مدير "كير".. الإسلاموفوبيا خطر يتهدد مسلمي أميركا

نهاد عوض..لقاء خاص مع الجزيرة نت 2
نهاد عوض (يسار) متحدثا للجزيرة نت عن أوضاع المسلمين في الولايات المتحدة (الجزيرة نت)

 حاوره عبد الجليل البخاري-واشنطن

حذر المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية (كير) نهاد عوض من المخاطر التي أصبحت تهدد المسلمين الأميركيين حاليا بسبب استفحال ظاهرة الإسلاموفوبيا"، مشيرا إلى "أن الخوف والاشتباه والشك في المسلمين الأميركيين وصل إلى مستويات مؤذية".

وأوضح نهاد في حوار خاص مع الجزيرة نت أن مسلمي أميركا يواجهون أسوأ الفترات منذ 14 سنة بسبب هذه الظاهرة، وقال إنها "أسوأ بكثير من العام 2001، حيث وقعت هجمات 11 سبتمبر".

وفي ما يلي نص الحوار:

undefinedبعد مرور أزيد من 14 سنة على أحداث 11 سبتمبر 2001، وفي ظل التطورات السياسية والأمنية الحالية بعدد من البلدان الإسلامية، كيف تقيمون وضعية مسلمي أميركا حاليا؟

ج: إن ما يجري في العالم الإسلامي ينعكس على ما يجري في الولايات المتحدة، والمسلمون الأميركيون يعتبرون مرآة عاكسة لسياسات محلية أميركية وأخرى خارجية.

في غالب الأحيان عندما لا تكون هناك سياسة خارجية متزنة أو غير واضحة تخدم الأمة الإسلامية أو مصلحة الشعوب، تكون الحصيلة ردود أفعال سيئة وأحيانا عنيفة، تظهر في ما يعانيه المسلمون الأميركيون.

اليوم نرى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تعتبر من أسوأ السنين خلال 14 سنة الماضية، وهي أسوأ بكثير من العام 2001، التي وقعت فيها هجمات 11 سبتمبر، وأسوأ سنة مرت على المسلمين هي 2010، عندما كان هناك جدل حول بناء مركز إسلامي في نيويورك، والسبب في ذلك هو غياب في القيادة السياسية والمجتمعية لكبح الخوف المرضي من الإسلام واستهداف المسلمين.

هذا لايعني أن المسلمين هم مجرد ضحية، وينتظرون هذه الأحداث حتى يكونوا ضحية لها، فالمسلمون الأميركيون نشيطون، يدركون موقعهم الاستراتيجي وواجبهم المجتمعي والأخلاقي كمواطنين، وكمواطنين عالميين بحكم حرصهم على العلاقة مع العالم الإسلامي.

بطبعي أنا متفائل بشكل عام لكني أيضا واقعي. الواقع يقول إن ظاهرة الإسلاموفوبيا سيئة جدا، ووضع المسلمين الأميركيين حاليا في خطر، لأن الخوف والاشتباه والشك في المسلمين الأميركيين وصل إلى مستويات مؤذية والأمثلة اليومية على ذلك كثيرة.

undefinedفي هذه النقطة خاصة تتهم مؤسسة (كير)، بأن جهودها تظل حبيسة الدفاع عن النفس، وأنه ليس لديكم خطة استباقية لمواجهة الأحداث التي يتعرض لها مسلمو أميركا؟

الناخبون من مسلمي أميركا مرتبطون بقضاياهم، وغير محسوبين على حزب معين، وإن كانت المؤشرات في الأعوام التسعة الماضية تفيد بوجود توجه أكبر نحو الحزب الديمقراطي
"

الاتهامات خاطئة في مجملها، والذي يدرك عمل المجلس جيدا سيرفض هذه الفكرة، فالمجلس هو المؤسسة الوحيدة في الولايات المتحدة التي لديها عدة مهام، في غياب وعي ووجود مؤسسات أخرى لديها مثل قدرات المجلس، الذي نشأ بسبب وجود حاجة للدفاع عن حقوق مسلمي أميركا ووضعهم على الخارطة المجتمعية والسياسية في الولايات المتحدة.

إن من أكبر نشاطات المجلس هي إطفاء الحرائق، ولا يمكن أن نتهم عامل الإطفاء بأنه يركز على إطفاء الحرائق، لأن الحرائق لن تخدم وحدها، وتظل مشتعلة حول مسلمي أميركا على كل المستويات والأصعدة، وفي كل الولايات.

فهناك جهات تعمل بشكل محترف وممول، وبعدد كبير، لمواجهة مؤسستنا الوحيدة.

