عملية بماكو.. حضور القاعدة وإنهاك باريس

Mali trooper assist a hostage, centre, to leave the scene, from the Radisson Blu hotel to safety after gunmen attacked the hotel in Bamako, Mali, Friday, Nov. 20, 2015. Islamic extremists armed with guns and throwing grenades stormed the Radisson Blu hotel in Mali's capital Friday morning, killing at least three people and initially taking numerous hostages, authorities said. (AP Photo/Harouna Traore)
القوات الخاصة المالية اقتحمت الفندق وحررت معظم الرهائن الأجانب (أسوشيتد برس)
أحمد الأمين-نواكشوط
 
لم يستفق العالم من هول صدمة هجمات باريس حتى تركزت الأنظار أمس الجمعة صوب العاصمة المالية بماكو على وقع عملية احتجاز أكثر من 170 رهينة في فندق راديسون بلو الراقي، حيث عادة ما يتواجد الأجانب وكبار الضيوف.

بين العاصمتين مسافات شاسعة، لكن بينهما الكثير من وشائج القربى السياسية والمصالح المشتركة، وبين العمليتين تقارب في الزمان وتقاطع في الإيلام، وتحملان رسائل مشتركة، لكن رسائل الأخيرة قد يبدو بعدها الإقليمي أكثر وضوحا.

توقيت عملية بماكو التي أسفرت عن مقتل 27 شخصا بدا لافتا إقليميا ودوليا، فعلى المستوى الدولي جاءت بعد أيام قليلة من عمليات باريس المدوية، وعلى المستوى الإقليمي جاءت متزامنة مع قمة مجموعة دول الساحل الخمس، وهي مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو التي أنشئت عام 2014 بهدف مواجهة الإرهاب والعنف المسلح.

ويقرأ المحللون السياسيون والمراقبون للأحداث في منطقة الساحل عموما وشمال مالي خصوصا هذه العملية في أكثر من سياق، فهي تأكيد على الحضور القوي لزعيم تنظيم "المرابطون" مختار بلمختار، وتأكيد منه ومن تنظيم القاعدة الأم على أنه لم يتأثر سلبا بظهور تنظيم الدولة الإسلامية بالساحل الأفريقي.

ويرى المدير الناشر لصحيفة بلادي المهتم بقضايا الأمن في منطقة الساحل موسى ولد حامد أن البعد التنافسي بين القاعدة وتنظيم الدولة واضح، وهو أمر بات ملحوظا في المنطقة.

الحضور والقرار
يلاحظ أنه بعد كل عملية يقوم بها تنظيم الدولة خارج المركز (العراق وبلاد الشام) لا بد أن تنفذ القاعدة عملية ما للتأكيد على أنها لا تزال موجودة وفاعلة على الأرض وتمتلك قرارها وعناصرها وبعدها الإقليمي وحاضنتها الاجتماعية.

لكن ولد حامد يقول في حديث للجزيرة نت إن الرسالة الأبرز في هذه العملية موجهة لدول المنطقة مؤداها أن جهودها لمحاربة الإرهاب لا تزال قاصرة، والدليل أن التنظيمات المسلحة قادرة على الضرب في عمق الأراضي المالية وليس في الشمال وحده.

ويضيف أن تزامن العملية مع انعقاد قمة مجموعة الساحل التي أنشئت للتصدي للإرهاب يحمل رسالة شديدة الوضوح للمجتمعين أن كل المقاربات المعتمدة لم تستطع ملامسة لب المشكل ولم تقض على التنظيمات المسلحة التي كانت ضيفا ثقيلا على القمة اليوم من خلال هذه العملية.

ويتقاطع رأي الصحفي المختص في شؤون مالي حسين أغ عيسى مع رأي ولد حامد في بعض جوانبه، فهو يعتبر أن "العملية تدخل في إطار التنافس بين تنظيم الدولة والقاعدة على إثبات الحضور والقدرة على الفعل في مالي ومنطقة الساحل، للمحافظة على أنصارها والإبقاء على بريقها".

رسائل عديدة
ويقول أغ عيسى في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف من تمبكتو إن العمليات التي تقوم بها القاعدة والحركات القريبة منها تحمل رسالة وجود لتنظيم الدولة وأخرى لفرنسا أكثر قوة مفادها أن كل ما قامت به باريس لم ينه هذه التنظيمات ولم يقض على قدراتها.

من جانبه، يرى الصحفي الموريتاني المتخصص في التنظيمات المسلحة أحمدو ولد محمد المصطفى أن عملية "راديسون بلو" حملت رسائل عديدة محلية وإقليمية ودولية، ناظمها المشترك أن هذه الحركات لا تزال موجودة وتملك زمام المبادرة.

ويضيف مصطفى في حديث للجزيرة نت أن من يتابع العمليات التي قامت بها هذه الحركات -بما فيها عملية بماكو- سيجد أنها بمثابة منبهات للفرنسيين "بأننا ما زلنا هنا وإذا كنتم تراهنون على طردنا فعليكم البقاء أكثر في هذه المنطقة".

ويلاحظ مصطفى أن العملية تكسب تنظيم القاعدة أوراقا في مواجهة تنظيم الدولة الباحث عن موطئ قدم في الشمال المالي، وتقرب بلمختار أكثر من العودة إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بعد أن أخذ خطوات في الابتعاد عنه خلال السنتين الأخيرتين.

المصدر : الجزيرة