اعتقال التجار.. أداة إسرائيلية لتدمير اقتصاد غزة

إسرائيل تعتقل مؤخراً نحو إثني عشر رجل أعمال فلسطيني بمعبر بيت حانون.
إسرائيل اعتقلت مؤخراً 12 رجل أعمال فلسطينيا بمعبر بيت حانون (الجزيرة نت)

محمد عمران-غزة

يشكل اعتقال نحو 12 تاجراً ورجل أعمال من قطاع غزة، داخل معبر بيت حانون "إيريز"، تحولاً نوعياً في الفئات المستهدفة بالاعتقال من قبل الاحتلال، ما أثار شكوكاً واسعة حول تجاوز إسرائيل لأهدافها الأمنية إلى التضييق على الاقتصاد الفلسطيني.

وما يزيد من هذه الشكوك، اعتقال العدد الأكبر من التجار خلال فترة وجيزة لا تتجاوز شهراً ونصف الشهر، إضافة إلى أن المعتقلين يتنقلون بتصاريح إسرائيلية منذ سنوات طويلة، عبر معبر بيت حانون الفاصل بين القطاع من جهة والضفة الغربية وإسرائيل من جهة أخرى.

التاجر الفلسطيني رياض المشهراوي واحد من بين هؤلاء، استدعي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي لمقابلة مخابرات الاحتلال بمعبر بيت حانون للرد على طلبه بتجديد تصريحه، لكن ذويه فوجئوا بمتصل إسرائيلي يبلغهم باعتقاله ونقله إلى أحد السجون الإسرائيلية للتحقيق.

ويؤكد ابنه سالم أن والده يتنقل بين غزة وإسرائيل منذ ثلاثة عقود، ولم يسبق أن تعرض للاعتقال أو التحقيق، لافتاً إلى أنه غادر القطاع مرواً بمعبر بيت حانون قبل ثلاثة أسابيع من اعتقاله، لتوريد أدوات ومعدات كهربائية لشركته بغزة.

وينفي سالم للجزيرة نت أي علاقة لأبيه بالمزاعم الإسرائيلية حول بيعه لبضائع وسلع لأشخاص يصفهم الاحتلال بالأعداء، مضيفاً أن محلات الشركة تبيع لكل الراغبين، وليس من المنطقي الطلب من كل مشتر التعريف بنفسه.

ويشير إلى أن الأصناف التي توردها وتبيعها شركة والده، موجودة في شركات أخرى بغزة، معتبراً أن "عملية الاعتقال مستهجنة وتستهدف تضييق الخناق على القطاعات الاقتصادية بالقطاع".

‪الحايك: إسرائيل تسعى لتحويل رجال الأعمال الفلسطينيين كمسوقين لمستوردين إسرائيليين‬ (الجزيرة)
‪الحايك: إسرائيل تسعى لتحويل رجال الأعمال الفلسطينيين كمسوقين لمستوردين إسرائيليين‬ (الجزيرة)

تداعيات سلبية
ويتسبب استمرار اعتقال رجال الأعمال بتداعيات سلبية واسعة على الاقتصاد في غزة، خصوصاً وأن من اعتقلوا يشكلون ركائز أساسية لقطاعات اقتصادية متعددة، وفق رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك.

ويعتقد المسؤول الفلسطيني أن معبر بيت حانون تحول إلى "مصيدة" لرجال الأعمال، الذين أصبحوا يترددون في اجتياز المعبر، رغم حصولهم على تصاريح إسرائيلية خشية اعتقالهم، وهو ما يؤثر على حركة الاستيراد وفق تقديره.

وبينما يجزم الحايك في حديثه للجزيرة نت أن الاعتقالات تستهدف استكمال تدمير الاقتصاد الغزي المدمر أصلاً جراء العدوان الأخير، يشير إلى وجود مساعٍ لاستمرار تبعية رجال الأعمال الفلسطينيين للمستوردين الإسرائيليين، وعملهم كمسوقين وليس كمستوردين من دول خارجية.

‪العلمي: الاعتقالات غير قانونية وتداعياتها تعد عقاباً جماعياً لغزة‬ (الجزيرة)
‪العلمي: الاعتقالات غير قانونية وتداعياتها تعد عقاباً جماعياً لغزة‬ (الجزيرة)

مزاعم إسرائيلية
وتزعم إسرائيل أن التجار المعتقلين يدعمون أو يبيعون ما يستوردونه من بضائع، لجهات تصفها بالإرهابية والمعادية كحركة حماس، علاوة على تهريب سلع ممنوعة.

بيد أن رئيس جمعية رجال الأعمال ينفي هذه المزاعم، باعتبار أن كل السلع المدخلة إلى غزة، يتم التنسيق لها وأخذ التصاريح اللازمة من قبل الاحتلال، إضافة إلى أن معبر كرم أبو سالم، المنفذ الوحيد للبضائع، يخضع للرقابة الإسرائيلية الدقيقة.

وتعد هذه الاعتقالات غير قانونية وسياسية وتتناقض مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وفقاً للمحامي بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد العلمي، خصوصاً وأن الاتهامات الموجهة للمعتقلين تتعلق بتجارتهم.

ووفق حديث الحقوقي الفلسطيني للجزيرة نت، فإن اعتقال رجال الأعمال بهذه الطريقة يشكل تحولاً كبير وخطيراً إزاء سكان قطاع غزة الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة، معتبراً أن ما يحدث سياسة ممنهجة من الجانب الإسرائيلي كعقاب جماعي واقتصادي.

المصدر : الجزيرة