"الكهرباء" تشعل الاشتباكات بين النواب اللبنانيين

تراشق واشتباك بين نواب لبنانيين بسبب أزمة الكهرباء
جانب من تراشق واشتباك بين نواب لبنانيين بسبب أزمة الكهرباء (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

بعد أزمة النفايات التي لم ترفع بشكل كامل حتى الساعة من شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، لاحت في الأفق بوادر أزمة مستحدثة بين الفرقاء السياسيين على خلفية ملف الكهرباء الذي لم يسر يوما بطريقة منتظمة، وكلف الخزينة اللبنانية مليارات الدولارات من الهدر والفساد.

حدثُ اليوم الذي احتل الشاشات كان مسرحه إحدى قاعات المجلس النيابي وذلك خلال جلسة للجنة الأشغال لبحث موضوع الكهرباء، تبادل خلالها نواب من تيار المستقبل ونواب من تكتل التغيير والإصلاح -الذي يرأسه المرشح الرئاسي ميشال عون– اتهامات بالسرقة في ملف الكهرباء.

وتطورت المشادة الكلامية والاتهامات بين النواب اللبنانيين إلى تراشق بقناني المياه، وكادت تصل إلى اشتباكات بالأيدي لولا تدخل بعض النواب ورئيس اللجنة النائب محمد قباني الذي كان قد رفع الجلسة إثر احتدام النقاش.

ويكاد يكون عمر مشكلة الكهرباء في لبنان من عمر تكوين النظام، والوزارة التي تعاقب عليها وزراء من كافة التيارات اللبنانية وعدوا جميعهم أثناء ولاياتهم بتحسين التغذية، لم تتمكن من توصيل الخدمة الكهربائية لمدة 24 ساعة في اليوم.

وخلال ولاية الوزير جبران باسيل عام 2010 وضعت وزارة الكهرباء خطة لخمس سنوات لتأمين تغذية 24 ساعة يوميا بكلفة خمسة مليارات دولار، لكن سرعان ما مرت السنوات الخمس وبات وضع الكهرباء اليوم أسوأ، وباتت التغذية تنخفض إلى 4 ساعات، ودخلت المولدات الخاصة لتحل مكان كهرباء الدولة، وبات على المواطن أن يدفع فاتورتي كهرباء، وهو ما فاقم أزماته الاجتماعية.

خسائر لبنان من الكهرباء منذ عام 1993 حتى اليوم بلغت قرابة 25 مليار دولار (الجزيرة)
خسائر لبنان من الكهرباء منذ عام 1993 حتى اليوم بلغت قرابة 25 مليار دولار (الجزيرة)

أزمة مفتعلة
وبدا صراع النواب حول أزمة الكهرباء مفتعلا ومضحكا بالنسبة لأبو بلال -وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية- الذي يدفع مقابل فاتورة مولد الكهرباء الخاص نحو 600 دولار شهريا، خصوصا في الصيف حيث تبلغ تعرفة الـ10 أمبيرات 250 دولارا.

وسخر أبو بلال في حديث للجزيرة نت، من خطط وزراء الكهرباء الذين "ضحكوا علينا وأشبعونا وعودا منذ ثلاثين عاما بتغذية كاملة"، معتبرا أن شركة كهرباء لبنان مكان للهدر والفساد وجمع الأموال على حساب جيب المواطن.

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي غازي وزنة أن خسائر الحكومة اللبنانية من الكهرباء منذ عام 1993 حتى اليوم بلغت قرابة 25 مليار دولار، أي أكثر بخمس مرات من تكلفة تأمين تغطية كهرباء كاملة، مشيرا إلى أن 85% من الخسائر سببها تسعير الكهرباء على أساس 25 دولارا لبرميل النفط، بينما تذهب 15% الباقية بسبب الفساد.

وقال وزنة للجزيرة نت "إن سوء التغذية وخسائر كهرباء لبنان يؤثران على نمو لبنان بنسبة 1% سنويا، ويرهقان المالية العامة والخزينة اللبنانية بنحو ملياري دولار سنويا، ويرفعان من نسبة الدين العام".

مولدات خاصة لتزويد السكان بالكهرباء في لبنان (الجزيرة)
مولدات خاصة لتزويد السكان بالكهرباء في لبنان (الجزيرة)

تعطيل متعمد
ودافع النائب في تكتل التغيير والإصلاح وعضو لجنة الطاقة فادي الأعور عن خطة الوزير باسيل، معتبرا أن جهات سياسية داخلية عرقلتها، لكنها ستستمر وسنرى نتائجها قريبا بعد الانتهاء من عملية تحسين المعامل وتشييد المعامل الجديدة.

وقال الأعور للجزيرة نت "إن ضغط النزوح السوري إضافة إلى عرقلة تيار المستقبل لمعمل دير عمار للكهرباء في طرابلس شمال لبنان أدى إلى تأخير في عملية إنتاج الكهرباء"، واضعا العرقلة في إطار خطة من فريق تيار المستقبل لتدمير كل مؤسسات القطاع العام وتحويلها إلى القطاع الخاص.

أخطاء بالجملة
في المقابل ألمح النائب عن تيار المستقبل معين المرعبي إلى وجود تجاوزات مالية وأخطاء حصلت من قبل تكتل التغيير والإصلاح دفعته إلى تعطيل جلسة اليوم، مؤكدا ترحيبه بمطالبة نواب التيار الوطني الحر بجعل جلسات لجنة الأشغال علنية.

وأضاف المرعبي للجزيرة نت أن الاتهامات لتيار المستقبل بتعطيل قطاع الكهرباء قبل 2008 مغرضة، فوزارة الطاقة لم يتولَّها أي وزير من المستقبل، وهي منذ عام 2008 مع تكتل التغيير والإصلاح.

وأردف قائلا "كيف يقوم المستقبل بتعطيل خطة باسيل رغم أن الأخير كان لديه 40 مستشارا في الوزارة وأخطؤوا في العقود مما سيكلف الدولة مبالغ طائلة؟".

المصدر : الجزيرة