هناك على الأقل أربعون مؤسسة متفرغة، ونحن نتحرك وحدنا بميزانية لا تتجاوز خمسة ملايين دولار، مقابل ميزانية تلك المؤسسات التي تبلغ مئتي مليون دولار، وتعمل بشكل ممنهج ضد منظمة (كير) التي تظل مستهدفة بالدرجة الأولى، فهم يشعلون الحرائق السياسية والأخبار لتشويه صورة المسلمين، وبالتالي فلا يمكن أن نبقى فقط مكتوفي الأيدي، تحت ذريعة اتهامنا بالدفاع عن المسلمين.

المجلس يدافع بشراسة وبثقة، ولا يمكن أن نكون اعتذاريين في ذلك، إضافة إلى الجانب الآخر من عمل المؤسسة، وهو التدريب السياسي اليومي، والنشاط المجتمعي للشباب في الولايات الكبرى.

undefinedما مدى نجاح خطتكم التي تنادون بها مرارا لإشراك الشباب المسلم في وظائف ومراكز القرار السياسي الأميركي؟

إن 80% من موظفي المؤسسة بمختلف الولايات هم دون سن الـ 35 عاما، لذلك فإنها تعد أكبر مؤسسة شبابية متنوعة، حيث تضم مسلمين من كل الجنسيات، وكل التوجهات، يعملون على جميع المستويات، القيادية والإدارية، إضافة إلى أنها تضم موظفين من ديانات متنوعة، مسلمين ويهودا، ومسيحيين وغيرهم، يلتزمون برسالة وخطة المجلس.

والمؤسسة تفتخر بأنها تضم وتدعم التنوع والتعدد خصوصا لدى عنصر الشباب، على المستوى القيادي في أميركا، حيث لدى المجلس 54 متحدثا رسميا باسمها، كما أنها نجحت في عدة مبادرات خصوصا ما يهم تدريب الشباب على العمل المجتمعي، وإدارة المؤسسات غير الربحية، إضافة إلى أن تتولى تدريب الطلبة غير المسلمين في مكاتبها بأميركا.

وفي الوقت نفسه تنشط المؤسسة في ما يتعلق بالتعريف بالإسلام، حيث يعتبر أهم جزء في رسالتها هو نشر الوعي حول الإسلام في الولايات المتحدة، ولدينا حملات كثيرة بهذا الشأن.

undefinedوما نشاطكم بخصوص مجال التعليم لمسلمي أميركا؟

نحن لسنا مؤسسة مختصة في التعليم، نحن نحمي مصالح مسلمي أميركا ونحاول التقدم بهم، وإعانتهم على النجاح في مواقعهم.

undefinedساهمت المنظمة في تجربة غير مسبوقة في الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2012، بمشاركتها في تحالف لمسلمي أميركا، أطلق عليه اسم "لجنة العمل المشترك بخصوص الانتخابات والحقوق المدنية"، كيف تتوقعون أن يكون تأثير كتلة الناخبين المسلمين في انتخابات العام المقبل انطلاقا من التجربة السابقة؟

أصبح المسلمون الأميركيون يدركون أهمية أصواتهم في مختلف الانتخابات المحلية أو غيرها، وجهود تنظيم المسلمين في هذا المجال هي منذ فترة التسعينيات، وهناك لجان تشكل، وغالبية المسلمين الأميركيين يصوتون بشكل جماعي، وهو أمر إيجابي.

نعتبر أن التحول الديمقراطي يؤدي إلى السلام ويشرك الجميع في مسؤولية بناء الوطن، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار ببلدان المنطقة في حالة عدم وجود توافق مجتمعي على احترام الآخرين

وكانوا في انتخابات عام 2012 من أعلى النسب من بين الذين صوتوا في الولايات المتحدة، في الانتخابات النصفية التكميلية، كما كانوا من أسباب نجاح الكثير من أعضاء الكونغرس، في حين ساهموا من خلال تحالفاتهم مع تجمعات أخرى في إسقاط أعضاء من الكونغرس، وهذا مؤشر على أن مسلمي أميركا يفهمون اللعبة السياسية، ويدركوا كيف يبنون التحالفات، وعلى أي محاور.

undefinedإذا تتوقعون أن يصوت مسلمو أميركا بحجم أكبر في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهل تراهنون على توجه معين؟

بلا شك نعم، الناخبون من مسلمي أميركا مرتبطون بقضاياهم، وغير محسوبين على حزب معين، وإن كانت المؤشرات في الأعوام التسعة الماضية، تفيد بوجود توجه أكبر نحو الحزب الديمقراطي، الذي يدرك أنهم يدعمون من يدعم قضاياهم، وليسوا مضمونين لأي حزب، وأيضا ليس ميئوسا منهم بالنسبة لأحزاب أخرى.

