الأنبار بين مطرقة تنظيم الدولة وسندان الحشد الشعبي

In this photo taken on Wednesday, April 8, 2015 Iraqi Prime Minister Haider al-Abadi, center, inspects weapons submitted to security forces and Sunni volunteers at a camp in Habaniyah, 80 kilometers (50 miles) west of Baghdad, Iraq. After victory against Islamic State militants in the city of Tikrit, Iraq's prime minister vowed, earlier in the week, to protect the people living in territories controlled by the Islamic State group from any retribution or rights violations when their lands are retaken by government forces. (AP Photo)
نواب من الأنبار قالوا إن الجيش استلم تعزيزات اقتصرت على بنادق رشاش لمواجهة تنظيم الدولة (أسوشيتد برس)
أحمد الأنباري-الأنبار
تكررت الاتهامات لمليشيات ما يسمى "الحشد الشعبي" بالقيام بأعمال انتقامية لا تقرها قوانين وأعراف الحروب والقانون الدولي، وكانت الاتهامات بقيام تلك المليشيات بأعمال سلب ونهب وحرق للممتلكات في معركة تكريت آخر حلقة في حلقات الجدل حول مغزى زج مليشيات إلى جانب جيش نظامي. 

ونتيجة للأعمال الانتقامية التي يُتهم بها منتسبو "الحشد الشعبي" في ديالى ومحيط بغداد ثم في تكريت مؤخرا، تواجه مشاركتهم في معركة إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من محافظة الأنبار معارضة شديدة من الأوساط الشعبية والرسمية في المحافظة. 

وتستمد مليشيا الحشد الشعبي قوتها من فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني التي تشكلت بموجبها، كما أنها تضم فصائل لها سطوة في العراق ومدعومة بقوة من إيران التي تتهم بالسيطرة على مفاتيح المشهد السياسي العراقي. 

ونتيجة لذلك، فإن السلطات العراقية لا يبدو أنها تحبذ إعفاء "الحشد الشعبي" من المشاركة في معركة الأنبار، وذهب ممثلون عن المحافظة في مجلس النواب إلى الاعتقاد بأن تكون خسارة القوات العراقية مناطق كانت تسيطر عليها في شمال مدينة الرمادي، كبرى مدن الأنبار، لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، تقف وراءه محاولات لإدخال مليشيات "الحشد الشعبي" إلى المحافظة.

تخوفات
ويتخوف سكان المحافظة من مشاركة "الحشد الشعبي" خوفا من تكرار سيناريو مدينة تكريت، حيث جرت عمليات سلب ونهب وحرق طالت مئات المنازل والمتاجر والمساجد.

جدير بالذكر، أن تطورات ملفتة للنظر على الصعيد العسكري حدثت في الأنبار خلال الأيام القليلة الماضية، فقد شنّ تنظيم الدولة هجوما واسعا ومنظما من عشر محاور على مدينة الرمادي بعد 24 ساعة من مغادرة رئيس الحكومة حيدر العبادي مطار الحبانية شرقي الفلوجة، أعلن خلالها انطلاق عملية تحرير الأنبار.

وكان من المتوقع أن يكون إعلان العبادي بدء معركة الأنبار قد جاء بعد استكمال الاستعدادات العسكرية للمعركة، إلا أن المفاجأة كانت بانسحاب الجيش أمام هجوم المسلحين الذي تميز بكثافة نارية عالية وسيطرتهم على منطقتين في شمال المدينة، من ضمنهما المنطقة التي تضم ما كان يعرف بـ"ساحة الاعتصام".

ويرى الخبير العسكري هاشم الحلو أن رئيس الحكومة حيدر العبادي "استبق الجميع في إعلان الهجوم على الأنبار، على الرغم من علمه بصعوبة الأمر".

