مسيحيو فلسطين يحتشدون ضد دعوة لحرق الكنائس

رجال دين من مختلف الكنائس زار قرية دوما اليوم برفقة رجال دين مسلمين واستنكروا الجريمة والدعوة لحرق الكنائس وحملوا اسرائيل المسؤولية
رجال دين مسيحيون زاروا قرية دوما برفقة رجال دين مسلمين واستنكروا جريمة حرق الرضيع دوابشة والدعوة لحرق الكنائس (الجزيرة)

وديع عواودة-حيفا

استنكر رجال دين مسيحيون في فلسطين دعوة رئيس منظمة يهودية متطرفة لحرق الكنائس، وحمّلوا إسرائيل مسؤولية تهديد الفلسطينيين والمساس بهم وبمقدساتهم، داعين لتعزيز وحدتهم.

وكان بنتسي جوبشتاين رئيس منظمة "لاهافا" اليمينية الإسرائيلية قد دعا في مؤتمر بالقدس المحتلة  الأربعاء إلى حرق الكنائس في إسرائيل بدعوى أنها توجيهات التوراة.

وقدم مجلس الكنائس في الديار المقدسة شكوى للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية قبل إرسال مذكرة للفاتيكان بشأن الدعوة الصادرة عن هذه المنظمة المتشددة التي تشكلت قبل عقد لمكافحة الزواج المختلط، وتمارس العنف ضد فلسطينيين تزوجوا من يهوديات.

وزار وفد كبير من رجال الدين المسلمين والمسيحيين بيت العزاء في قرية دوما المحتلة، وأكدوا تكافلهم مع أهاليها، خاصة عائلة دوابشة التي أحرق مستوطنون رضيعها علي وهو ابن 18 شهرا، وشدد الوفد على أن إسرائيل هي المسؤولة عن جرائم المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني.

وأوضح البطريرك المتقاعد لطائفة اللاتين الأب ميشيل صباح في كلمته في دوما أن إسرائيل هي المعتدية لأنها تحمي وتدعم المعتدين ولأنها دولة محتلة.

كما وجّه انتقادات للدول الكبرى التي لا تردع إسرائيل عن انتهاكاتها، مشددا على أن الفلسطينيين أقوى من هذه الأطراف إن اتحدوا، وتابع "لن نترك وسنبقى إن قررنا أن نكون أقوياء بوحدتنا".

ميشيل صباح: إسرائيل تحمي وتدعم المعتدين لأنها دولة محتلة(الجزيرة)
ميشيل صباح: إسرائيل تحمي وتدعم المعتدين لأنها دولة محتلة(الجزيرة)

دعوة للوحدة
وفي انتقاد للقيادة الفلسطينية، شدد صباح على أن فلسطين أكبر من كل الأحزاب والزعماء، وأنها تحتاج لزعيم يوحد أهلها.

وردا على تحريض بنتسي جوبشتاين، أكد البطريرك صباح للجزيرة نت أن تصريحات بنتسي غير مفاجئة رغم خطورتها، محملا إسرائيل مسؤوليتها.

واستذكر صباح مئات الاعتداءات على المقدسات المسيحية والإسلامية التي تكتفي إسرائيل بشجبها لفظيا، وتابع "لم نعد نثق في هذه الاستنكارات ونحن نريد أفعالا وليس أقوالا".

وهذا ما أكده المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية في بطريركية الروم الأرثوذوكس، داعيا لأخذ تهديدات جوبشتاين "الهمجية" على محمل الجد. وعن رده قال حنا للجزيرة نت "لسنا ضيوفا في البلاد بل متجذرون فيها".

وقال إنه "إذا كان الهدف هو ترهيب الكنائس والفلسطينيين المسيحيين فهم لا يخافون المتطرفين والرب هو الذي سيحميهم والتهديدات تعزز هويتنا الدينية والفلسطينية".

ولم يستغرب عضو الكنيست عن القائمة العربية المشتركة باسل غطاس تهديدات رئيس "لهافا"، وقال للجزيرة نت إن عصابات "النازيين الجدد" تحرق الكنائس والمساجد على الأرض منذ خمس سنوات.

واستذكر غطاس خروج قاتل رئيس حكومة إسرائيل الراحل إسحق رابين من هذه العقيدة الإجرامية المتطرفة التي يرمز لها جوبشتاين.

وعلى غرار رجال الدين يحمّل غطاس إسرائيل المسؤولية، ويؤكد أن هذه العصابات الإرهابية منظمة ولا ينقصها السلاح ولا الدعم والغطاء السياسي المتمثل في الحكومة الحالية.

باسل غطاس (يسار) زار دوما وحمّل إسرائيل مسؤولية حرق الرضيع علي دوابشة(الجزيرة)
باسل غطاس (يسار) زار دوما وحمّل إسرائيل مسؤولية حرق الرضيع علي دوابشة(الجزيرة)

داء وعوارض
ويضيف "هؤلاء ليسوا أعشابا ضارة في الخطاب الصهيوني السائد لأنهم أصبحوا بذور الحقل وسيحرقون الأخضر واليابس، وعلى الفلسطينيين اليقظة والوحدة والنضال".

يشار إلى أن أوساطا واسعة في السياسة والرأي العام في إسرائيل وبخلاف الماضي تعترف اليوم بأن الجريمة في دوما ودعوة جوبشتاين لحرق الكنائس تعكس حالة تطرف عنصرية عميقة.

ورغم بعض أصوات في اليمين تبرر الاعتداءات والتصريحات العنصرية أو تعتبرها حالة شاذة، يرى الباحث اليهودي في العلوم الدينية والحاخام  ألون جوشن غوطشطاين أن "الداء يصيب كل الإسرائيليين وجوبشتاين ليس سوى عارض".

ويؤكد غوطشطاين للجزيرة نت أن أوساطا دينية واسعة تؤيد خلسة وعلانية دعوة جوبشتاين، مذكّرا بأن دعوته وردت في محاضرة نظمتها مدرسة دينية.

وتابع "باتت العشرات من المدارس الدينية تنضح بالتطرف والعنصرية، وبالدعوات للاعتداء على الأغيار تارة بالتلميح وتارة بالتصريح"، داعيا لمعالجة الأسباب العميقة للمرض بدلا من استنكار عوارضه المتفشية في إسرائيل اليوم.

المصدر : الجزيرة