بدير الزور.. تنظيم الدولة يسلح مقاتلين لم يبايعوه

المطار العسكري بدير الزور وهي خاصة بالجزيرة نت
تنظيم الدولة زاد رواتب مقاتلي المعارضة السورية ووافق على مشاركة الكتائب في الخطط العسكرية الخاصة بجبهات المطار (الجزيرة نت)

ياسر العيسى-دير الزور

يقول جاسم -المقاتل المعارض في دير الزور- إنه مع زملائه في فصائل المعارضة عادوا للقتال ضد قوات النظام، بعد تحقيق الأخيرة تقدما كبيرا في المناطق المحيطة بمطار دير الزور العسكري لتصل إلى تخوم القرى المجاورة له، وطلب تنظيم الدولة الإسلامية منهم العودة، لكنهم اشترطوا عدم مبايعة التنظيم.

ويتابع أنهم باتوا بين نارين، "نار الخوف على أهلنا من احتمال سيطرة النظام على قرانا ومناطقنا، ونار تحمل تصرفات التنظيم وقادته التي لا تطاق".

وأضح للجزيرة نت أن "تنظيم الدولة لبى بعض مطالبنا، بينها زيادة كميات الذخيرة التي كانت محدودة جدا، مقابل تبذير كبير في الذخيرة المعطاة لمقاتلي التنظيم المجاورين لنا، ممن لا تقاس جهودهم العسكرية بجهودنا".

ويعد هذا الوضع سابقة وحالة استثنائية في تاريخ تنظيم الدولة، حيث لم يسبق له أن سلح ودعم مجموعات مقاتلة لا تعمل تحت رايته ولم تبايعه.

والتقدم النوعي الذي حققته قوات النظام، وبمشاركة العديد من مقاتلي العشائر الذين أطلق عليهم اسم "مقاتلي الشعيطات"، أجبر الأهالي في القرى المجاورة على النزوح، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في المحافظة قبل نحو ثلاثة أعوام.

ويقول عدد من سكان المدينة إن القصف الشديد الذي رافق هذه الاشتباكات، والغارات المكثفة من طيران النظام، كانت سببا من أسباب النزوح، إلا أن آخرين أكدوا للجزيرة نت أن "السبب الرئيس هو اقتراب النظام من مناطقهم، واهتزاز ثقتهم بالإمكانيات العسكرية لتنظيم الدولة".

‪النظام السوري حقق تقدما كبيرا ووصل لتخوم البلدات المجاورة للمطار‬ (الجزيرة)
‪النظام السوري حقق تقدما كبيرا ووصل لتخوم البلدات المجاورة للمطار‬ (الجزيرة)

تسويات للعودة
وكشف مصدر ميداني للجزيرة نت عن وجود "تسويات" أدت لعودة المقاتلين، أبرزها "زيادة رواتبهم، ومشاركة الكتائب في الخطط العسكرية الموضوعة بجبهات المطار، والتي كانت حكرا في الأشهر السابقة على قادة التنظيم الميدانيين دون استشارة المرابطين على الأرض".

ونبه إلى "فشل أغلب هذه الخطط، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، وبشكل يفوق ما خسرته المعارضة السورية خلال العامين اللذين سبقا سيطرة التنظيم على المنطقة".

وتابع المصدر "العودة لم تكن كاملة بسبب رفض الكثيرين القتال مع التنظيم، وتحكم قادته العسكريين وأغلبهم من دول المغرب العربي، الذين لا علم لهم بجغرافية المنطقة، ولا بطبيعة القتال الجاري هناك".

وأكد أن "الكتائب المرابطة عند المطار رفضت مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية منذ البداية، ولم يستطع التنظيم إجبارهم على المبايعة أو الرحيل كما فعل مع غيرهم، بسبب حاجته الماسة لهم، ولمعرفتهم بالجبهات المرابطين فيها".

فشل الخطط
أحد المقاتلين -ورفض ذكر اسمه- يصف ما يحصل في جبهات المطار بالقول إنهم "يريدون منا التقدم، ولا يدعموننا"، في إشارة إلى رفض تنظيم الدولة تزويدهم بالذخائر الكافية، مبينا أن الحجة التي يطرحونها دائما هي "عدم المبايعة".

ويتابع المقاتل حديثه للجزيرة نت، "عناصر التنظيم الذين يرابطون معنا لا يعلمون أبدا جغرافية المنطقة، الأمر الذي كان سببا في ملازمتهم لنا أغلب الأحيان، مخافة ضياع الطريق".

بدوره يعزو "أبو الحارث" -قائد سابق لإحدى المجموعات المقاتلة بدير الزور- أسباب فشل تنظيم الدولة في خططه العسكرية لصغر سن واضعي الخطط، ورفضهم استشارة أصحاب الأرض الحقيقيين.

وأضاف "عمليات النظام خلال الأيام الماضية هدفها إعلامي ونفسي أكثر مما هو عسكري"، موضحا أن الجانب الإعلامي يتمثل في "رفع معنويات جنوده، وكسب تأييد المدنيين في مناطقه الذين يحاصرهم التنظيم منذ أسابيع"، إضافة إلى "استغلال هزائم تنظيم الدولة الأخيرة في سورية والعراق، وخاصة عين العرب، والتي كان لها تأثير كبير على معنويات مقاتلي التنظيم".

وخلص إلى أن "قوات النظام لا تملك الإمكانات العسكرية والبشرية للامتداد في مناطق أوسع، وجعل قواته أهدافا سهلة، كما أن التنظيم غير قادر وفق إمكانياته الحالية، على اقتحام المطار والسيطرة عليه".

وسيطر تنظيم الدولة على دير الزور (التي يسميها ولاية الخير بسبب احتوائها على كميات كبيرة من النفط) بشكل شبه كامل في أواخر يوليو/تموز الماضي بعد أسابيع من القتال مع جبهة النصرة وكتائب المعارضة السورية، لتبقى بعض أحياء المدينة تحت سيطرة النظام، يضاف إليها مطار ولواء عسكري وقريتا عياش والبغيلية، وكذلك قرية الجفرة الملاصقة تماما للمطار.

المصدر : الجزيرة