أي حظوظ لليمين المتطرف بانتخابات فرنسا؟

ملصقات الإنتخابات تانفس الإشهار التجاري لإقناع ىالفرنسيين بالإنتخاب
ملصقات الأحزاب المشاركة في الانتخابات الجهوية في أحد شوارع باريس (الجزيرة نت)

سعيد نمسي-باريس

ينطلق الأحد في فرنسا الدور الأول من الانتخابات الجهوية الفرنسية، وسط توقعات بتقدم حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف، مع تصاعد المخاوف الأمنية بعد هجمات باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي التي سقط فيها 130 قتيلا و350 جريحا.

ومنذ نشأة الجمهورية الخامسة عام 1958، لم يحدث أن طغى الطابع القومي على انتخابات محلية فرنسية بالقدر الذي تعرفه هذه الانتخابات.

وعادة ما تكون رهانات هذه الانتخابات محلية تهتم بقضايا بناء المرافق المدرسية والنقل، وهما المجالان الأساسيان ضمن صلاحيات الجهات في فرنسا، غير أن الهاجس الأمني بعد هجمات باريس جعل هذا التنافس المحلي قضية وطنية.

وتجلى هذا الطابع الوطني في ارتفاع نسب اهتمام الناخبين بقضيتي الأمن (31%) والهجرة (30%) وفق الاستطلاعات، علما بأن هاتين القضيتين كانتا دائما في صدارة اهتمامات أقصى اليمين ممثلا بالجبهة الوطنية، وبدرجة أقل عند حزب الجمهوريين بقيادة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.

وكشف آخر استطلاع للآراء أجراه معهد "إبسوس" الفرنسي، لحساب مركز الأبحاث السياسية للمعهد الفرنسي للعلوم السياسية (سيفيبوف) وصحيفة "لوموند" هذا الأسبوع، عن إمكانية فوز حزب الجبهة الوطنية في الدور الأول بمجالس ست جهات على الأقل، من بين 13 جهة.

وتقدم هذا الحزب -الذي تقوده مارين لوبان– بشكل واضح على حساب الحزب الاشتراكي الحاكم وأحزاب اليمين والوسط. وحتى في جهة باريس وضواحيها -أكبر الجهات بنحو 12 مليون نسمة- يُشير الاستطلاع نفسه إلى تراجع المرشح الاشتراكي لفائدة مرشحة الجمهوريين.

‪ملصق دعائي لحزب مارين لوبان المرشح للفوز بحوالي نصف مجالس الجهات‬ (الجزيرة)
‪ملصق دعائي لحزب مارين لوبان المرشح للفوز بحوالي نصف مجالس الجهات‬ (الجزيرة)

النزعة الأمنية
وتوقع مدير أسبوعية "بوليتيس" اليسارية دوني سييفر، أن هجمات باريس ستعمق النزعة الأمنية المعادية للمهاجرين والمؤيدة للانكفاء على الذات، معتبرا -في حديثه للجزيرة نت- أن تكون هذه النزعة في صالح الجبهة الوطنية.

في المقابل، هوّنت بولين بيرسين الباحثة في مؤسسة كونكورد -وهي مؤسسة بحث يمينية- من المخاوف، وذكرت أن إمكانية فوز اليمين المتطرف تهم جهتين فقط، لأن ذلك برأيها يعود إلى الفوارق الاقتصادية التي تعاني منها الجهتان مقارنة بالجهات الأخرى، لأن الأمور متوقفة على تحالفات الدور الثاني. 

وبهذا الخصوص، يشير سبر آراء أجراه معهد "إيفوب" إلى أن 25% ممن صوتوا لساركوزي في 2012 في جهة "بروفنس ألب كوت دازور" (جنوب شرق فرنسا)، ينوون التصويت هذه المرة لصالح مرشحة اليمين المتطرف.

ويرى محللون أن توسيع الجبهة الوطنية لقاعدتها الانتخابية لن يحقق نتائج كبيرة في الدور الثاني، مرجحين أن تكرر تجربتها الفاشلة في الانتخابات البلدية عام 2014 التي لم تفز فيها سوى بـ12 بلدية من مجموع 36 ألف بلدية.

ولكن انتصار حزب الجبهة قد يتجلى في فرض مواضيعه الأثيرة على بقية الأحزاب، بعد الهجمات الأخيرة التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية، إلى جانب إخفاق اليمين والاشتراكيين في حل معضلة البطالة (37%) التي تبقى أول هاجس لدى الفرنسيين.

كريستوف كومباديليس: موضوع اهتمامنا سيكمن في إحياء الاهتمام بالأمن والقيم، وحول هذه القيم سينشط مرشحو حزبنا

مشاغل الناخبين
وفي هذا الصدد، صرح المدير العام لمعهد سبر الآراء "إبسوس" فرانسوا دوريدو للقنوات التلفزيونية العمومية الفرنسية، بأن "التهديد الإرهابي تقدم بعشرين نقطة ضمن مشاغل الناخبين، وبالتالي فإن دوافع الانتخاب المرتبطة بالأمن والهجرة تتقدم وتقفز إلى أعلى سلم الاهتمامات.

من جهته، قال أمين عام الحزب الاشتراكي جون كريستوف كومباديليس عقب اجتماع لرؤساء قوائم حزبه في هذه الانتخابات، إن "موضوع اهتمامنا سيكمن في إحياء الاهتمام بالأمن والقيم، وحول هذه القيم سينشط مرشحو حزبنا".

وإذا فشل الحزب الاشتراكي في الحفاظ على الجهات التي يترأسها فإن ذلك سيشكل ضربة قوية لطموحات الرئيس فرانسوا هولاند في رئاسيات 2017، والأمر ذاته مع ساركوزي الذي توقعت عمليات سبر الآراء في أبريل/نيسان الماضي فوز حزبه بسبع جهات، لكن حظوظه تقلصت إلى الفوز بأربع جهات فقط، في عمليات استطلاع الرأي التي جرت مؤخرا.

المصدر : الجزيرة