هل يحاور الغرب تنظيم الدولة الإسلامية؟

تطور تنظيم الدولة في المنطقة
دعوات الحوار تنطلق من مبدأ أن القصف على مناطق التنظيم لن يقضي على فكره
أحمد السباعي

بينما تشن بريطانيا أولى ضرباتها الجوية في سوريا اليوم الخميس، بعد أخذ موافقة مجلس العموم البريطاني على توجيه هذه الضربات، كانت دعوات الحوار مع تنظيم الدولة الإسلامية في الإعلام الغربي تتصاعد، مبررة ذلك بأن هذا النوع من الحوار حصل مرات عدة من قبل مع منظمات كان الغرب يعدها "إرهابية".

هذه الدعوات تنطلق من مبدأ أن القصف على مناطق التنظيم لن يقضي عليه ولا على فكرة الجهاد التي يتبناها، وتبنتها قبله تنظيمات كثيرة في مقدمتها تنظيم القاعدة، وتعرضت لحروب كونية ولم تختف عن الساحة.

ويذهب الخبراء إلى أنه لو أرسل الغرب قوات برية ودحر تنظيم الدولة من مناطق سيطرته، فإنه لن يتمكن من القضاء على أفكاره وأدبياته، وطالبوا بإستراتيجية سياسية للحل لأن "الطريق الوحيد لنهاية الحرب هو المفاوضات"، بحسب جنرال أميركي كبير يدعى وارن فيبس.

وترى صحيفة الغارديان البريطانية أن الغرب يخدع نفسه عندما يرى "عناصر التنظيم مجرد أشخاص مهووسين بالقتل والدماء". وعلى العكس من ذلك، فإنهم -بحسب الصحيفة- "دهاة أذكياء رغم أنهم دمويون".

حوار وحرب
وتدلل الصحيفة على هذا بأنهم "يقتلون الأسرى الأجانب لديهم ويبثون المشهد على الهواء، فيثار العالم، بينما نحْر التنظيم سبعين كرديا يمر مرور الكرام، كما يشنون هجمات باريس، ويسقطون طائرة الركاب الروسية ليجروا الناس إلى تصعيد كبير يريدونه".

وينصح خبراء الغرب بأنه "في حال أراد وقف العنف، فعليه أن يرد بهدوء وبرود على هجمات التنظيم والابتعاد عن الردود السريعة والانفعالية".

واللافت أن الصحف الغربية تشير إلى أن "التنظيم يحظى بدعم سياسي وتأييد شعبي كبيرين، وتشير في هذا السياق إلى تمكن "ألف عنصر من التنظيم من السيطرة على مدينة الموصل التي يقطنها مليونا شخص".

وتلفت صحيفة الغارديان إلى أن "قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون بضرورة محاربة تنظيم الدولة صائب، وأيضا حديث زعيم حزب العمال جيرمي كوربن عن الحوار مع التنظيم صحيح أيضا، وهذا يعني أننا نحتاج لإستراتيجية تقوم على مبدأين: الحوار والحرب".

وتعود الصحف الغربية إلى التاريخ لتؤكد صواب مطلبها بالحوار مع تنظيم الدولة، وتقول إنه "في كل مرة نواجه فيها منظمة إرهابية، نقول إننا لن نتحاور معها، ولكن التاريخ يروي أننا حاورنا كلا من الجيش الجمهوري الإيرلندي وحركة "إيوكا" في قبرص، وجبهة "فارابوندو مارتي للتحرير الوطني" في السلفادور وحركة "غام" في إندونيسيا، وجبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين، ومنظمة "فارك" في كولومبيا".

دروس الماضي
ورغم أن الخبراء يقولون إن تنظيم الدولة مختلف عن جميع هذه المنظمات، وإن الحوار معه غير واقعي، فإنهم يؤكدون أن "الحوار معه لا يعني الموافقة على ما يفعله ويريده".

واقترح الخبراء فتح قناة حوارية هادئة مع التنظيم -كما حصل مع باقي المنظمات- للتحضير للحوار عندما يصل الطرفان لخلاصة أنه لا حل عسكريا للأزمة، ويضربون مثلا بأن "الحكومة البريطانية اعتمدت قناة سرية للتواصل مع "الجيش الإيرلندي" عام 1972، وحاورته علنا بعد عشرين عاما".

ويدعو مؤيدو الحوار مع التنظيم إلى "تحديد مواضيع الحوار بالمظالم التي تعرضت لها الطائفة السنية والوسيلة التي يمكن أن تنهي العنف، والحديث عن حقوق الإنسان".

وتؤكد صحيفة الغارديان أنه على الغرب "الاستفادة من دروس الماضي والجمع بين الأدوات (ضغوط عسكرية، ومعالجة المظالم، وطرح حلول سياسية) لحل الأزمة، وهذا ينقذ أرواحا كثيرة في الشرق الأوسط وأوروبا".

وتذهب صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن ضرورة شمل الحوار جميع أطراف الأزمة السورية، "بداية من روسيا التي يجب أن تحدد موقفها من التخلي عن الرئيس بشار الأسد، وهل الغرب مستعد للحديث معه، ومع إيران وتنظيم الدولة؟ والحوار مع الأخير هو الأصعب"، وتتابع "أن الغرب لا يعلم ماذا يريد؟ وهل هو منفتح على الحوار؟"

وتختم بأن "القوة العسكرية يمكن أن تدفع جميع اللاعبين الأساسيين لطاولة الحوار، وخلق قواسم مشتركة بينهم، أما العمليات العسكرية فتسهم في وقف زخم التنظيم وتبديد الخرافات حول قوته البطولية، وتوقف تقدمه، وتعيق تحركاته وهجماته، ولكنها لن تهزمه".

المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية + وكالات