انقسام حول دوافع جريمة قتل المسلمين الثلاثة بأميركا
وكان آلاف العرب والمسلمين قد شيّعوا أمس الخميس جنازات الشبان العرب الثلاثة، وهم السوري ضياء بركات وزوجته الأردنية يسر أبو صالحة وشقيقتها رزان، الذين قضوا برصاص مواطن أميركي قبل يومين في ولاية كارولينا الشمالية.
من ناحيته، شكك محمد أبو صالحة -والد الضحيتين يسر ورزان- في قدرة الشرطة المحلية على التوصل إلى الدوافع الحقيقية لهذه الجريمة وفض التباساتها، مشيرا إلى أنه قام مع محاميه بدعوة مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) إلى الانخراط في عملية التحقيق.
وقال في حديث للجزيرة نت "إن جميع القرائن تؤكد على أنها جريمة كراهية"، مضيفا أن "القاتل معروف بعدائه ليس للإسلام على وجه التحديد، بل لجميع الأديان، وهذا واضح من خلال منشوارته وتعليقاته على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك، فقد كتب في إحدى المرات: إذا كنت متدينا فأنت تختلق مشكلة للتو".
انتقاد للإعلام
وانتقد طريقة تعاطي وسائل الإعلام الأميركية وتغطيتها للجرائم التي تتصل بالعرب والمسلمين في الولايات المتحدة.
وقال "إذا كان الجناة عربا أو مسلمين فإن وسائل الإعلام الأميركية تواظب على مدى شهور على تغطية ومتابعة كل ما يستجد حول تلك الجرائم محاولة ربط دوافعها بالإرهاب، أما إذا كان الضحايا من العرب والمسلمين فالمسألة على النقيض من ذلك".
وتعزو معظم وسائل الإعلام الأميركية -المقروءة والمسموعة والمرئية- أسباب الجريمة إلى خلاف بين القاتل والضحايا حول استخدام موقف للسيارات من قبل زوار القتيل بركات الذي كان يقطن في تجمع سكني للطلاب الجامعيين.
في حين ألمحت بعض وسائل الإعلام إلى احتمال إصابة القاتل باضطراب وهوس نفسيين، حيث نشرت إحدى الصحف الأميركية نقلا عن سينثيا هيرلي، الزوجة السابقة لستيفن هاكس، أنه كان مولعا بمشاهدة فيلم الجريمة "السقوط" (فولنغ داون) الذي لعب فيه الممثل مايكل دوغلاس دور شخص مطلّق وعاطل عن العمل يصاب بنوبات من الهياج تدفعه إلى إطلاق النار.
وسخر بعض المشيعين الذين وقفت الجزيرة نت على آرائهم من ربط الجريمة بدوافع الاضطراب النفسي، وقال سعيد درويش "إن مثل هذه المبررات أصبحت متوقعة عندما يكون القاتل غير عربي أو مسلم".
وكان ملاحظا مشاركة العشرات من قاطني مدينة رالي من الأميركيين، وبينهم يهود، في مراسم تشييع الجنازات الثلاث، في حين رفض جميع من قابلتهم الجزيرة نت من هؤلاء ربط الجريمة بدوافع الكراهية والتمييز، مع استنكارهم لبشاعة الجريمة ودمويتها.
غضب لا كراهية
وعبّر دوغلاس ماك كونل الذي يخدم في إحدى الكنائس المحلية عن صدمته بالجريمة، واصفا مجتمع المدينة المتنوع بأديانه وأعراقه المختلفة "بالمسالم الذي يعيش أبناؤه بوئام واحترام متبادل على مدى عقود"، واستبعد بشكل قاطع أن تكون دوافعها عنصرية.
وفي السياق ذاته، رفض "د. جاي" الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، دعاوى أهالي الضحايا ووصفهم مقتل أبنائهم بـ"جريمة كراهية"، مؤكدا على أن أسباب الجريمة تعود إلى مشاعر الغضب الناتجة عن مشاحنات بين القاتل وضحاياه.
ولدى سؤاله عن مصدر ثقته الأكيدة باستبعاد دوافع الكراهية ومحاولته ربط الجريمة بمشاعر السخط التي تقود شخصا إلى بيت جيرانه وطرق بابهم وإردائهم قتلى بعد انقضاء أسابيع على فض الخلاف بينه وبينهم؟ أجاب جاي بتردد "في الحياة تحدث أمور فظيعة".
ومثل ماك كونل وآخرين لم يوافق جاي على أن الإعلام الأميركي يساهم في بث مشاعر العداء والتمييز ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة.
ولمست الجزيرة نت خلال لقاءاتها مع العديد من الأميركيين أنهم مترددون في التعبير عن طبيعة العلاقات التي تحكم النسيج المجتمعي في هذه المنطقة، إضافة إلى وجود نوع من الاستياء الخفي من ربط الجريمة بدوافع الضغينة.