية الانتخابية.
لكن آمال مصعب قد يتعذر تحقيقها لأن شريحة من الفئة الناخبة أو التي تشارك في التصويت قد لا تتوفر على الإنترنت كما هو الحال في البوادي، أو لا تزال مرتبطة بشخص المرشح وتفضل التواصل المادي المباشر بدل التواصل الافتراضي.
ويبقى الأمل حسب عامل النظافة سعيد في ارتفاع الوعي باحترام البيئة، وأن تعيد كثير من الأحزاب السياسية النظر في طريقة توزيعها المناشير الانتخابية، التي تضطر بعض الساكنة إلى تنظيف أحيائها بنفسها.