هواجس ومحاذير تكتنف "مواجهة الإرهاب" بالمغرب

احتجاج سابق في 2013 بعد وفاة المعتقل الإسلامي عقب أحداث 2003 محمد بن جيلالي بعد نقله من السجن إلى المستشفى أثناء خوضه إضرابا عن الطعام
احتجاج سابق بعد وفاة المعتقل الإسلامي محمد بن جيلالي قبل عامين (الجزيرة-أرشيف)

الحسن أبو يحيى-الرباط

أعلن المغرب مؤخرا تفكيك عشرات "الخلايا الإرهابية" خلال السنوات الأخيرة، لكن ذلك لا ينفي حقيقة وقوع تجاوزات يرصدها حقوقيون في مسلسل مواجهة المغرب "الإرهاب" تتعلق بالشروط والضمانات القانونية أثناء الاعتقال والمحاكمة.

ووفقا للمكتب المركزي للأبحاث القضائية بالمغرب، فإن مصالح الأمن "فكّكت 132 خلية إرهابية بين عامي 2002 و2015، وأوقفت 2720 شخصا، وأحبطت اغتيال 109 شخصيات، و119 عملية تفجير، وسبع عمليات اختطاف، وأكثر من 40 عملية سطو مسلح".

ويرى الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية عبد الرحمن مكاوي أن المغرب "ظل مستهدفا من خلال البيانات والتهديدات الصادرة عن قيادات تنظيم الدولة الإسلامية".

وأضاف "التهديدات الإرهابية تفرض على المغرب حالة من اليقظة والنفير العام على المستوى الأمني تمتدّ إلى درجة التنسيق والتعاون مع دول عربية وغربية، واستثمار سلاح المعلومة حيث يُتقن المغرب استخدامه بوصفه عاملا حاسما في إجهاض محاولات ضرب الاستقرار ورادعا للتنظيمات الإرهابية ينقل الرّعب إلى داخلها".

‪بالدوان يعتبر الحركات الإسلامية المعتدلة تعيق انتشار الإرهاب‬ (الجزيرة)
‪بالدوان يعتبر الحركات الإسلامية المعتدلة تعيق انتشار الإرهاب‬ (الجزيرة)

حدود الخطر
وفي هذا السياق يؤكد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية محمد بالدوان أن عملية متحف باردو في تونس "مؤشر على الخطر الإرهابي الذي يتهدّد المغرب".

ويرى أن عوامل عدة تساعد المغرب على مواجهة الإرهاب، "منها انتشار حركة إسلامية معتدلة وإشراك جزء منها جدّيا في الحكم، إلى جانب المصالحة التي أبرمتها الدولة مع بعض قيادات السلفية الجهادية، ومزاج المغاربة الرافض للاتجاهات المتشددة".

أما رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج فينتقد التركيز "على البعد الأمني أكثر من غيره في مواجهة الإرهاب"، مؤكدا أن الإرهاب "تهديد حقيقي لحقوق الإنسان من حيث اعتداؤه على الحق في الحياة ومصادرته باقي الحقوق والحريات، ومع ذلك لا يمكن اتخاذ التهديد الإرهابي ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان، بل ينبغي الاتجاه إلى استئصال الجذور المنتجة له، والمتمثلة في الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، وفي الخطاب المؤسس للعنف بكل أصنافه".

‪الهايج يحذر من الاختلالات الحقوقية في التعاطي مع الإرهاب‬ (الجزيرة)
‪الهايج يحذر من الاختلالات الحقوقية في التعاطي مع الإرهاب‬ (الجزيرة)

اختلالات
وحذّر الهايج من وقوع "اختلالات حقوقية في التعاطي مع قضايا الإرهاب"، وقال إنه "من المؤكد أن هناك تجاوزات صاحبت وأحاطت بعمليات مواجهة الإرهاب".

وأضاف "قد عبّرنا عن تنديدنا بالاعتقالات التي أعقبت أحداث 2003 التي شهدتها مدينة الدار البيضاء وراح ضحيتها 45 شخصا، نظرا للطابع العشوائي الذي صاحب هذه العملية، وهو ما كشفته مقررات الفريق الأممي الخاص بالاعتقال التعسفي بالنسبة لمجموعة من المعتقلين الذين لم تحترم في حقهم الشروط والضمانات القانونية أثناء الاعتقال والمحاكمة".

ودعا الهايج إلى توفير جميع الضمانات للمتّهمين المحتمل ضلوعهم في مثل هذه الملفات، وقال "نحن نتريث دائما بهذا الخصوص إلى حين توفر المعطيات الكافية لاتخاذ الموقف المناسب".

‪‬ لخلفي ينفي التركيز على الجانب الأمني فقط(الجزيرة)
‪‬ لخلفي ينفي التركيز على الجانب الأمني فقط(الجزيرة)

رؤية الحكومة
أما وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي فقد نفى التركيز على الجانب الأمني فقط.

وقال للجزيرة نت إن المقاربة التي يعتمدها المغرب شاملة وتقوم على محاربة العوامل الاجتماعية التي تمثل أرضية خصبة للأفكار المتطرفة وتعزيز التأطير الديني للمواطنين لمواجهة الجذور الفكرية للتطرف، بالإضافة إلى الجوانب القانونية والتشريعية، والتواصل مع المواطنين وتعبئتهم للانخراط في مواجهة ما أسماه "الخطر الإرهابي".

ويرى الخلفي أن هذه المقاربة "جعلت من المغرب نموذجا يُحتذى رغم تصاعد التهديدات وتطوير التنظيمات الإرهابية خطاباتها المتطرفة".

المصدر : الجزيرة