أحمد الأسير.. لغز الاختباء وتبعات الاعتقال

جانب من تعقب الأمن اللبناني للسلفي أحمد الأسير على خلفية أحداث ربعا 2013 ... ويظهر في الصورة ملصق يحمل صورة الأسير أمام مسجد بلال بن رباح
الأمن اللبناني تعقب الأسير (الظاهر في الملصق) طيلة سنتين واعتقله اليوم في مطار بيروت (الفرنسية-أرشيف)

علي سعد-بيروت

بعد حوالي سنتين من المطاردة، ألقى جهاز الأمن العام اللبناني في مطار بيروت القبض على الشيخ أحمد الأسير، الذي شكل جبهة معادية لحزب الله في مدينة عبرا التابعة لمحافظة صيدا بالجنوب.

ومنذ اختفاء الأسير بعد معركة عبرا في يونيو/حزيران 2013، تضاربت الروايات حول الظروف التي سمحت بفراره من أرض المعركة واختبائه لاحقا أكثر من سنتين في أماكن مجهولة.

وبينما كان البعض يقول إنه يقيم في مخيم عين الحلوة، تحدثت معلومات عن وجوده بحماية أحد مشايخ هيئة العلماء في طرابلس شمال لبنان.

وقالت مصادر في الأمن العام اللبناني إنه قبض على الأسير اليوم في مطار بيروت الدولي بينما كان متوجها للمغادرة برفقة شخص آخر نحو نيجيريا عبر العاصمة المصرية القاهرة.

وبحسب المصادر، كان الأسير يحاول الخروج من لبنان عبر وثيقة سفر فلسطينية مزورة باسم رامي عبد الرحمن طالب.

‪جانب من وقفة نسائية بصيدا تحتج على اعتقال الأسير‬ (الجزيرة نت)
‪جانب من وقفة نسائية بصيدا تحتج على اعتقال الأسير‬ (الجزيرة نت)

وأضافت المصادر أن عملية الاعتقال هي حصيلة متابعة دقيقة لتحركات مشبوهة للأسير من قبل أكثر من جهاز أمني أفضت إلى تحديد ساعة تنفيذ عملية الاعتقال.

وبدا أن الشيخ الأسير غيّر شكله عبر حلق لحيته، "فيما يرجح من الصورة التي سربت له أنه قد يكون أجرى أكثر من عملية تجميل".

والأسير الذي أدت معركته مع الجيش في عبرا إلى مقتل 18 عسكريا، حكم عليه غيابيا بالإعدام مع 53 شخصا آخرين في  فبراير/شباط 2014.

وكان القضاء اللبناني اتهم أحمد الأسير بتأليف مجموعات عسكرية قتلت جنودا، واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش اللبناني.

وفور شيوع نبأ الاعتقال، اعتصمت زوجة أحمد الأسير ونساء بعض مناصريه في صيدا، وطالبن بإطلاق سراحه. وعملت القوى الأمنية على فض الاعتصام الذي تخلله تدافع مع السيدات.

ووصف رئيس جمعية "اقرأ" الشيخ بلال دقماق اعتقال الأسير بالنبأ الحزين، معتبرا أن حزب الله هو من أوقع به في فخ القتال ضد الجيش اللبناني.

وتساءل: لماذا يلقى القبض على الأسير فيما "غيره قتل من الجيش اللبناني، وقتل رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري ولا يستطيع أحد الوصول إليه أو اعتقاله".

‪الأمن فض اعتصام سيدات مناصرات للأسير بصيدا‬ (الجزيرة نت)
‪الأمن فض اعتصام سيدات مناصرات للأسير بصيدا‬ (الجزيرة نت)

ورأى دقماق أن اعتقال الأسير "أعاد فتح جرح كاد أن يندمل بعدما شارفت محاكمات موضوع موقوفي عبرا على نهايتها، والآن اعتقال الأسير سيؤدي إلى تحقيقات ومحاكمات جديدة".

وأضاف "لماذا لا يحاسب إلا أهل السنة وهم الأكثرية ويعتقلون ويقتلون"، محملا زعماء السنة وممثليهم في الحكومة المسؤولية عما تتعرض له الطائفة دون أن يحركوا ساكنا "إلا للحفاظ على زعامتهم".

أما المحلل السياسي المقرب من حزب الله فيصل عبد الساتر، فرأى في توقيف الأسير إنجازا يسجل للأجهزة الأمنية، معتبرا أن بعض التحركات التي قد تلي توقيف الأسير ستكون بمثابة امتحان للأجهزة الأمنية والقوى السياسية المختلفة واختبارا لهيبة الدولة لتكون حاسمة في أمرها في أن الأسير مطلوب ويجب أن يحاكم بحسب القوانين.

وقال عبد الساتر للجزيرة نت إن ظاهرة الأسير انتهت عندما قُضي على جماعته بعد أن كبدت الجيش اللبناني خسائر بشرية، "فتحولت جماعته من العمل الميداني إلى التغريد عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

واعتبر أن إلقاء القبض على الأسير يدحض الرواية التي كان يجري تداولها حول أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تواطأت وتركته يفر من ساحة المعركة قبل عامين، قائلا إن اعتقاله يؤكد الجدية في ملاحقة المطلوبين.

المصدر : الجزيرة