السيسي وعاصفة الحزم.. مشاركة أم مقاطعة؟

أحمد السباعي

يتنقل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بين المواقف بسرعة لافتة، فبعد قوله قبل أيام إن "الجيش المصري لوطنه فقط" يعود لمعزوفة "مسافة السكة" لمواجهة أي تهديد، ولكن بكلمات جديدة مفادها أن "أمن الخليج جزء من أمننا القومي".

السيسي في خطابه الأخير ذهب أكثر من تصريحاته السابقة في موضوع الدفاع عن الخليج، وقال -بعد اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة- إن "مصر لن تتخلى عن أشقائها في الخليج وستقوم بحمايتهم إذا تطلب الأمر" مشددا على أن "حماية مضيق باب المندب قضية أمن قومي لمصر، وأن الجيش المصري سيتصدى لأي تهديد له". وطالب الشعب المصري "بأن يطمئن ويتأكد أننا حريصون على كل قطرة دم مصرية، لكننا الآن أمة في خطر".

هذا الكلام قرأ فيه محللون ومراقبون تمهيدا لتدخل بري وشيك للجيش في اليمن، وترافق مع حديث إعلاميين وخبراء عسكريين انقسموا حول الجدوى من التدخل البري، واستذكر بعضهم توريط الجيش المصري في اليمن كما حدث في ستينيات القرن الماضي، الأمر الذي رد عليه السيسي بالقول إن "الوضع مختلف والحسابات مختلفة، وتدخلنا في الستينيات مختلف عن تدخلنا الآن".

السيل الإعلامي الممهد للتدخل البري بدأته الكاتبة الكويتية فجر السعيد، ببثها مقطع فيديو لما قالت إنه "أولى الضربات التي وجهتها البوارج المصرية، للحوثيين في جبل حديد بعدن".

‪فجر السعيد نشرت فيديو لما قالت إنها أولى الضربات التي وجهتها البوارج المصرية للحوثيين‬ (ناشطون)
‪فجر السعيد نشرت فيديو لما قالت إنها أولى الضربات التي وجهتها البوارج المصرية للحوثيين‬ (ناشطون)

الجيش للحرب
وقالت الكاتبة في تغريدة على "تويتر" إن هذا "أول فيديو للضربات التي وجهتها البوارج المصرية إسنادا للجيش الشعبي الجنوبي لتعزيز موقفهم في حماية بلدهم في جبل حديد بعدن، ولتعزيز موقفهم في حماية بلدهم من إرهاب الحوثيين".

من جانبه، أكد الكاتب عبد الله السناوي -في مداخلة تلفزيونية- أن "قرار التدخل البري اتخذ بالفعل وأن اجتماع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان لاستكمال الإجراءات الدستورية لإرسال الجيش إلى خارج البلاد، في ظل غياب البرلمان".

الإعلامي عمرو أديب، لم يكن مباشرا في الدعوة للتدخل البري، لكنه مهد الأرض بالقول إن "الجيوش خُلقت لتحارب، ولتموت، ولتُصاب، ولتقوم بأغلى مهمة". وأضاف أن "العسكري المصري غالي عندنا وكل حاجة، بس هو الجيش ليه؟ الجيش موجود للحرب مش عشان يرصف شوارع". وتساءل عن دور مصر في حرب اليمن، قائلًا "إحنا فين؟ دورنا فين؟".

أما رئيس تحرير صحيفة الأخبار، ياسر رزق، فبرر نية التدخل البري "بعدم سماح مصر لإيران بالسيطرة على باب المندب وتهديد حرية الملاحة في قناة السويس".

اللافت في هذه التغطية الإعلامية أن الأصوات المعارضة للتدخل البري والمهاجمة له كانت أعلى، ووصلت إلى حد الحديث عن أن مشاركة مصر في عملية "عاصفة الحزم" "لعرقلتها ومنعها من التقدم" وفق الخبير الإستراتيجي أحمد عز الدين.

ولم يكتف الرجل -الذي يوصف بأنه مقرب من النظام- بهذا، بل قال -في لقاء تلفزيوني على إحدى القنوات المصرية- إن "السعودية تريد تغيير الطبيعة السكانية والمذهبية للشعب اليمني" مشيرًا إلى أن هذه الحرب يستحيل الانتصار فيها، نظرًا لطبيعة الشعب اليمني، الذي يتوحد على من يحاربه، منتقدًا تدمير الغارات الجوية التابعة للتحالف للجيش اليمني وقدراته العسكرية، هذا الجيش هو جيش اليمنيين وليس جيش الحوثيين".

مغرد سعودي يسأل عن كيفية السماح لمظاهرة أمام السفارة السعودية
مغرد سعودي يسأل عن كيفية السماح لمظاهرة أمام السفارة السعودية "تشتم رموزنا" (ناشطون)

مظاهرة احتجاجية
من جهته، يقول الخبير العسكري سامح سيف اليزل إن سيطرة الحوثيين على وحدات هامة من الجيش اليمني، إضافة إلى المساعدات التي يقدمها لهم أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، يجعلهم أكثر قدرة على التصدي لأي عملية برية قريبة.

في السياق، يرى الخبير العسكري محمود زاهر أن خوض الجيش المصري حربا برية باليمن يترتب عليه خسائر كبيرة وسيكون له أثر سلبي على النتائج النهائية لعملية "عاصفة الحزم" مشيرا إلى أن هذا التدخل قد يغضب الشعب اليمني ويحول مؤيدي عاصفة الحزم إلى معارضين لها.

الكاتب محمد حسنين هيكل، ذكّر السيسي بتجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باليمن في ستينيات القرن الماضي، وأوضح أنه "علينا أن ندرس إلى أي مدى نحن مستعدون للحرب، فنحن لدينا تجربة في اليمن لم يدرسها أحد، لدينا تجربتنا التي ما صدقنا تخلصنا منها، فطوينا ملفاتها دون دراسة".

ولم يكن الاعتراض حكرا فقط على الخبراء والإعلاميين، ففي بلد صدر فيه قانون للتظاهر يتشدد في إعطاء التصاريح، ويُحكم فيه بالسجن سنوات بحق نشطاء بسبب التظاهر، نفذ العشرات من جماعة تطلق على نفسها حركة "البديل الثوري" وقفة احتجاجية ضد عملية "عاصفة الحزم" أمام السفارة السعودية بالجيزة.

ورفع المشاركون، في الوقفة، لافتات تهاجم ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز وتطالب بطرد السفير السعودي بالقاهرة، وتصف العملية "بالعدوان البربري".

المصدر : الجزيرة