"زيارة" حفتر لمصر.. آمال النجدة وقواسم التورط
سيد أحمد الخضر
فبعد زيارته إلى صربيا، يتوقع أن يحل اللواء المتقاعد في القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتباحث مع المسؤولين هناك حول "تسليح الجيش الليبي بما يمكنه من مواجهة الإرهابيين".
ووفق وسائل إعلام مصرية، فإن هذه ستكون أول زيارة علنية يؤديها حفتر للقاهرة التي تؤازره في حربه ضد الثوار في شرق ليبيا وغربها، وستأتي بعد رفع "قبائل بالغرب والشرق الغطاء السياسي عن حفتر" وانتكاسة قواته في عدة محاور.
لكن طلب النجدة من مصر لا يبدو واقعيا في هذه الفترة التي تواصل فيها القاهرة رحلة تيه بدأتها منذ إطاحة العسكر بالرئيس المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013، مما أوحى لحفتر ذاته بالعودة إلى سيرته الأولى والمغامرة بالانقلاب على إرادة أحفاد عمر المختار.
وأمام انشغال الجيش المصري بالسير في مواكب جنائزه في سيناء وتحفظ الغرب على تصدير السلاح النوعي إلى ليبيا، ستكون نتائج زيارة حفتر للقاهرة متواضعة ولا تعدو "تأكيد التقارب بين ضابطين كلاهما يكتب نهايته بطيشه"، وفق أحد المراقبين الليبيين.
وحسب هذا المراقب، فإن حفتر بحاجة إلى الرجال والسلاح النوعي، وليس بإمكانه الحصول على هذين المطلبين من طرف الجيش المصري الذي يواجه تحديا كبيرا في شمال سيناء ويفشل في "صدّ الانتحاريين عن الأحياء الراقية في وسط القاهرة".
وفي ظل الحاجة إلى السلاح وتخلّف رجال القبائل عن النفير إلى بنغازي، يعتقد بعض الخبراء أن استمرار حفتر في القتال لم يعد سوى استماتة مكابر يفضل السير في درب الخسارة على رفع الراية والاستسلام.
لكن "انكسار شوكة حفتر وغياب الهوية السياسية لمشروعه"، وما يقال عن زهد المجتمع الليبي في متابعة حلقات مغامراته، لا يمنع النظام المصري من التعامل معه كرجل الضرورة، في وقت ينحسر فيه نفوذ القاهرة في الإقليم.
وكما أن الانقلاب على الثورة يمثل قاسما مشتركا بين مصر وليبيا، فإن إفرازاته تضع تحديات أمام الجانبين، مما يقود إلى تفهّم التنسيق بين حفتر ونظام السيسي لمواجهة قوى الثورة السلمية وخطر الجهاديين في ذات الوقت.
وبالنسبة للكاتب المصري بشير عبد الفتاح، فإن زيارة حفتر المرتقبة تأتي في إطار حرص القاهرة على وحدة أراضي ليبيا وإعادة بناء جيشها حتى يتمكن من مواجهة المسلحين ودحر الإرهاب.
ولا تغيب عن عبد الفتاح الضرورات التي أملت وقوف مصر إلى جانب حفتر، حيث تعتمد عليه كحليف لمراقبة الحدود من أجل وقف تهريب السلاح ومنع تسلل الجهاديين.
وفي هذا الإطار، يذكّر عبد الفتاح بأن الطيران المصري نسق ضرباته لمدينة درنة الليبية مع قوات حفتر، وتلقى منها إحداثيات الأهداف التي قصفها آنذاك.
وكان الجيش المصري قد قصف درنة الليبية منتصف فبراير/شباط الماضي، وأكد أنه وجه ضربة قوية لمعاقل الجهاديين هناك، في حين أكدت مصادر طبية وميدانية أنه لم يُثخن إلا في أجساد المدنيين الأبرياء.
وخلافا لمقتضيات الإنهاك العسكري في سيناء والتشظي السياسي في القاهرة، يرى عبد الفتاح أن الجيش المصري ما يزال الأقوى والأكثر تماسكا في المنطقة بما يمكنه من دعم حفتر بالخطط والتدريب، ومدّه بالمعلومات اللازمة لمواجهة الإرهاب.
بيد أن عبد الفتاح يؤكد أن مصر لن تزود حفتر بالسلاح نظرا "لاحترامها لإرادة المجتمع الدولي"، ولن تغرد خارج السرب في حال توصل الأطراف الليبية إلى حل سياسي يوقف نزيف الدم.
أما المحلل السياسي الليبي سليمان البرعصي، فيرى أن الحديث عن الدور المصري في بلاده يتسم بالتهويل لكونه لا يتجاوز بيع الذخيرة لقوات الكرامة بقيادة حفتر، وهو ذات الدور الذي تقوم به قطر والسودان وتركيا لصالح قوات فجر ليبيا، على حد قوله.
ووفق البرعصي، فإن زيارة حفتر للقاهرة -إذا ما تمت- لن تتجاوز تأمين الذخيرة ونقاش الجدار العازل الذي تعتزم مصر بناءه على طول 1400 كلم من حدودها الواسعة مع ليبيا.
ومن خلال اطلاعه على الوضع الميداني ينفي البرعصي ما يتواتر عن انتكاس قوات كرامة ليبيا، قائلا إن الحرب سجال بين الطرفين وإنه لا توجد مؤشرات على تمكن أحدهما من كسب الصراع.