القنوت السياسي.. مصدر إزعاج للأوقاف المصرية
رمضان عبد الله-القاهرة
وكانت وزارة الأوقاف طلبت من أئمة المساجد الاقتصار على المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت، وعدم توظيفه لمنافع شخصية أو مكاسب سياسية.
وأشارت الوزارة في بيان أصدرته الجمعة الماضية إلى ضرورة عدم تجاوز ما يعادل زمن الدعاء، حتى لا يخرج بالعبادة عن مقاصدها الشرعية إلى أي غرض لا يتفق "وطبيعة الصلاة وطبيعة المسجد وما يجب أن نتحلى به من الخشوع والإخبات لله عز وجل".
وقبيل شهر رمضان أقرت الأوقاف إجراءات عدة أهمها منع استخدام مكبرات الصوت في الصلاة عدا الأذان والإقامة، وفرض شروط الاعتكاف وقصره على المساجد العامة الخاضعة لإشرافها، وحصر الكتب الموجودة في المساجد واستبعاد "ما يدعو إلى التشدد"، ومحاسبة الأئمة حال مخالفتهم لهذه التعليمات.
ويرى الداعية الإسلامي عبد السلام عبد الكريم أنه لا مبرر لبيان وزارة الأوقاف الأخير، واصفا إياه بالتدخل السافر في العلاقة بين العبد وربه.
وأضاف عبد الكريم للجزيرة نت أن الأوقاف تفعل أكثر مما كانت تقوم به مباحث أمن الدولة في التضييق والرقابة على المساجد والأئمة في العقود السابقة.
تحريك الشارع
وعزا عبد الكريم حرص الوزارة على التدخل في مضمون وزمن الدعاء إلى خوفها من أن ينتشر الحديث بين الناس عن قضايا الفساد والأبرياء في السجون، قائلا إنها تخشى تحريك حفيظة الشارع ضد النظام الحاكم.
وأشار إلى أن دعاء القنوت يقصد به جلب المنافع العامة والخاصة، والأمور السياسية تدخل في هذا الإطار فلا ضير إذا دعا الإنسان بها، حسب تقديره.
بدوره، قال الواعظ محمود سيد إن ما أعلنته الأوقاف مزايدة في غير محلها وفي سياق سياسي وكلمة حق يراد بها باطل.
وأرجع سيد تدخل الأوقاف في مضمون وزمن الدعاء إلى خوفها من أن يتطرق الأئمة للدعاء على الفاسدين والظالمين، وهذا بالطبع "يؤرق الوزارة والنظام الحاكم".
وأضاف للجزيرة نت أن هذا الوضع يذكر بما أصدرته الأوقاف من تعليمات إثر عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي بمنع الدعاء على الظالمين، وتساءل مستنكرا: هل تمارس الرقابة والتضييق على الكنائس كما تمارسها على المساجد؟
مصائب الناس
واستنكر أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر محمد سيد التدخل في مضمون وزمن الدعاء، لكنه قال إن "وقت دعاء القنوت ينبغي ألا يطول، والأفضل الالتزام بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم".
ولفت سيد إلى مشروعية الخروج عن المأثور لحاجة اقتضت ذلك، كالدعاء ليرفع الله ما نزل بالناس من مصائب، أو أشياء عامة فيها نفع للمسلمين.
أما منسق حركة "صحفيون ضد الانقلاب" أحمد عبد العزيز فيرى أن كل مؤسسات الدولة تنفذ ما تمليه السلطة الحاكمة عليها بما فيها وزارة الأوقاف، مؤكدا على الغرض السياسي للبيان.
وأضاف عبد العزيز للجزيرة نت أن الأوقاف تعتقد أن هذه الإجراءات ستقضي على ما تقوم به التيارات الإسلامية جميعها للوصول إلى الناس، وتحدّ من تفاعل الشارع مع هذه التيارات.
ولا يستغرب عبد العزيز "سعي النظام الحاكم من خلال الأوقاف للتدخل في طبيعة العلاقة بين العبد وربه، لأنه نظام أباح القتل واعتقال الأبرياء والقمع لكل من يختلف معه".