هل الجزائر في منأى عن "انتفاضة أكتوبر" جديدة؟

أرشيف جانب من أحداث أكتوبر بالعاصمة الجزائرية
صورة أرشيفية لجانب من أحداث أكتوبر/تشرين الأول 1988 في العاصمة الجزائرية(الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

تحل اليوم في الجزائر الذكرى 28 لأحداث 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 التي اندلعت فيها مظاهرات دامية احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتتباين الآراء حول احتمال تكرار تلك الأحداث في الوقت الحالي، وعلى الرغم من تشابه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية اليوم بما كانت عليه قبل الأحداث، فإن الأغلبية تستبعد اندلاع انتفاضة مشابهة.

وقد أودت أعمال العنف عام 1988 بحياة 169 شخصا حسب الأرقام الرسمية، في حين تقول منظمات حقوقية إن العدد بلغ خمسمئة، وعقب هذه الانتفاضة الشعبية "المفاجئة" لجأ النظام يومها إلى اعتماد سياسة الانفتاح، إذ عدّل الدستور وسمح بتأسيس الأحزاب وأطلق الحريات على نطاق واسع.

ويقول القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي محمد قيجي إن وضع البلاد في 2016 يختلف عن وضعها في العام 1988، ويوضح أن هناك فرقا شاسعا في حال البنية التحتية والإنجازات المحققة والقوة الشرائية والظروف الاجتماعية.

انفتاح سياسي
ويضيف قيجي للجزيرة نت أن الواقع السياسي أيضا مختلف، فقبل 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 كانت البلاد تسيّر من لدن حزب وحيد، وأما اليوم فالجزائر "متفتحة على الغير وهناك أحزاب وتعددية"، إلا أن القيادي في الحزب الذي يقوده مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى يستدرك قائلا "لم نبلغ بعد دولة الرفاه، ولكن الأوضاع تحسنت ولم تبق كما كانت عليه".

ويعتقد قيجي أن الجزائر محصنة ضد أي هزة اجتماعية مشابهة "بفضل مواطنيها ومسؤوليها"، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية "لم تمس الجزائر فقط بل هي أزمة عالمية".

‪بوقاعدة: الأسباب التي أدت لانتفاضة 1988 لا تزال قائمة‬ (الجزيرة)
‪بوقاعدة: الأسباب التي أدت لانتفاضة 1988 لا تزال قائمة‬ (الجزيرة)

بالمقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر توفيق بوقاعدة أن الأسباب التي دفعت الشباب للانتفاضة قبل 28 عاما لا تزال قائمة لحد الآن.

ويستدل بوقاعدة على ما خلص إليه إلى "معدلات البطالة والفقر ومرارة الظلم والقهر الذي يشعر به المواطن الجزائري"، ويقول في تصريح للجزيرة نت إن النظام السياسي تمكن من "الالتفاف على مكتسبات انتفاضة أكتوبر، والتكيف مع التحولات الإقليمية والعالمية، مع استمراره في الممارسات ذاتها التي كانت قبل أحداث أكتوبر 1988".

ورغم تشابه الأوضاع فإن بوقاعدة يستبعد انتفاضة مماثلة لسبيين، الأول له علاقة بتجربة العشرية السوداء التي أدت إلى مقتل 200 ألف شخص، والثاني له علاقة بما آلت إليه الأوضاع في دول الربيع العربي من حروب وأزمات.

الشرارة قائمة
ويأمل الأستاذ الجامعي أن يأتي التغيير من داخل النظام الجزائري، "لأن أي انتفاضة جديدة لن يكتب لها النجاح مع سلطة تفننت في إفشال كل محاولات التغيير".

ويقول الكاتب الصحفي عبد السلام بارودي إن أسباب اندلاع انتفاضة جديدة لا تزال قائمة، لكن الظروف الحالية مختلفة ولا تسمح بذلك.

ويضيف بارودي أن النظام لا يعيش حاليا اختلالات كالتي عاشها قبل 28 عاما، لذلك فمن الصعب تكرار سيناريو 5 أكتوبر/تشرين الأول، ويشير إلى أن الشرعية الأمنية في مكافحة الإرهاب والنجاح في التصدي لاختراقات التنظيمات الإرهابية أعطت للنظام حجة البقاء والاستمرار.

‪قدور: الجميع يدرك أن الظلم وغياب العدالة يقودان لأحداث دامية لا تحمد عقباها‬ (الجزيرة)
‪قدور: الجميع يدرك أن الظلم وغياب العدالة يقودان لأحداث دامية لا تحمد عقباها‬ (الجزيرة)

أخذ العبرة
من جانب آخر، يدعو المكلف بالملفات الخاصة بالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور سلطات البلاد إلى "أخذ العبرة مما حصل قبل 28 عاما"، وقال بيان تسلمت الجزيرة نت نسخة منه بمناسبة ذكرى أحداث الخامس من أكتوبر إن "الجميع يدرك أن الظلم وغياب العدالة يقودان مباشرة إلى أحداث دامية لا تحمد عقباها".

ويوضح الحقوقي الجزائري أن ملامح الشرارة التي أدت لأحداث أكتوبر متجسدة في واقع الجزائر في العام 2016، مشيرا إلى تراجع المكاسب الديمقراطية بالتضييق على جمعيات المجتمع المدني التي تعارض الحكومة، كما تمنع الأخيرة المظاهرات في الشارع.

المصدر : الجزيرة