تخوف يوناني من الاستفتاء على وصفة الإنقاذ

جموع من مؤيدي المعارضة اليونانية تتظاهر أمام البرلمان اليوناني لإبداء معارضتها لسياسة الحكومة
جموع من مؤيدي المعارضة تتظاهر أمام البرلمان اليوناني ضد سياسة الحكومة (الجزيرة)

شادي الأيوبي-أثينا

يسود جو من التخوف في اليونان بعد إعلان الحكومة اليونانية عزمها إجراء استفتاء شعبي على وصفة الإنقاذ التي قدمها الدائنون. وتجمع آلاف اليونانيين أمام أجهزة الصرف الآلي للبنوك محاولين سحب ما يستطيعون من ودائعهم، في ظل مخاوف من عدم فتح البنوك غدا الاثنين، أو فرض قيود على سحب الودائع، الأمر الذي تجنبته الحكومة، في محاولة منها لطمأنة المواطنين.

ويتوقع المراقبون أن يرفض اليونانيون فرض المزيد من إجراءات التقشف في بلدهم، وهو الأمر تعول عليه الحكومة، بحيث تستند في رفضها إلى دعم شعبي واضح.

ونظمت أحزاب المعارضة خلال الفترة الماضية تظاهرات تحت عنوان "نبقى داخل أوروبا" تجمع فيها آلاف اليونانيين، وعبّروا عن معارضتهم للحكومة ودعوها إلى التوقيع على أي اتفاقية تنقذ البلد من الإفلاس أو الخروج من حزمة اليورو.

ويتوقع المحلل الاقتصادي يورغوس فيليباكيس رفض غالبية الشعب اليوناني إجراءات التقشف، مما يعزز موقف الحكومة اليونانية، نافيا أن يعني هذا الخيار خروج اليونان من حزمة اليورو "بل هو مجرد رفض للاتفاقية المعروضة. والذي يرفض الدائنون مناقشته بأي حال هو تخفيض الدين اليوناني".

وأوضح فيليباكيس أن الدائنين "يريدون على سبيل المثال رفع الضريبة المضافة على القيمة من 13% إلى 23% على جميع البضائع والمعاملات التجارية في البلد، وهو ما يعني ذهاب المزيد من الأموال إليهم، والمشكلة اليونانية الكبرى ليست فيما سبق، بل في أن اليونان -التي تدين بـ470 مليار يورو- تلقت من الدائنين حوالي 224 مليار يورو، ذهب منها 200 مليار لإنقاذ البنوك اليونانية فيما ذهب 24 مليارا إلى ميزانية الدولة، أي أن العملية كانت لإنقاذ المصارف أولاً وأخيراً، محملاً الدائنين مشكلة عجز الدولة اليونانية".

‪درويش: يتوقع رفض إجراءات التقشف‬ (الجزيرة)
‪درويش: يتوقع رفض إجراءات التقشف‬ (الجزيرة)

ترجيحات
ويعتقد المحلل الاقتصادي أن البنوك ستفتح أبوابها بشكل طبيعي غدا الاثنين، لكنه لم يستبعد إمكانية وضع قيود على سحب الودائع خلال الأسبوع القادم. ووصف المتظاهرين المناهضين للحكومة بـ"النخبة التي لا تتعدى نسبتها 5% من اليونانيين، وهم الفئة المستفيدة من الأزمة".

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة أثينا عبد اللطيف درويش إن المواطنين اليونانيين "يخشون أن يعانوا نفس أزمة قبرص"، لكنه استبعد وضع قيود على سحب الودائع. قائلا إن "البنك المركزي اليوناني طمأن المواطنين وأعلن استعداده لإعادة تزويد أجهزة الصرف بالأموال المطلوبة".

واعتبر أن اصطفاف الناس أمام آلات الصرف "تصرف طبيعي يمارسه الجمهور أوقات الأزمات". لكنه قال إن المعارضة "تحاول تصوير الاستفتاء المزمع إجراؤه على أنه تصويت على البقاء داخل حزمة اليورو أو الخروج منها، فيما تستفتي الحكومة المواطنين على قبول أو رفض إجراءات التقشف". ورجّح وصول نسبة رفض إجراءات التقشف إلى حوالي 70%، مما يشكل دعما للحكومة اليونانية.

‪ليبيراكي: الحكومة تستغل الاستفتاء لتليين الموقف‬  (الجزيرة)
‪ليبيراكي: الحكومة تستغل الاستفتاء لتليين الموقف‬  (الجزيرة)

انتقادات
أما النائبة عن حزب بوتامي المعارض أديغوني ليبيراكي، فتقول "إن الاستفتاء كمادة للضغط على الدائنين، فيه الكثير من الإشكاليات، لأنه يطلب من اليونانيين -ضمن خمسة أيام- أن يصوّتوا على نص تقني يصور لحظة واحدة من المفاوضات، فيما يجب أن يكون الاستفتاء على سؤال محدد وأن يوضح تماماً وجهتي نظر الطرفين".

وأضافت "اليونانيون لم يناقشوا إطلاقا معنى وأثر نعم أو لا على مستقبلهم، واكتفوا باتهام بعضهم البعض بالمسؤولية عن مشكلة البلد، والحكومة تستغلّ الاستفتاء كوسيلة لتليين موقف الدائنين منها. وتغيير اليورو إلى عملة أخرى سيشكل كارثة للبلد، وتجمع المواطنين لسحب ودائعهم يشكل حركة قلقة تستند إلى واقع ومنطق، حيث إن برنامج الدعم الأوروبي ينتهي بعد غد الثلاثاء مما يعني أن البنك المركزي الأوروبي لن يرسل المزيد من الأموال بعد ذلك التاريخ".

المصدر : الجزيرة