موسكو تسخر من تفسيرات الغرب لغياب بوتين
أشرف رشيد-موسكو
فقد اختفى بوتين في الخامس من مارس/آذار الحالي عن المشهد بعد لقائه رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ليظهر من جديد في مدينة بطرسبرغ في 16 من الشهر الجاري للاجتماع مع نظيره القرغيزي، وهو لقاء كان مقررا في وقت سابق.
اختفاء مريب
خلال فترة اختفاء بوتين أعلن الكرملين عن تأجيل عدد من اللقاءات التي كان من المقرر أن يعقدها الرئيس، منها زيارته لكزاخستان، وتوقيع اتفاقية تعاون مع جمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، كما أُلغيت مشاركته -وهو رجل استخبارات سابق- في الاجتماع السنوي للاستخبارات الروسية، وعلل الكرملين ذلك بانشغال الرئيس.
غير أن الريبة تزايدت أكثر عندما بثت وسائل إعلام روسية رسمية تقارير تشير إلى استضافة بوتين رئيس جمهورية قيرغيزستان، ثم التراجع ونفي الخبر.
كما بثت وسائل الإعلام لقاء الرئيس بوتين مع رئيس المحكمة العليا الموحدة، لكن الحديث خلال اللقاء كشف أنه جرى قبل ثلاثة أشهر على الأقل.
في الوقت نفسه، نفى المتحدث الصحفي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن يكون بوتين مريضا، وأكد أنه يتمتع بصحة جيدة، وذلك بعد أسبوع من اختفائه.
اهتمام غربي
وسائل الإعلام الغربية تناولت هذه القضية باهتمام بالغ، ففيما قللت بعضها من أهمية اختفائه -ولا سيما أنه ليس الأول وربطته بولادة طفله الثالث من صديقته كاباييفا- راحت أخرى تتحدث عن سيناريوهات أكثر جدية، منها المرض.
غير أن أكثر السيناريوهات خطورة هو ما نقلته صحيفة "الديلي ميل" البريطانية عن السياسي الروسي جايدار جمال الذي عبر عن مخاوفه من أن يكون رئيس مكتب الأمن الفدرالي السابق نيكولاي باتروشيف قاد انقلابا عسكريا ضد بوتين لعزله من السلطة، ومما روج لهذه الفرضية أن موسكو شهدت تعزيزات أمنية غير مسبوقة خلال الأيام الماضية.
يقول رئيس مركز نيزافيسيموست للدراسات إيغور تيموليف -المقرب من الكرملين- إن من يطلقون هذه الشائعات إما أنهم يريدون إثارة القلاقل، أو أنهم يريدون الظهور في المشهد، لأن لا أحد يمكنه أن الجزم بما يحدث إلا إذا كان على اطلاع كامل على ما يجري في الكرملين.
وعلق تيموليف على الإشاعات حول إمكانية حدوث انقلاب يقوده رئيس جهاز الاستخبارات السابق نيكولاي باتروشيف بأنها إشاعات سخيفة لسببين، أولهما أن باتروشيف لا يملك الشجاعة الكافية للقيام بمغامرة مميتة قد تكلفه حياته ومكانته، والسبب الثاني هو أنه واحد من الأشخاص ضمن الدائرة الضيقة المقربة من بوتين.
نظام مغلق
أما النائب السابق في مجلس الدوما الروسي والخبير في الشؤون الروسية شاميل سلطانوف فقد اعتبر أن الإشاعات والاهتمام الذي تبديه وسائل الإعلام الغربية باختفاء بوتين تدلل على أنهم يفتقرون إلى المعلومات، وهذا بدوره شيء مفرح.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت قد لا يعلم الكثيرون أن النظام الذي أسسه بوتين من أكثر النظم السياسية في العالم انغلاقا، وهو يشبه إلى حد كبير النظام الإيراني، حيث لا أحد في العالم يعرف ما الذي يدور داخله، وهو بهذا يتميز عن النظام الذي كان في عهد يلتسين على سبيل المثال، حيث كان الكرملين وبقية مؤسسات السلطة مخترقة، وفيها الكثير من العملاء ومصادر نقل المعلومات.
وقال سلطانوف نحن نذكر كيف أن ديمتري مدفيدف غاب عن المشهد عندما كان رئيسا، وتبين في ما بعد أنه بكل بساطة كان مصابا بنزلة برد حادة، وهذا ما يمكن أن يحدث لأي شخص بمن في ذلك الرئيس بوتين.
وواصل حديثه "في عالم السياسة هناك اهتمام كبير توليه الدول لعلم السلوك، وهناك خبراء متخصصون في قراءة لغة الجسد وتعبيرات الوجه التي تصدر عن الرؤساء والمسؤولين، وربما كان هذا هو السبيل الوحيد المتبقي لدى الغرب للخروج ببعض الاستنتاجات عما يصدر عن بوتين وعما يدور في أروقة الكرملين الداخلية".