سائقو مصر.. هل يقودون ثورة جديدة؟

احتجاج بالتاكسيات ضد تجاهل الحكومة لمطالب السائقين.
احتجاج سابق لسائقي سيارات الأجرة ضد تجاهل الحكومة لمطالبهم (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

ظل سائقو المركبات بأنواعها طوال سنوات في منأى عن صراعات السياسة المصرية، لكن كثيرين منهم لعبوا مؤخرا دورا كبيرا في إشعال موجة غضب شعبي، ولا سيما بعد الحديث الغاضب البليغ لسائق "توكتوك" لإحدى الفضائيات، وإحراق سائق سيارة أجرة نفسه أمام ناد عسكري.

ولتقصي هذه الظاهرة الجديدة، التقت الجزيرة نت عدة سائقين في شوارع القاهرة، منهم مسعد الذي بدأ بانتقاد النظام أثناء التحدث لزبائنه عن الأوضاع المؤلمة للمهنة، حيث يقول إنه كان يشجع الزبائن على انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكنه بات يأسف لعدم وجود متنفس للشكوى بعد أن ضاقت به السبل.

ويعتبر مسعد أن سلوك زميله الذي أحرق نفسه أمام ناد عسكري بالإسكندرية هو الحل الوحيد لمن لم يجد أي سبيل لإيصال صوته.

أما نبيل فكان أكثر حدة في انتقاد النظام وهو يقود "التوكتوك"، مشيرا إلى أن السائق مصطفى الذي تحدث بغضب لإحدى الفضائيات عن تدهور الاقتصاد كان يعبر عن رأي كل مواطن، مؤكدا أن اختفاء مصطفى ومنع ظهور مذيع البرنامج يمثل رسالة واضحة لكل من يرفع صوته بالشكوى.

أما سائق إحدى حافلات هيئة النقل العام، فأخذ يردد بسخرية كلمات مأثورة عن السيسي مثل "إنتو نور عينينا"، مشيرا للأزمات المعيشية واعتقال زملاء دعوا لإضراب عام قبل أسابيع لتحسين أوضاعهم.

كما يقول سائق "ميكروباص" للجزيرة نت إن سائقي المركبات عموما هم أكثر الفئات احتكاكا بالشعب، لذلك ينقلون لهم وينقلون عنهم أوجاع البلد، مطالبا بعدم الإشارة لاسمه.

‪سائقو سيارات الأجرة ينتفضون ضد السياسات الاقتصادية‬ (الجزيرة)
‪سائقو سيارات الأجرة ينتفضون ضد السياسات الاقتصادية‬ (الجزيرة)

إدانة للنظام
ويرى الناشط أحمد عبد العزيز في حرق سائق سيارة الأجرة نفسه وفي تصريحات سائق "التوكتوك"، تعبيرا عن تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل غير محتمل، مؤكدا أن وصول رفض الناس للنظام إلى حد إحراق النفس بعد أن كان هناك مجال للكلام والتظاهر، يعد دليل إدانة لنظام السيسي.

ويرصد عبد العزيز تناول الإعلام لهذه الوقائع بمحاولة التقليل من دلالتها، أو تسفيه أصحابها، كدليل جديد على "الهلع الذي تتركه مثل هذه التصرفات على السيسي ونظامه وإعلامه".

وتوقع عبد العزيز أن يؤدي ازياد الضغط على الشرائح الأكثر فقرا لانفجار شعبي، خاصة أن المصريين "عاطفيون"، ومع سخرية الإعلام من مثل هذه النماذج سيكسب السائقون تعاطفا كبيرا، ولا سيما أنهم تجاوزوا المطالب الفئوية للحديث عن آلام تمس الشعب كله.

‪بات
‪بات "التوكتوك" وسيلة لتبادل الحديث عن التدهور الاقتصادي‬ (الجزيرة)

انفجار قريب
ويعتقد القيادي السابق في جبهة الإنقاذ مجدي حمدان أن ما يجري حاليا يكرر ظاهرة الغضب التي انطلقت مع بداية ثورات الربيع العربي، والتعبير عنها بتعذيب الجسد، وهي ظاهرة تنشأ في أزمنة لا تسمح بالرأي الآخر، لذا وجد العامة من الشعب أنهم أمام خيار وحيد.

ويعتبر حمدان أن هناك اتجاها لدى قطاع كبير من الشعب نحو سلوك نفس المنهجية لإخراج طاقات الغضب الكامنة تجاه الغلاء والقمع، وهو ما يعود بالبلاد لنقطة الصفر وخروج أعداد مهولة تنفجر دون هوادة، بحسب قوله.

ويقول رئيس حزب نداء مصر طارق زيدان إن دلالات غضب السائقين واضحة، فارتفاع الأسعار يفوق الاحتمال، والفقراء فقدوا الأمل ويشعرون أن القادم أسوأ، ومعظم الطبقات الكادحة ليست لديها رفاهية معارضة السلطة ولا يعنيها من يحكم طالما تستطيع العيش، لكن هذه الظواهر تعني أنهم لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد في ظل عدم وجود أمل.

ويحذر زيدان في حديثه للجزيرة نت من أن الوضع قد يصبح "كارثيا"، لأن التعامل مع قوى سياسية معارضة ثورية يختلف عن التعامل مع أشخاص غاضبين قد يقومون بأعمال سرقة ونهب عشوائي وحرق دون وعي.

وتابع "إذا استمرت السياسات الحالية، فإن البلاد ستكون معرضة للانفجار في أي لحظة من دون دعوة أو سابق إنذار، وهنا مكمن الخطورة".

المصدر : الجزيرة