هل يقف السيسي وراء الهجوم على "تونا" التركية؟

السيطرة على سفينة تنقل النفط الليبي غير الشرعي
الصراع بين الفرقاء الليبيين وداعميهم الخارجيين يمتد من البر إلى البحر (الجزيرة-أرشيف)
عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة
 
تناولت صحف مصرية ما نشرته صحيفة تركية بشأن مسؤولية مصر عن هجوم تعرضت له سفينة تركية قرب السواحل الليبية من دون الإشارة إلى أي موقف مصري في هذا الصدد.

وكانت صحيفة "يني عقد" التركية قد ذكرت أن الهجوم الذي تعرضت له السفينة التركية "تونا1" من قبل قوات تابعة لحكومة طبرق الليبية أثناء عبورها مياه البحر الأبيض باتجاه ليبيا وأدى لمقتل أحد قادتها جاء بأمر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ورغم صراحة الاتهام لم يصدر أي رد رسمي من رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية المصرية، لكن صحفا مصرية استغلت الخبر لتواصل ما دأبت عليه منذ شهور من توجيه انتقادات لتركيا، حيث اتهمت صحيفة فيتو الصحافة التركية بالاستمرار في الإساءة لسمعة مصر عبر الادعاء بأن السيسي يقف وراء هجوم ليبيا على السفينة التركية، كونه الصديق الوحيد في المنطقة لحكومة طبرق بليبيا.

تبرير إعلامي
أما صحيفة اليوم السابع فأعادت نشر نص تقرير للجنة الخبراء التابعة لهيئة الأمم المتحدة حول الوضع الأمني في ليبيا، والذي تم تسليمه لمجلس الأمن في فبراير/شباط الماضي وكشف -بحسب الصحيفة- عن دور تركيا في نقل صفقة سلاح إلى الجماعات المسلحة بليبيا عبر سفينة تركية تم ضبطها قرب اليونان.

وأضافت الصحيفة في موضوع آخر أن الحكومة الليبية المعترف بها دوليا سبق أن حذرت من إرسال سفن إلى المياه الليبية دون إذن منها، مشددة على أن السفينة التركية حاولت دخول المياه الليبية عنوة دون التنسيق مع الجهات المختصة.

بدوره، نقل موقع "دوت مصر" عن قائد القوات الجوية الليبية العميد صقر الجروشي أن السفينة التركية اخترقت المياه الإقليمية الليبية، وكانت في طريقها لميناء درنة الذي أعدم به 21 مصريا على يد تنظيم الدولة الإسلامية، وهو الأمر الذي دفع القوات الليبية للتصدي لها.

‪المنير لم يستبعد إقدام السيسي على مهاجمة السفينة التركية‬ (الجزيرة)
‪المنير لم يستبعد إقدام السيسي على مهاجمة السفينة التركية‬ (الجزيرة)
وكانت مصر أعلنت في وقت سابق تنفيذ خطة عسكرية لقطع ما سمتها خطوط الإمداد والاتصال الخارجية للتنظيمات الإرهابية في ليبيا، حيث تعتقد القاهرة أن السلاح يصل إلى قوات فجر ليبيا من خلال السفن إلى موانئ درنة ومصراتة، قادما من تركيا وقطر.

وبدأت مصر مؤخرا سلسلة خطوات تصعيدية ضد تركيا بسبب موقفها الداعم لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس السابق محمد مرسي الذي عزله قائد الجيش قبل نحو عامين، بدأت بتشكيل تحالف سياسي مع اليونان وقبرص، بالإضافة لعدم تجديد اتفاقية الرورو التي تنقل تركيا بموجبها بضائعها إلى دول الخليج عبر مصر، كما شاركت مصر لأول مرة هذا العام في إحياء الذكرى السنوية لما تسمى مجازر الأرمن.

علاقات متدهورة
وتحدثت الجزيرة نت إلى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير الذي أكد عدم وجود معلومات موثقة تؤكد أو تنفي ما أوردته الصحيفة التركية، لكنه قال إنه لا يستبعد أن يقدم السيسي على مثل تلك الخطوة، خاصة أن العلاقات التركية المصرية تمر بمرحلة بالغة السوء في أعقاب الانقلاب العسكري.

وأضاف أن المشكلة بين تركيا ومصر لا تقتصر على دعم أنقرة القوى المعارضة للسلطة المصرية التي أعقبت انقلاب يوليو/تموز 2013، وإنما يمتد إلى الوضع في ليبيا، حيث يدعم كل منهما أحد طرفي الصراع الدائر هناك.

 
وبشأن مستقبل العلاقات بين مصر وتركيا توقع المنير أن يظل التلاسن السياسي دون تقارب أو تباعد أكثر من ذلك، لأن هناك علاقات اقتصادية بينهما لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها.

‪محمد محسن أبو النور: أفق العلاقات المصرية التركية يبدو مغلقا‬ (الجزيرة)
‪محمد محسن أبو النور: أفق العلاقات المصرية التركية يبدو مغلقا‬ (الجزيرة)

محملة بالسلاح
من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي محمد محسن أبو النور أنه لا توجد آليات واضحة للتثبت من صحة الخبر ومدى اشتراك السلطات المصرية في عمليات من هذا النوع، لكن على ما يبدو فإن القاهرة كانت لديها معلومات بأن السفينة تحمل أسلحة من تركيا للقوات الموالية لحكومة طرابلس، وبالتالي أرادت التصدي لها.

وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن أفق العلاقات المصرية التركية يكاد يكون مغلقا تماما على الأقل في المديين القريب والمتوسط في ضوء عاملين اثنين، الأول الموقف التركي الذي لا يريد أن يتراجع خطوة واحدة إلى الوراء في ما يتعلق بشروط إعادة العلاقات مع مصر والرفض المصري لأي وساطات إقليمية.

أما الثاني فهو السياسات العامة في العلاقات الخارجية التي أعلنت عنها مصر عن طريق كلمة وزير الخارجية سامح شكري في جامعة القاهرة قبل أيام، والقاضية بأن مصر لن تعيد العلاقات مع كل من إيران أو تركيا في ظل حالة السيولة التي تمر بها الملفات العربية المفتوحة في كل من اليمن وسوريا والعراق ولبنان.

المصدر : الجزيرة