بموجب قانون مصري.. الحرية للصوص مبارك

مجلس الدولة
مجلس الدولة عدل قانون الكسب غير المشروع بما يمكن المدانين في قضايا فساد من الإفلات من العقاب (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

بعد أربع سنوات من الشد والجذب بين رموز نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك المدانين في قضايا فساد مالي وجهات قضائية قدمت الأخيرة ورقة صلح عبر موافقة قسم التشريع في مجلس الدولة على تعديل قانون الكسب غير المشروع بما يجيز إسقاط العقوبة الجنائية بحق المدانين مقابل رد المبالغ المنهوبة.

ووفق المادة ٢٣ من القانون المعدل، فإن التصالح يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها، ويأمر جهاز الكسب غير المشروع بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها على المتهمين.

أمين عام المجلس القضاء الأعلى المستشار محمد عيد محجوب الذي أعد تعديل القانون أوضح أن قيمة المبلغ المسترد تختلف حسب المرحلة التي وصلت إليها الدعوى، وفق نص التعديل القانوني.

وقال في تصريح صحفي "إذا تم التصالح أمام جهة التحقيق يسدد المبلغ الذي قدر أنه كسب غير مشروع، وإذا تم بعد الإحالة للمحكمة يسدد المبلغ ونصفه، أما إذا تم بعد صدور الحكم بالإدانة فيسدد المبلغ ومقابله".

وقبل التعديل كانت المادة 18 من قانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع تقر عقاب كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة المبالغ المنهوبة فضلا عن الحكم برد هذا الكسب.

‪حسن: التعديلات الجديدة تكرس عدم الشفافية وتقنن السرقة‬ (الجزيرة نت)
‪حسن: التعديلات الجديدة تكرس عدم الشفافية وتقنن السرقة‬ (الجزيرة نت)

إلزامية التصالح
وخلال العامين الماضيين قبلت النيابة العامة التصالح في 14 قضية فساد مالي بشكل تقديري، ولكن التعديلات القانونية الجديدة ستجعل التصالح ملزما للنيابة ومتاحا لجميع المتهمين.

وتنظر المحاكم المصرية عشرات التهم في قضايا الفاسد المالي ضد أسرة الرئيس المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه من ساسة ورجال أعمال، وعلى رأسهم حسين سالم الذي قدم طلبا للصلح مقابل رد نحو خمسة مليارات دولار إلى الدولة.

من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي لحركة قضاة من أجل مصر المستشار عماد أبو هاشم إن المادة 18 من قانون الكسب غير المشروع قبل تعديله تقر عقوبة السجن بدءا من ثلاث سنوات حتى 15 سنة للمدانين.

وأوضح في حديث للجزيرة نت أن القانون القديم أقر تغريم المدان بمبلغ مساو لقيمة الكسب غير المشروع مع رد ذلك الكسب "أي أن الدولة تحصل على ضعفي مقدار المبلغ المنهوب".

وبالنسبة لتعديل القانون، فإنه يضيع على الدولة الكثير من حقوقها المالية المسلوبة، ولا سيما أنه يفوت فرصة استغلال الأموال المنهوبة مدة بقائها في يد المتهم، وفق أبو هاشم.

وتابع "وبالتالي فإن أي مسؤول لن يكترث بالقانون إذا أراد أن يتكسب على وجه غير مشروع، كل ما هنالك أنه إذا ضبط فسيرد ما أخذه فقط ويستبقي في يده حصيلة استغلال الكسب الذي أخذه مدة بقائه في يده".

وعن نتائج تعديل القانون، توقع المستشار أبو هاشم أنه سيتيح لمبارك وأسرته الإفلات من العقوبة الجنائية مقابل رد مبالغ لا تتساوى مع مقدار ما حصلوا عليه ومن ريع الكسب الناتج عن استغلالهم له مدة ثلاثين عاما مضت.

‪غباشي: استرداد الأموال أكثر فائدة للمجتمع من سجن رجال الأعمال‬ (الجزيرة نت)
‪غباشي: استرداد الأموال أكثر فائدة للمجتمع من سجن رجال الأعمال‬ (الجزيرة نت)

حماية السيسي
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن الهدف الحقيقي وراء تعديل القانون هو حماية الرئيس عبد الفتاح السيسي ورجاله -بمن فيهم وزير العدل أحمد الزند– من المحاسبة عن كسبهم غير المشروع.

بدوره، قال المقرر القانوني لتكتل القوى الثورية حسين حسن إن تعديل قانون الكسب غير المشروع ليس دستوريا.

وأضاف للجزيرة نت أن مصير القانون المعدل هو الإلغاء كما حدث مع قانون الانتخابات الأخير الذي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته.

ويرى حسن أن التعديلات الجديدة تكرس عدم الشفافية وتفتح بابا لعدم الرقابة المالية على رجال الأعمال وكبار موظفي الحكومة، مما يعد تقنينا للسرقة.

وبالنسبة للناشط السياسي محمد عطية، فإن تمرير تعديل قانون الكسب غير المشروع يعكس قوة حضور رجال مبارك في المشهد الحالي و"كأن الثورة لم تقم".

وأضاف للجزيرة نت أن نظام مبارك بدأ منذ فترة في العودة مرة أخرى إلى المشهد السياسي، لكن القانون الجديد الذي يؤدي للتصالح المالي مع الفاسدين يعتبر قتلا لثورة 25 يناير وعودة إلى عهد المخلوع مرة أخرى.

في المقابل، رأى مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور مختار غباشي أن تعديل قانون الكسب غير المشروع مفيد مجتمعيا.

وأوضح للجزيرة نت أن المجتمع سيستفيد من الأموال المستردة من رجال الأعمال "في حين أنه لن يستفيد شيئا من سجنهم".

وفي ما يخص العقاب الجنائي فإن غباشي يجده غير مجد، مشيرا إلى طرق أخرى عقابية مثل الحرمان من العمل العام أو السياسي.

المصدر : الجزيرة