بشكل عام الخطاب السياسي للحزب الجمهوري مؤسف، ويوجه اتهامات للأقليات ومنهم المهاجرون والمسلمون بسبب عدم إدراكه لأهمية التنوع في المجتمع الأميركي، كما أن الحزب الديمقراطي مقصر، ولا يمكنه الاعتماد على عدم رضاء الناخبين المسلمين بشكل عام على توجهات الحزب الجمهوري، أو أنهم سيصوتون عليه بدون أي ثمن.

undefinedأعلنتم سابقا في تصريحات دعم مسلمي أميركا لما سمي بالتحول الديمقراطي في بلدان الربيع العربي، ومن خلال التطورات التي آلت إليها الأوضاع في عدد من بلدان المنطقة، كيف ترون الأمر حاليا؟ وهل لديكم اتصالات مع الإدارة الأميركية بهذا الخصوص؟

نعتبر أن التحول الديمقراطي يؤدي إلى السلام، ويشرك الجميع في مسؤولية بناء الوطن، وبناء المستقبل، فأسباب تخلف البلدان العربية واضحة جدا، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار ببلدان المنطقة في حالة عدم وجود توافق مجتمعي على احترام الآخرين.

ما يجري في الشرق الأوسط يعبر عن وجود خلل كبير، وعدم وجود إرادة في الشراكة، ورأيي لم يتغير بهذا الشأن، وهي أن المنطقة يجب أن تكون مستقرة، واستقرارها هو نتيجة قرار جماعي بالشراكة والمسؤولية السياسية، وبالطرق السلمية التي انطلقت في المنطقة، وكانت عنوان أمل فيها وبهرت العالم، مقابل وجود جهود تحارب هذه الإرادة وتحاول أن تفقد الأمل لهذه الأمة، واستخدام العنف والتطرف هو محصلة لغياب القرار السياسي بفتح هامش للحرية لفئات من المجتمع.

في النهاية رغم ما يجري في المنطقة، من حروب، ونزاعات وانقسامات، أعتقد أنه يجب أن تكون مساحة من الحوار والتفاهم والتعايش، واحترام الآخر، والاستفادة من تجارب الماضي والآخرين، وهناك أمثلة رائدة بالمنطقة في هذا المجال كتركيا والمغرب وتونس تعطي بصيصا من الأمل.

undefinedمن موقعكم في المجلس، هل لديكم اتصالات ومشاورات مع الإدارة الأميركية بخصوص هذا الموضوع؟

 نحن نتحاور مع الإدارة الأميركية في العديد من السياسات، سواء الداخلية أو الخارجية، خصوصا ما يهم الملفات الساخنة، كموضوع سوريا أو اليمن أو غيرها

فعلا نحن في حوار مع الإدارة، بحكم موقعنا كمواطنين أميركيين، وكمؤسسة تعمل في واشنطن، نتحاور مع الإدارة الأميركية في العديد من السياسات، سواء الداخلية أو الخارجية، خصوصا ما يهم الملفات الساخنة، كموضوع سوريا، أو اليمن أو غيرها.

ونحن دائما نشجع الإدارة على إشراك المسلمين الأميركيين في العديد من قراراتها، ونقول للأطراف في المنطقة، إن كانت هناك طريقة لمسلمي أميركا للمساهمة في حل النزاعات فهو واجب عليهم، ويجب الاستفادة من وجودهم في مؤسساتهم.

undefinedوجهت إليكم اتهامات من دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم الإرهاب، وتم وضع مؤسستكم ضمن لائحة بذلك، كيف تعاملتم مع هذا الموضوع؟

يؤسفنا جدا ما حدث، وما زلنا نعتقد أنه خطأ كبير، والإدارة الأميركية أعربت عن ذلك بشكل سريع، سواء البيت الأبيض أو الخارجية، ووجه لنا وزير الخارجية الأميركي جون كيري رسالة يطمئننا فيها على وضع المؤسسة، وهناك مشاورات مع المسؤولين في الإمارات لإعادة النظر في ذلك، لأننا نعتبر أن هذا القرار لا يخدم لا مصلحة الإمارات ولا مصلحة المسلمين، ولا سيما أن المسؤولين في الإمارات يدركون جيدا طبيعة العلاقة مع المنظمة التي يرحب بها.

وهناك رسائل رسمية لها من سفارة الإمارات في واشنطن تشيد بدورها، وتدعو لدعم رسالتها في المجتمع الأميركي لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الإسلام والدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة.

والسؤال هو من اتخذ هذا القرار الذي يؤذي سمعة الإمارات، ويؤذي سمعة المسلمين في الولايات المتحدة.

أتمنى أن يعالج هذا الخطأ قريبا، ونأمل أن يتعاون المسؤولون في الإمارات مع الإدارة الأميركية لتجاوز هذا الموضوع، ويستفيدوا من طاقة المسلمين الأميركيين للدفع بمسيرة ومصلحة الأمة الإسلامية إلى الأمام.

المصدر : الجزيرة