بزيبز.. جسر يروي معاناة عراقيين تغربوا في وطنهم

الصورة رقم 1 رئيسية للنازحين وهم بالقرب من جسر بزيبز
اكتظاظ نازحي الأنبار على جسر بزيبز سعيا لدخول بغداد (الجزيرة)

علاء يوسف-بغداد

لم يكن أغلب العراقيين يعرفون جسر بزيبز الذي يربط محافظتي الأنبار وبغداد قبل موجات النزوح من الأنبار في الآونة الأخيرة، فلم يعد مجرد رابط بين ضفتي نهر، بل أصبح شاهدا على خوف امرأة وجوع طفل وحسرة رجل.

وقد نزح أكثر من 25 ألف شخص من مدينة الرمادي (مركز الأنبار) خلال الأسبوع الماضي فقط بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وتمدده في مناطقها، وانسحاب القوات الحكومية خارج المدينة، وهو ما وصفه قادة أمنيون بـ"انسحاب تكتيكي".

يقول المواطن محمد الحلبوسي (30 عاما) في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن "قوات الأمن العراقية منعتنا لثلاثة أيام من دخول بغداد عبر جسر بزيبز، وقالت إن لديها أوامر من القيادات العليا بذلك".

وأضاف "المعاناة التي عشناها على الجسر تختزل معاناة سنين قبل السماح لنا بالدخول إلى بغداد، ولم نكن نعلم أننا سندخل، كنا نتوقع أن نموت على الجسر في أي لحظة".

ويشير إلى أن اثنين من أطفاله أصيبا بمرض جلدي بسبب عدم وجود مياه صالحة للاستعمال، وأن أطفاله ينامون على الأرض بين الحشرات، حيث لم يغيروا ملابسهم منذ نحو أسبوع.

نازحون من الأنبار بانتظار كفلاء لدخول بغداد (الجزيرة)
نازحون من الأنبار بانتظار كفلاء لدخول بغداد (الجزيرة)

معاناة
وأظهرت صور تناقلها مدونون عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولادة امرأة من نازحي الرمادي على جسر بزيبز بطريقة بدائية من دون أي وقاية أو إجراءات طبية.

وعند دخول النازحين إلى بغداد لم توفر الجهات المعنية بملف إغاثة النازحين أي مساعدات لهم، فلا مخيمات تؤويهم ولا غذاء يكفيهم، ولا راحة تخفف عنهم الآلام.

أبو عمر (54 عاما) لم يكن يود الحديث عن نزوحه من الرمادي ولا دخوله بغداد، فكل شيء أصبح بالنسبة له "غير مهم" بعد مشاهدته جثث أقربائه وجيرانه في الشوارع، وبينما كان ينوي الخروج من الموت إذ به يتجه نحو موت آخر على جسر بزيبز.

ويتحدث وهو جالس على أحد أرصفة منطقة العامرية (غربي بغداد) قائلا "قررت العودة إلى جسر بزيبز بعدما يئست من الحصول على مأوى لعائلتي المكونة من ستة أفراد، فالعودة إلى الجسر أهون بكثير من البقاء في شوارع بغداد كالمتسولين".

عائلة أنبارية جلست على أرصفة العامرية ببغداد وعادت إلى جسر بزيبز (الجزيرة)
عائلة أنبارية جلست على أرصفة العامرية ببغداد وعادت إلى جسر بزيبز (الجزيرة)

مسؤولية الحكومة
وحمل أبو عمر -في حديثه للجزيرة نت- الحكومة الاتحادية مسؤولية عدم إغاثتهم، مؤكدا أن "البغداديين لا يتحملون أي جزء من وجودنا في الشوارع، فهم يخشون تسلل الإرهاب معنا بعدما زرعت السلطات الأمنية الخوف في نفوسهم، لذلك نعذر البعض الذي لم يفتح بابه لنا واكتفى بتقديم مساعدات".

وعادت أكثر من عشر عائلات من منطقتي العامرية والغزالية (غربي بغداد) إلى جسر بزيبز كي لا تبقى من دون مأوى في شوارع بغداد.

ويبدو أن هناك قيودا من قبل السلطات الأمنية القريبة من الجسر على وسائل الإعلام التي تنقل معاناة النازحين بعدما رفضت وصول عدد منها إلى مكان وجود النازحين.

وفي منطقة الغزالية ببغداد جلست عائلة أنبارية مكونة من ست نساء ساعات على الرصيف، بينما نام الأطفال بسبب الحرارة والجوع، ولم يكن من سبيل لدى العائلة سوى انتظار المجهول بعد معاناة طويلة قبل تمكنها من دخول العاصمة.

ولم تحتمل هذه العوائل البقاء في الشارع طويلا فقررت إيقاف سيارات أجرة ومغادرة المنطقة عائدة إلى الجسر انتظارا لمواجهة مأساة جديدة.

المصدر : الجزيرة