أولويات فرنسا بين تنظيم الدولة ونظام الأسد

French President Francois Hollande (R) arrives with Britain's Prime Minister David Cameron at the Elysee Palace in Paris, France, November 23, 2015. REUTERS/Eric Gaillard
هولاند (يمين) تلقى عرضا بالمساعدة من رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون (رويترز)

أنس زكي

بعد أيام من هجمات باريس يبدو أن فرنسا قد حسمت أمرها وأعطت الأولوية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على حساب ما تحدثت عنه سابقا من ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة في سوريا كحل لأزمتها المشتعلة منذ سنوات.

وتحدثت مصادر فرنسية اليوم عن قصف أهداف تابعة لتنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق وذلك بواسطة مقاتلات انطلقت من حاملة الطائرات شارل ديغول التي وصلت إلى شرقي البحر المتوسط حاملة 26 طائرة لتشارك في الحملة الفرنسية مع 12 طائرة أخرى تتمركز في كل من الإمارات والأردن.

ومنذ هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وراح ضحيتها 130 شخصا وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليتها عنه تعلن فرنسا عن تكثيف ضرباتها في سوريا ضد مواقعه، وهي الضربات التي بدأت قبل الهجمات وكانت بدورها سببا لهجمات باريس التي قال التنظيم إنها شنها ردا على غارات فرنسا على مواقعها.

ليس هذا فقط، بل إن فرنسا تتحرك بشكل حثيث للتحالف والتنسيق ضد تنظيم الدولة، وفي هذا الصدد جاءت محادثات رئيسها فرانسوا هولاند مع رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون في باريس اليوم، والتي ستتلوها في الأيام القليلة المقبلة مباحثات أخرى مع الرئيسين الأميركي والروسي ومع المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الإيطالي.

إعادة ترتيب
ووصفت مصادر غربية المسلك الفرنسي الذي يتضمن التنسيق حتى مع روسيا الحليف الرئيسي لبشار الأسد بأنه يمثل إعادة ترتيب للأولويات بشكل يعطي الأولوية للتخلص من تنظيم الدولة مع تراجع هدف التخلص من الأسد إلى المرتبة الثانية مع أن الأخير وتمسكه بالسلطة يعدان أحد عوامل نشأة التنظيم وتضخمه.

ولطالما كانت روسيا في مقدمة القوى الكبرى المؤيدة للأسد والداعمة لبقائه في السلطة بينما كانت فرنسا في صدارة المطالبين برحيله، ولذلك فإن اتجاه فرنسا نحو التنسيق معها ضد تنظيم الدولة يؤكد بشكل واضح ما يبدو انقلابا في السياسة الفرنسية تجاه سوريا.

ولعل هذا ما دفع صحيفة "لوبوان" الفرنسية إلى الاعتقاد بأن نظام الأسد هو الطرف الأكثر استفادة من التطورات السياسية التي أعقبت هجمات تنظيم الدولة على العاصمة الفرنسية، حيث ساهمت في تعزيز مكانته في مواجهة خطر التنظيم، كما أن التصعيد العسكري ضد مواقعه سيؤدي غالبا لتحسين وضع قوات الأسد.

فرنسا التي طالما تمسكت بأن لا دور للأسد في الحل السياسي المأمول لأزمة بلاده باتت تؤكد صراحة على لسان رئيسها هولاند "عدونا في سوريا الآن هو تنظيم الدولة"

عدو أساسي
الأمر بات واضحا إذن، ففرنسا التي طالما تمسكت بأن لا دور للأسد في الحل السياسي المأمول لأزمة بلاده باتت تؤكد صراحة على لسان رئيسها هولاند "عدونا في سوريا الآن هو تنظيم الدولة".

والأسد نفسه بات يشعر بأنه في موقف أفضل، لدرجة دفعته لعرض خدماته ومساومة فرنسا عبر القول إن بلاده لن تتعاون مع باريس في تبادل المعلومات الاستخبارية ما لم تغير الأخيرة سياساتها في المنطقة.

وإذا كانت فرنسا لم تحدد موقفها من عرض الأسد فإن اتجاهها للتعاون مع روسيا وحديثها عن أن العدو الاساسي لها في سوريا هو تنظيم الدولة يعني أن الأمر تغير كثيرا عن ذلك الوقت الذي وصلت فيه فرنسا إلى حد الحديث عن إسقاط نظام الأسد بالقوة بعد أن استعمل السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية بأغسطس/آب 2013.

التدخل العسكري الذي طالما نادى به الكثيرون لإنقاذ السوريين دون جدوى يحدث الآن ومن جانب قوى الغرب والشرق على حد سواء، لكن ليس من أجل السوريين وإنما من أجل مصالح الدول الكبرى وثأرا لما تعرضت له سواء في باريس أو للطائرة الروسية التي أسقطت فوق سيناء وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن إسقاطها.

المصدر : الجزيرة