الجريح السوافيري.. إرادته تُعيده لمدرَسَتِه مُعلماً

"الجريح السوافيري" إرادته تُعيده لمدرَسَتِه مُعلماً أحمد عبد العال / غزة لم يورثه فقدانه لأطرافه الثلاثة اليأس، وبات بعد ستة أعوام من إصابته بإعاقة في 97% من أطرافه بسبب غارة إسرائيلية استهدفته عام 2008، معلماً لمادة "التربية الإسلامية" يتنقل بين تلاميذه بأحد الفصول الابتدائية على كرسي متحرك. وتمكن الشاب الفلسطيني أحمد السوافيري (25 عاما) الذي فقد ثلاثة من أطرافه، من التغلب على ظروف إعاقته فأكمل تعليمه الثانوي، والجامعي وبات أحد المعلمين في ذات المدرسة الابتدائية التي كان أحد طلابها قبل خمسة عشر عاما. وبدأت حكاية المعلم الفلسطيني المقعد عندما كان طالباً في الثانوية العامة عام 2008 –قبل الاختبارات النهائية بشهرين- وأصيب بجروح خطيرة بعد أن استهدفته طائرة حربية إسرائيلية "بدون طيار" بأحد صواريخها، ما أدى لبتر يده اليسرى وساقيه وثلاثة من أصابع يده اليمنى. ولم يتخل الشاب الفلسطيني عن إرادته بعد إصابته وأكمل دراسة "الثانوية العامة"، والتحق بعد ذلك بالجامعة ودرس دبلوم "تأهيل دعاة"، وبعد تخرجه عام 2012 بدأ في دراسة "ليسانس التربية الإسلامية" في جامعة "الأمة" بغزة إلى أن تم تعينه كمدرس "تحت التدريب" في مدرسة "الصفد" الابتدائية في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة. ولا يأبه المعلم الغزي بظروف إعاقته فيتنقل بين مقاعد تلاميذ فصله على كرسيه المتنقل الذي يحرك عجلاته بيده الوحيدة، ويشرح لهم دروس مادة "التربية الإسلامية،" بأسلوب لا يخلو من "الحكمة والتشويق". وبيده الوحيدة أيضا يقلب السوافيري صفحات كتابه الذي يقتبس منه ما يسجله من مواقف وأقوال تاريخية وإسلامية على سبورة الفصل. ويقول لمراسل "الجزيرة نت" إنه اختار مهنة التدريس ليغرس لدى تلاميذه الأطفال معاني الإرادة القوية والقدرة على تحدي الواقع الصعب لتحقيق الأحلام والطموحات. ويضيف "أحاول من خلال مهنتهي أن أساهم في تربية جيل يحمل حب الوطن، والأخلاق الإسلامية ويعمل من أجل تحرير فلسطين".
السوافيري حريص على تكريس الإرادة في نفوس تلاميذه (الجزيرة)

أحمد عبد العال-غزة

لم يورثه فقدان أطرافه الثلاثة اليأس، فبعد ستة أعوام من إصابته بإعاقة في أطرافه بسبب غارة إسرائيلية على غزة عام 2008، عاد الشاب الفلسطيني أحمد السوافيري معلماً لمادة التربية الإسلامية يتنقل بين تلاميذه بأحد فصول الدراسة الابتدائية على كرسي متحرك.

وتمكن الشاب البالغ (25 عاما) الذي فقد ثلاثة من أطرافه، من التغلب على ظروف إعاقته فأكمل تعليمه الثانوي والجامعي، وأصبح أحد المعلمين بالمدرسة الابتدائية التي كان أحد طلابها قبل 15 عاما.

وبدأت حكاية المعلم المقعد عندما كان طالباً بالثانوية العامة عام 2008 ، وقبل شهرين من الاختبارات النهائية أصيب بجروح خطيرة بعد أن استهدفته طائرة حربية إسرائيلية بدون طيار بأحد صواريخها، ما أدى لبتر يده اليسرى وساقيه وثلاثة من أصابع يده اليمنى.

