أعشاب الأغوار تجتذب العمال من المستوطنات

عاطف دغلس-نابلس

أملا في تحقيق حلمها بأن تصبح من سيدات الأعمال، تواصل الفلسطينية فاطمة النبريصي العمل في فرز الأعشاب وتغليفها تمهيدا لتصديرها للخارج كمنتج فلسطيني، بعد سنوات من شقاء العمل في مستوطنات الاحتلال بالأغوار الفلسطينية.

فللسنة الخامسة تعمل فاطمة (47 عاما) بمصنع الأعشاب الفلسطيني "جنة عدن" بمناطق الأغوار شمال الضفة الغربية، وتشرف بذلك على 12 عاملا وعاملة يقومون بمهامهم في تنظيف الأعشاب وإعدادها للتصدير بعد توريدها من مزارع المواطنين.

"العمل مقدس بالنسبة لي ومهمتي هنا وطنية ومقاومة" تقول فاطمة وهي تقلب بطريقة فنية حزما صغيرة من الزعتر البلدي لتفرز الأوراق الجيدة من التالفة، وهي تسعى جاهدة لجعل مصنعها رائدا ومنافسا لمصانع الاحتلال الجاثمة على أراضي الفلسطينيين ومزارعهم المصادرة وتحتكر لعقود طويلة زراعة الأعشاب النادرة وغير التقليدية.

خطر المستوطنات
لا تجد فاطمة فرقا كبيرا في الأجر المادي مقابل عملها داخل المستوطنات عنه في المصنع الفلسطيني حيث تعمل الآن وتفاخر بالعمل به، وتقول إن عملها داخل المستوطنات كانت تحفه مخاطر جمة أبرزها اعتداءات المستوطنين والتعرض للنصب بالأجور من أرباب العمل أو السماسرة المشغلين لها ولغيرها.

‪الفلسطينيون يزرعون أراضيهم بالأعشاب في تحد للاحتلال‬ الفلسطينيون يزرعون أراضيهم بالأعشاب في تحد للاحتلال (الجزيرة نت)
‪الفلسطينيون يزرعون أراضيهم بالأعشاب في تحد للاحتلال‬ الفلسطينيون يزرعون أراضيهم بالأعشاب في تحد للاحتلال (الجزيرة نت)

وتقدر إحصاءات أن عدد العاملين في مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية والقدس يصل إلى 35 ألفا جُلهم بلا تصاريح للعمل ما يجعلهم أكثر عرضة لاحتيال من مشغليهم وأرباب العمل الإسرائيليين.

ذات الاضطهاد عايشه موسى دراغمة -صاحب معمل الأعشاب حيث تعمل فاطمة- طوال عشرين عاما من العمل بالمستوطنات التي استباحت أرض الفلسطينيين وحصدت ثمارها.

وهذا ما دفع دراغمة لإنشاء معمله الخاص وزراعة أربعمائة دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) من أرضه بأكثر من عشرين صنفا من النباتات الطبية والغذائية وترك العمل بالمستوطنات.

وبخبرته أدرك الرجل باكرا أن السوق المحلية لا تستوعب بضائعه التي تفوق السبعمائة طن سنويا، فقام بترويجها بالخارج في دول مثل روسيا والولايات المتحدة ودول أوروبية، وأضحت وجهته المفضلة.
 
واستطاع دراغمة بمشروعه أن يشغل أربعمئة عامل فلسطيني ويستقطب جزءا كبيرا منهم من داخل مستوطنات الاحتلال، كما يستثمر زراعات مواطنين بأراضيهم الخاصة عبر تسويقها ضمن منتجاته، ويوفر بذلك فرص النجاح والاستثمار الجيد معا، لكنه بالمقابل لا يحظى بالدعم المطلوب من الجهات الحكومية الفلسطينية المختصة كوزارتي الزراعة والاقتصادي الوطني.

تحدٍ عالمي
فمثل هذه المشاريع تثبت المواطنين بأرضهم وتمنع التغول الاستيطاني الذي يصادر أكثر من ستين ألف دونم بالأغوار الشمالية، كما يقول عارف دراغمة الناشط بالدفاع عن الأغوار.

‪فرز الأعشاب داخل مصنع
‪فرز الأعشاب داخل مصنع "جنة عدن" تمهيدا لتصديرها‬ (الجزيرة نت)

ويؤكد الناشط أن الاحتلال يمارس "تطهيرا عرقيا" ضد الفلسطينيين ويسعى لإنهاء وجودهم ويدعم بالمقابل خمسة آلاف يهودي بثماني مستوطنات وستة معسكرات للجيش تجثم على أراضي المواطنين بالأغوار.

في المقابل، يؤكد المهتم بالشأن البيئي الفلسطيني عبد الباسط خلف أن زراعة الأعشاب تجربة تستحق الاهتمام عبر تعزيز مقاطعة منتجات المستوطنات بالأسواق العالمية، وبتحسين جودة المنتج سيما وأن التسويق الفلسطيني عالميا يمر عبر بوابة الاحتلال في ظل غياب السيادة الفلسطينية على المعابر والممرات.

المصدر : الجزيرة