جدل بتونس بشأن إجراءات الحكومة بالمجال الديني

أعون شرطة يقفون قرب أحد المساجد ساحة القصبة العاصمة تونس جويلية يوليو 2015
أعوان شرطة يقفون قرب أحد المساجد بساحة القصبة في العاصمة تونس (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

يخشى بعض المراقبين في تونس توجّه الحكومة للتضييق على حرية التديّن بذريعة محاربة الإرهاب، لكن مصادر رسمية تنفي ذلك مؤكدة أنها تسعى لترشيد الخطاب الديني.

وعقب الهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في محافظة سوسة، أعلنت الحكومة عن إجراءات أمنية ضمنها إغلاق مساجد غير مرخص لها وعزل أئمة قالت إنهم يبثون خطبا دينية متشددة.

كما عزلت الحكومة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد الله الوصيف بدعوى أنه تجاوز صلاحياته بعد توجيهه مراسلة إلى مقدم إذاعي يتهمه من خلالها "بتحريف متعمد لمعاني القرآن".

وعن رأيه في هذه القرارات، يقول المحامي التونسي سيف الدين مخلوف إن ما تقوم به الحكومة لا علاقة له بالحرب على الإرهاب، بل يدخل في باب الحرب على مظاهر التدين والهوية.

ويضيف للجزيرة نت أن قرار إقالة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وعزل أئمة وإغلاق مساجد يأتي في إطار حملة يقودها "تيار يساري استئصالي بحركة نداء تونس التي تقود هذه الحكومة".

‪مخلوف: عزل رئيس المجلس الإسلامي قرار متعسف وجائر‬ (الجزيرة)
‪مخلوف: عزل رئيس المجلس الإسلامي قرار متعسف وجائر‬ (الجزيرة)

قرار جائر
واعتبر مخلوف أن عزل رئيس المجلس الإسلامي قرار متعسف وجائر، مؤكدا أن رئيس المجلس كان على حق عند توجيه مراسلة لبرنامج إذاعي شدد مخلوف على أنه "يُحرّف معاني القرآن ويشوهها".

من جانبه يقول الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني إن الإجراءات الحكومية في المجال الديني "تكرّس المعالجات الخاطئة التي استخدمها الرئيس المخلوع قبل الثورة".

ويضيف للجزيرة نت أن مقاومة التشدد تحتاج إلى معالجة فكرية وتطوير التعليم الديني والاستعانة برواد الفكر المستنير "وليس إلى قرارات بالعزل والمنع التي تؤجج الإرهاب".

ويقول "سياسة الحكومة بها حدّ للحريات وتدخل مبالغ فيه في المجال الإسلامي وعودة إلى الهيمنة على الفضاءات الدينية، وهذا اضطهاد لجزء من المتدينين".

ويؤكد أن الإجراءات الحكومية الأخيرة بالمجال الديني تعطي انطباعا بأن السلطة محكومة بخلفية أيديولوجية تخيف جزءا من التونسيين من عودة سياسة تجفيف منابع التديّن.

لكن ظافر ناجي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة يقول إن عزل رئيس المجلس الإسلامي، وهو مؤسسة تابعة لإشراف الحكومة، جاء نتيجة مراسلة له لبرنامج إذاعي تضمنت اتهامات خطيرة دون إبلاغ رئيس الحكومة ودون استشارة أعضاء المجلس.

وأثار رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد الله الوصيف جدلا عندما اتهم برسالة وجهها للإذاعة التونسية (حكومية) المفكر الإسلامي يوسف الصديق الذي يعد برنامجا دينيا بالزندقة.

‪الرميلي: محاربة الإرهاب تتطلب ترشيد الخطاب الديني واستعادة السيطرة على المساجد‬ (الجزيرة)
‪الرميلي: محاربة الإرهاب تتطلب ترشيد الخطاب الديني واستعادة السيطرة على المساجد‬ (الجزيرة)

تجاوز الصلاحيات
وأكد ناجي أن عزل الوصيف جاء نتيجة تجاوزه صلاحياته وليس لوجود نية للهيمنة الحكومية على المجال الديني، مبينا أن دور المجلس يقتصر على تقديم الاستشارة بطلب من الحكومة.

ورفضت الهيئة المستقلة للإعلام السمعي والبصري تدخل رئيس المجلس في عمل الإذاعة، معتبرة أن اتهام يوسف الصديق بتحريف القرآن فيه خطر على حياته خاصة أنه مهدد بالاغتيال.

وعن موقف وزارة الشؤون الدينية من الاتهامات التي توجه للحكومة بالتضييق على مظاهر التدين، يقول شكري الباجي أحد المديرين في الوزارة إن "عمل الحكومة لا يتنزل في إطار الحدّ من الحريات الدينية أو إعادة القبضة الأمنية".

وقال للجزيرة نت إن التوجه لإغلاق مساجد وعزل أئمة بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة هو إجراء ظرفي ووقائي لتنقية هذه المعالم الدينية من كل الشوائب حتى تستعيد دورها الأساسي "وهو عبادة الله".

من جهة أخرى نفى عضو المكتب السياسي لحركة نداء تونس بوجمعة الرميلي الاتهامات الموجهة لحزبه أنه يضمّ قوى "استئصالية"، مشيرا إلى أن تلك الاتهامات "افتراءات باطلة".

وقد رحب الرميلي بالإجراءات الحكومية الأخيرة بإغلاق بعض المساجد وعزل بعض الأئمة، مشيرا إلى أن محاربة الإرهاب تتطلب ترشيد الخطاب الديني واستعادة المساجد الخارجة عن السيطرة.

المصدر : الجزيرة