ويقول النائب في مجلس النواب العراقي عن محافظة الأنبار فارس طه الفارس، إن "إعلان بدء العمليات العسكرية في المحافظة بدا وكأنه مجاملة من القيادات العسكرية لزيارة رئيس الوزراء إلى الأنبار، لأن القوات هناك لم تكن مستعدة للمعركة وتحولت إلى الدفاع".

ويضيف الفارس للجزيرة نت "سمعنا أن القوات في الأنبار حصلت على أسلحة، وكنت أظنها ثقيلة، لكن بعد أن زرت القطعات العسكرية المنتشرة هناك وجدت أنها رشاشات أوتوماتيكية ذات المقبضين(نوع من أنواع الكلاشنيكوف)، وهي أسلحة غير فعالة في الحرب ضد تنظيم الدولة".

من جهة أخرى، ترجح بعض المصادر من داخل المحافظة أن تلكؤ الجيش في الأنبار قد يكون لإظهار الحاجة لمشاركة الحشد الشعبي في المعركة، وبالتالي تبرير وجوده إلى جانب الجيش الحكومي.

ويؤيد ذلك التوجه عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب محمد الكربولي، الذي أكد وجود ضعف واضح في تجهيز القوات الأمنية في محافظة الأنبار بالعتاد والسلاح، وعزا ذلك إلى محاولة السطات لإدخال "الحشد الشعبي" إلى المحافظة.

وفي هذا السياق، يعتقد أن عدم كفاية المقاتلين "يجعلنا نتوقع وجود الحشد الشعبي في استعادة الأنبار من تنظيم الدولة"، وتوقع الخبير العسكري حربا طويلة تستنزف الجيش والعشائر.

من جانب آخر، يخشى الفارس أن يكون التراجع الأمني في الرمادي، سببه الخلاف بين الحكومة والحشد الشعبي من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث تعارض واشنطن أو أنها -على الأقل- غير متحمسة لمشاركة الحشد الشعبي في المعارك.

وقال "لا نريد للأنبار أن تكون ضحية لذلك الخلاف. واشنطن لا تريد دخول الحشد في المعارك، والحكومة لن تكون جادة في أية معركة دون وجود الحشد، ونحن في الوسط".

رفض عشائري
أما على الصعيد الشعبي، فقد عبرت قيادات عشائرية في الأنبار عن رفضها لمشاركة مليشيات الحشد الشعبي في المعارك ضد تنظيم الدولة، واعتبرت أن سجل تلك المليشيات لا يبشر بخير.

ويرى الشيخ عمر الدليمي، أحد شيوخ العشائر البارزين في مدينة الرمادي، أن تصرفات مقاتلي الحشد الشعبي في مدينة تكريت "بعيدة كل البعد عن الأخلاق العسكرية".

وأضاف للجزيرة نت أن "ما قام به عناصر الحشد الشعبي من حرق وتدمير وسرق ونهب ممتلكات المواطنين، جعلنا نعيد حساباتنا كثيرا بإشراك الحشد الشعبي في معارك تحرير الأنبار".

في المقابل، يتهم القائمون على مليشيا "الحشد الشعبي" بعض القيادات في الأنبار بإظهار غير ما يبطنون.

ويقول المتحدث باسم الحشد الشعبي كريم النوري إن "الكثير من شيوخ عشائر الأنبار وسياسييها يدعون في الخفاء لمشاركة الحشد الشعبي بالمعارك الدائرة في المحافظة"، وطالب أولئك الشيوخ والسياسيون بضرورة "توجيه دعوات علنية بهذا الشأن".

ويؤكد النوري أن مليشيات الحشد الشعبي متواجدة في كل مكان فيه تنظيم الدولة، إلا أنه أقر بضعف وجودها في بعض مناطق الأنبار.

وأضاف النوري للجزيرة نت أن "الحشد الشعبي يعمل ضمن أوامر القائد العام للقوات المسلحة ولن يتردد في التواجد بالأنبار إذا استدعى الأمر ذلك، لأنه في كامل جاهزيته واستعداده لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في كل مكان".

المصدر : الجزيرة