دراسة تحذر من تحوّل تشويه المسلمين لممارسة بأوروبا

مظاهرة وسط لندن ضد الإسلاموفوبيا والتمييز ضد المهاجرين
مظاهرة وسط لندن ضد الإسلاموفوبيا والتمييز ضد المهاجرين (الجزيرة-أرشيف)

الجزيرة نت-إسطنبول

حذرت دراسة أوروبية حديثة من تحول تشويه المسلمين والإساءة إلى دينهم إلى ممارسة اعتيادية مقبولة في أنحاء أوروبا، نتيجة لتعاقب حملات التشويه والتحريض وبروز تعبيرات الإسلاموفوبيا وتوسعها.

وأوضح معد الدراسة المتخصص في الشؤون الأوروبية حسام شاكر أن اتساع نطاق الإسلاموفوبيا يجعلها أقدر على تثبيت أقدامها في مواقع مجتمعية متقدمة، بحيث يتسع تأثيرها وتتحول إلى ممارسة اعتيادية مقبولة يصعب احتواؤها أو التخفيف من عواقبها الوخيمة على المجتمعات ومنظومتها القيمية.

وقدمت الدراسة في ندوة ضمن أعمال المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي تنعقد دورته الـ26 في إسطنبول حاليا، أدارها الدكتور سلمان العودة وشارك في الحديث والتعقيب فيها عدد من العلماء يتقدمهم الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

وأكدت الدراسة أن الدعوات العنصرية الموجهة ضد المسلمين، التي تتحرك في الميادين والشبكات الاجتماعية بشعارات تحريضية واستفزازية ضد شركاء المجتمع والمواطنة، قابلة لأن تتطور إلى أشكال متعددة من الممارسات العدوانية والتمييزية ضد المسلمين ومرافقهم.

الدكتور يوسف القرضاوي يتوسط سلمان العودة (يسار) ومعد الدراسة حسام شاكر خلال الندوة (الجزيرة
الدكتور يوسف القرضاوي يتوسط سلمان العودة (يسار) ومعد الدراسة حسام شاكر خلال الندوة (الجزيرة

الإسلاموفوبيا والعنصرية
وأوضح شاكر أن الإسلاموفوبيا تمثل حالة من حالات الخوف المرضي غير المبرر، كما أن كراهية الإسلام والمسلمين ترقى لأن تكون نمطا من أنماط العنصرية، فهي تتأسس على تصورات غير سوية أو على جهل، وتتغذى من القوالب النمطية والأحكام المُسبقة غير الموضوعية.

وقال إن تجارب التاريخ تبرهن على أن "العنصرية الانتقائية" التي تستهدف فئة بعينها قد تكون أكثر خطورة من العنصرية التقليدية التي تستهدف "الآخرين" ككل، فهي تحاول الاستفراد بمكوِّن مجتمعي بعينه، وإثارة العداء وشحن الكراهية ضده، مشفوعة بخطاب يسعى في التماس الذرائع الواهية لذلك.

وتحت تأثير التطورات الدولية والظواهر المستجدة أو المتفاقمة من قبيل تدفق اللاجئين تنتعش حالة الإسلاموفوبيا وتتصاعد وتيرتها بكل ما تحمله من مفردات وإيحاءات، وهي تبدو قادرة على التمدد وكسب مواقع مجتمعية جديدة.

وكشفت الدراسة أن العنصرية الانتقائية التي تستهدف المسلمين باتت منصة أساسية مريحة نسبيا للقوى العنصرية والفاشية على حساب التعبيرات التقليدية، التي رفعت شعارات صريحة تحدثت في السابق عن أوهام النقاء العرقي أو وجهت حملاتها بشكل عام ضد من تسميهم "الأجانب" عموماً.

ولفتت إلى أن وجود نظام ديمقراطي لا ينفي أن تتطور وقائع التفرقة، وبالوسع في دولة القانون ذاتها توقع انتهاكات لحقوق الإنسان وتضييق على حريات أساسية، وتجاهل قيم يعلن النظام العام والمجتمع التزامه بها من حيث المبدأ.

تعزيز الوعي
ووقفت الدراسة على منابت الإسلاموفوبيا وسياقاتها وتفاعلاتها، وتوسعت بتصنيف خطاباتها على أنواعها، والكشف عن سماتها ومرتكزاتها وطرائق توظيفها، علاوة على تحليل لغتها وشعاراتها ورموزها.

وأكدت أن خبرات الماضي وتحديات الحاضر والمستقبل تفرض التوجه إلى تعزيز الوعي بالمخاطر والتهديدات التي تنطوي عليها نزعات الكراهية والتشويه والعنصرية بشتى صورها، خاصة وأنها مرشحة للتصاعد في ظلال الأزمات المتفاقمة.

وقدمت الدراسة موجِّهات عامة في التعامل مع الإسلاموفوبيا، بما يترتب على ذلك من التزامات وأدوار على عاتق الأطراف المجتمعية والمستويات المتعددة في أوروبا والعالم.

المصدر : الجزيرة