‪الإعاقة لم تمنع السوافيري من مواصلة تفوقه‬ (الجزيرة)
‪الإعاقة لم تمنع السوافيري من مواصلة تفوقه‬ (الجزيرة)

التحدي
لم يتخل الشاب عن إرادته بعد إصابته، وأكمل دراسة الثانوية والتحق بعدها بالجامعة ودرس دبلوم تأهيل دعاة، وبعد تخرجه عام 2012 بدأ دراسة ليسانس التربية الإسلامية بـ "جامعة الأمة" بغزة إلى أن عمل -مؤقتا- مدرسا "تحت التدريب" بمدرسة الصفد الابتدائية في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.

ولا يأبه السوافيري بظروف إعاقته فيتنقل بين مقاعد تلاميذ فصله على كرسيه المتنقل الذي يحرك عجلاته بيده الوحيدة، ويشرح لهم دروس مادة التربية الإسلامية، وبيده الوحيدة يقلب صفحات كتابه الذي يقتبس منه ما يسجله من مواقف وأقوال تاريخية وإسلامية على سبورة الفصل.

ويقول الشاب إنه اختار مهنة التدريس "لغرس معاني الإرادة القوية والقدرة على تحدي الواقع الصعب لتحقيق الأحلام والطموحات لدى التلاميذ والأطفال". ويضيف "أحاول أن أساهم في تربية جيل يحمل حب الوطن، والأخلاق الإسلامية ويعمل من أجل تحرير فلسطين".

وقبل أن يتمكن من تحقيق طموحه بأن يصبح مدرساً، واجه صعوبات بالغة بسبب إعاقته التي تجعله دائما بحاجة للمساعدة من الآخرين، لكنه رفض الاستسلام لها وتمكن بمساعدة زوجته التي اقترن بها عام 2008، وبعض اخوانه وأصدقائه، من التغلب على ظروف حياته القاسية.

ويقول السوافيري "استطاع الاحتلال الإسرائيلي أن يبتر أطرافي، لكنه لم يستطع أن يمنع إرادتي في الحياة، فقد تزوجت وأنجبت طفلين وأكملت تعليمي وحققت حلمي في أن أصبح مدرسا، وها أنا أسهم في بناء الجيل القادم".

‪حياة السوافيري رسالة إلى كل معاق‬ (الجزيرة)
‪حياة السوافيري رسالة إلى كل معاق‬ (الجزيرة)

إرادة ضد الإعاقة
ويضيف، في رسالة وجهها إلى الجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة، أن "الإعاقة لا يمكن أن تقف حائلا أمام إرادة أي إنسان، فلا يمكن لليأس أن يتغلب على الرغبة في الحياة، والسعي لتحقيق الأحلام والطموحات، فالإنسان المعاق هو فاقد الإرادة وليس فاقد الأطراف".

ويتمنى السوافيري أن يحظى ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يزيد عددهم في قطاع غزة، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، باهتمام من الجهات الحكومية والأهلية ليتمكنوا من التغلب على ظروف حياتهم الصعبة ويحققوا آمالهم.

ويؤكد أن لدى هؤلاء الشباب الإرادة والقدرة على أن يبدعوا ويساهموا في مجالات كثيرة، لو وجدوا قليلا من الاهتمام من قبل الجهات الرسمية.

وتشير إحصائية لوزارة الصحة بالقطاع إلى أن حوالي 1134 فردا أصيبوا بالعدوان الأخير يتوقع إصابتهم بإعاقة واحدة على الأقل منهم 833 فردا بسن الـ18 سنة فأكثر، و301 من الأفراد دون 18 سنة، يشكلون حوالي 10% من مجمل المصابين بالعدوان والبالغ عددهم 11232 مصابا.

وطبقا لإحصائية الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد الأفراد ذوي الإعاقة بقطاع غزة بلغ 39877 فردا عام 2013 بنسبة 2.6% من مجمل الأفراد، منهم 21638 من الذكور و18239 من الإناث.

المصدر : الجزيرة