مسيرة توحد تونس ضد "الإرهاب"
خميس بن بريك- تونس
رغم إعاقته أصرّ التونسي لسعد على المشاركة بالمسيرة التي خرج فيها عشرات آلاف المتظاهرين إلى جانب عدد من القادة وشخصيات دولية في العاصمة تونس رفضا "للإرهاب" وتنديدا بـهجوم متحف باردو.
وكغيره من المتظاهرين رفع لسعد علم تونس الذي رفرف عاليا في ساحة باردو في العاصمة حيث يقع مجلس نواب الشعب (البرلمان) محاذيا لـمتحف باردو الذي تعرض قبل عشرة أيام لهجوم شنه مسلحون وأسفر عن مقتل عشرين سائحا ورجل أمن ومسلحين اثنين.
ويقول لسعد للجزيرة نت إنه رغم مشقة السير على كرسيه المتحرك أصر على الخروج في المسيرة الحاشدة حتى يتضامن مع أبناء بلده في محنتهم، معتبرا أن وقوف المواطنين صفا واحدا لجانب قواتهم العسكرية والأمنية يسهم بالرفع من معنوياتهم عاليا.
وحدة وتحديات
ويرى هذا الرجل أنّ الاعتداءات التي استهدفت أمن بلده لا يمكن إلا أن تزيد من وحدة الشعب التونسي في تحديه لظاهرة الإرهاب، معربا عن ثقته في الأجهزة الأمنية في تعقب الجماعات التي تخطط لضرب استقرار البلاد وإحباط جميع مخططاتها.
وقد تمكنت قوات الأمن التونسية من قتل تسعة مسلحين الليلة الماضية، من بينهم المكنى لقمان أبو صخر زعيم ما يعرف بكتيبة عقبة نافع التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، التي يتحصن مسلحوها في جبل الشعانبي بمحافظة القصرين (وسط غرب) حيث نفذوا العديد من الهجمات التي راح ضحيتها عسكريون وأمنيون.
ويأتي ذلك عقب حملة اعتقالات مكثفة قامت بها قوات الأمن في الأيام الأخيرة، حيث أعلنت مؤخرا وزارة الداخلية التونسية عن اعتقال عدة عناصر لها صلة بالاعتداء على متحف باردو، من بينهم عنصر وصفته بالخطير وقالت إنه المشرف على تنفيذ عملية باردو.
مواجهة مشتركة
من جهة أخرى اعتبر لسعد أن خروج الآلاف من المتظاهرين في المسيرة التي حضرها رؤساء ووزراء وسفراء ودبلوماسيون من مختلف الجنسيات يبين أن تونس ليست وحيدة في مواجهة خطر الإرهاب، وأن هناك حرصا دوليا من أجل مساعدتها على نجاح مسيرتها.
وقد توافد العديد من رؤساء الدول، منهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعدد من الوزراء ورؤساء الحكومات، بينهم رئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، وغيرهم من الشخصيات السياسية.
من جانبه، يقول الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني للجزيرة نت إن هبة التونسيين والأجانب للمشاركة في المسيرة التضامنية عقب اعتداء باردو تدل على أن تونس وبدعم من أصدقائها في العالم "قادرة على أن تروج لصورة تمحو صورة الدماء التي سالت".
ورأى القوماني أن الضربات المتتالية التي استهدفت الأمنيين والعسكريين وحتى السياح الأجانب بقدر ما تكون مضرة باستقرار البلاد فإنها غير قادرة على تحقيق مبتغاها في تغيير نمط المجتمع أو تقويض المسار الديمقراطي للبلاد، وذلك كلما توحد الشعب وتصالحت أحزابه.
تعاطف ومساندة
واعتبر كذلك أن تضامن دول العالم بمشاركة وفودها في هذه المظاهرة من شأنه أن يساعد على التسويق للوجهة السياحية التونسية التي تضررت نسبيا بعد وقوع الاعتداء جراء إلغاء آلاف الحجوزات ومغادرة بعض السياح إلى بلدانهم خوفا من استهدافهم.
وتتفق مع هذا الرأي السائحة الفرنسية ماريتي التي تؤكد أن تونس نالت تعاطفا كبيرا من جميع الشعوب، باعتبارها تمثل نموذجا ناجحا لما يعرف بدول الربيع العربي، مشيرة إلى أنها جاءت مع مجموعة من السياح إلى تونس للإعراب عن مساندتها لشعبها ومسيرتها.
وتقول هذه السائحة للجزيرة نت إن الاعتداء الأخير على باردو لم يثنها وأصدقاءها عن زيارة تونس والمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي الذي اختتم أعماله أمس السبت، مشيدة بالجهود الأمنية في تأمين فعاليات المنتدى الذي سجل مشاركة الآلاف من الأجانب.