الانتقام.. كابوس يلاحق عائلات الشهداء المقدسيين

صورة عامة من أمام منزل عائلة أبو جمل في بلدة جبل المكبر في القدس المحتلة. والأخرى لافتة عليها صورة الشهيدان غسان وعدي أبو جمل.
لافتة عليها صورة الشهيدين غسان وعدي أبو جمل (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس المحتلة

بعد محاولة مستوطنة متطرفة خطف نجل الشهيد المقدسي غسان أبو جمل قبل أيام ببلدة جبل المكبر في القدس المحتلة، تسود حالة من القلق بين أوساط المقدسيين عامة وعائلات الشهداء خاصة، تخوفا من أن يصبح الاعتداء على عائلات الشهداء هدفا جديدا للمتطرفين، وظاهرة يصعب التنبؤ بها والتصدي لها.

تقول نادية أبو جمل (31 عاما) زوجة الشهيد غسان "اصطحب شقيقي أولادي في نزهة بالقرب من المنزل، وعندما سارع ابني الكبير بقطع الشارع لحق به أخي، لتستغل مستوطنة هذه اللحظة بخطف ابني الأصغر محمد ذي الثلاثة أعوام، وتضعه داخل سيارة يوجد فيها مستوطنان آخران، وسرعان ما لحق أخي وشبان آخرون بالسيارة ليخلصوا ابني من قتل محقق".

وأضافت في حديثها للجزيرة نت "بعد الحادثة دخل ابني محمد في حالة من الخوف الشديد، فأصبح لا يفارقني ليل نهار، كما تأثر نومه في ساعات الليل حيث يستيقظ مرارا ليتأكد من وجودي ووجود أشقائه بالغرفة".

‪زوجة الشهيد غسان أبو جمل مع ابنها الذي حاول مستوطنون اختطافه قبل أيام‬ (الجزيرة)
‪زوجة الشهيد غسان أبو جمل مع ابنها الذي حاول مستوطنون اختطافه قبل أيام‬ (الجزيرة)

مطلبنا.. الأمان
وأردفت قائلة "زوجي استشهد رحمه الله، ومنزلنا سيتعرض للهدم في أية لحظة، والآن كل ما أطلبه هو أن أعيش بأمان مع أطفالي، فبعد الحادثة لا أستطيع السماح لهم بمغادرة المنزل من شدة الخوف عليهم وهذا غير عادل، لا بد من وقف ملاحقة الأطفال، فلا ذنب لهم واستهدافهم غير منطقي".

جد الطفل أبو غسان (70 عاما) يشعر ببالغ القلق حيال محاولة اختطاف حفيده، ويقول "مسؤوليتي حماية أفراد عائلة ابني الشهيد وتوفير الأمان لهم، وأنا عاجز عن ذلك".

ووصف محاولة مستوطنين خطف حفيده بالإرهاب، قائلا "هذا قمة الإرهاب، وتم بحماية شرطة الاحتلال، والنتيجة أننا نفقد أبسط حقوقنا وهو العيش بأمان، فكل تحركاتنا -نحن عائلة أبو جمل- الآن مرصودة ومراقبة وهذا غير مريح".

من جهته، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، إن عائلات الشهداء المقدسيين يحيط بها نوعان من الخطر وهما: الخطر على الصعيد الرسمي الحكومي والمتمثل بالإجراءات العقابية التي تتخذ بحقهم مثل الحرمان من "لمّ الشمل" وهدم المنازل، والشق الثاني الخطر المدني والمتمثل باعتداءات المستوطنين، معربا عن قلقه من تحول عائلات الشهداء لهدف جديد للمنظمات الاستيطانية التي تدعو للانتقام.

وبحسب الحموري، فإن الخطورة تكمن في أن العديد من العائلات المقدسية هي أسر لشهداء، ومع تغلغل المستوطنين في الأحياء العربية، ربما يكون عنوان المرحلة القادمة هو الاعتداء على هذه العائلات بهدف زعزعة الوجود الفلسطيني، ضمن السياسة الرسمية لإفراغ المدينة، وخلق حالة من الرعب والقلق الدائم لدى المقدسيين، تحت دعوى الانتقام من أبناء الشهداء.

‪الحموري: على شرطة الاحتلال أن تحمي حياة وممتلكات المواطنين المقدسيين‬ (الجزيرة)
‪الحموري: على شرطة الاحتلال أن تحمي حياة وممتلكات المواطنين المقدسيين‬ (الجزيرة)

حماية الأرواح والممتلكات
ويضيف الحموري في حديثه للجزيرة نت أنه -بحسب القوانين الدولية- فعلى شرطة الاحتلال أن تحمي حياة وممتلكات المواطنين المقدسيين، كما يمنع عليها خلق أجواء للانتقام من أي مواطن، وما يحصل على أرض الواقع هو عكس ذلك تماما، حيث تتواطأ شرطة الاحتلال دون معاقبة كل من يثبت تورطه بالاعتداء على المقدسيين.

وشدد على أهمية توفير الحماية اللازمة لمنازل وما تبقى من أراضي المقدسيين، في ظل خطة إسرائيلية واضحة على كافة الأصعدة تهدف لتفريغ المدينة من سكانها واستبدالهم بالمستوطنين.

يذكر أن الشهيد غسان أبو جمل قضى برصاص الاحتلال بعد هجوم نفذه هو وابن عمه عدي أبو جمل على كنيس في "هار نوف" بالقدس الغربية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة حاخامات وجرح آخرين، بينما تم تسليم جثمانيهما بعد 37 يوما من استشهادهما، ودفنا خارج مدينة القدس المحتلة.

وتنتظر عائلة أبو جمل وكل من عائلة حجازي وجعابيص التي اتهم أبناؤها بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال، هدم منازلهم في كل لحظة، كما تواجه زوجة الشهيد غسان أبو جمل خطر الإبعاد عن القدس وعودتها قسرا للضفة الغربية كونها لا تحمل الهوية المقدسية، في إجراءات عقابية اتخذتها سلطات الاحتلال ضد عائلات الشهداء.

المصدر : الجزيرة