باحثون: حروب المنطقة العربية دمرت النسيج الاجتماعي

مؤتمر "تأثير الحروب والصراعات على الأسر العربية"
جلسة خصصت للحديث عن دور المنظمات غير الحكومية (الجزيرة)

إيمان مهذب-الدوحة

قال باحثون مشاركون في مؤتمر "تأثير الحروب والصراعات على الأسر العربية" اليوم الثلاثاء، إن الحروب التي تشهدها بلدان مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، فاقمت حجم التحديات وخلقت مشاكل لا يمكن معالجتها على المدى القصير، وساهمت في تدمير النسيج الاجتماعي.

وناقش المؤتمر، الذي ينظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة بشراكة إعلامية مع شبكة الجزيرة، في يومه الثاني الأخير مسألة انتقال الأسر وإعادة التوطين، ودور وخبرات المنظمات غير الحكومية.

وخصصت جلسات النقاش المتزامنة لإلقاء الضوء على أوضاع اللاجئين العرب والأسر المشردة داخليا، وآثار الحروب والصراع على الرجال والنساء والأطفال، والتداعيات الصحية.

دمار وصعوبات
وتقول الدكتورة صوفيا بانديا من جامعة "لونغ بيتش" بولاية كاليفورنيا الأميركية إن النسيج الاجتماعي في بلدان الحروب دمر إلى حد كبير بسبب فرار الملايين من بلدانهم الأصلية.

ونقلت بانديا عن سيدة يمنية قولها بعد مغادرة بلادها إثر قصف استهدف منزلها "ليس هناك يمن نعود إليه"، موضحة أن الحزن والألم مشاعر تظل ترافق المهجرين وهي ترمز إلى حجم الدمار الذي حل بالمجتمع.

وبينما أكدت المتحدثة نفسها أن عودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم لن توفر لهم الاستقرار الكامل ولن تخلو من العنف الأسري بسبب مضاعفات الحرب، قال الدكتور توماس دي جورجس من جامعة ديوك الأميركية إن عملية الإعادة للوطن ليست ممكنة في المستقبل المنظور.

وأكد أنه يمكن الحديث عن هذا الأمر بعد خمس سنوات أو عشر، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببلدان مثل العراق وسوريا، مبينا أن المنظومة الجيوسياسية تغيرت كثيرا في الشرق الأوسط، بسبب تدخل دول عدة في النزاعات وحروب تجري بالوكالة.

‪جلسة عن انتقال الأسر وإعادة التوطين‬ جلسة عن انتقال الأسر وإعادة التوطين (الجزيرة)
‪جلسة عن انتقال الأسر وإعادة التوطين‬ جلسة عن انتقال الأسر وإعادة التوطين (الجزيرة)

عودة وعوامل
ولفت دي جورجس إلى أن عوامل عودة اللاجئين والنازحين إلى أوطانهم تكاد تكون منعدمة، خاصة أن الحروب أدت إلى تدمير البنى التحتية والبيوت والممتلكات، وهي عوامل مهمة للعودة.

أما مسألة الاندماج في بلدان أخرى، فغالبا تصطدم بعداء من السكان المحليين خاصة في أوروبا، وهو أمر يحتاج إلى لوائح تنظيمية وترسانة قانونية للحد منه.

من جهته قال مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور سلطان بركات إن العودة هي حق للاجئين والنازحين، ويجب أن يتمسكوا بهذا الحق، مشيرا إلى أنه لا يمكن بناء أي دولة أو إعادة إعمارها دون عودة سكانها وشعبها.

‪مهنا: التمويل الدولي للمنظمات غير الحكومية ضعيف جدا‬ (الجزيرة)
‪مهنا: التمويل الدولي للمنظمات غير الحكومية ضعيف جدا‬ (الجزيرة)

دور المنظمات
وبخصوص دور المنظمات غير الحكومية في فترات الأزمات والصراعات، والتحديات التي تواجهها مع ما تفرضه الحروب من تغيرات عميقة، تحدث عدد من مديري ومؤسسي منظمات غير حكومية عن تجاربهم.

وقال مؤسس "مؤسسة عامل الدولية"، كامل مهنا إن الوضع في لبنان "كارثي" بسبب أزمة اللجوء السوري، مشيرا إلى أن بلاده تؤوي نحو 1.5 مليون لاجئ.

وبيّن أن هذا الأمر ضاعف مهمات منظمات الإغاثة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني، موضحا أن التمويل الدولي يكاد يكون معدوما، فجزء كبير منه (التمويل الدولي) يتحول لمنظمات دولية غربية، بينما لا تتجاوز نسبة حصول المؤسسات المحلية 2%.

وحسب مهنا فإن العمل الإنساني، يواجه تحديات أخرى غير التمويل، تتمثل في خضوع  جمعيات عدة إلى الأجندات السياسية والتوجيهات.

يشار إلى أن جلسات المؤتمر ناقشت خلال يومي الاثنين والثلاثاء عدة محاور، منها "تكوين الأسر وتفككها" و"الآثار الاقتصادية والاجتماعية" و"الآثار الصحية" في ظل الحروب والصراعات، وذلك بمشاركة علماء الاجتماع وصانعي السياسات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.

المصدر : الجزيرة