فلسطينية تتمسك بمنزلها وتقاوم حيل الاحتلال

عاطف دغلس- طولكرم

على وقع أصوات الجنود الإسرائيليين عند الحاجز الجنوبي لمدينة طولكرم المعروف بحاجز جبارة شمال الضفة الغربية، تنام الحاجَّة شوقية حمايدة وتصحو غير مكترثة بأي فوضى يحدثونها بالمكان خلال فترة التدريب العسكري أو تبديل الطاقم.

ولم تقلق هذه الحركات الحاجة (أم يوسف) منذ أن حلّ جيش الاحتلال وحاجزه بالمكان قرب منزلها قبل أكثر من 15 عاما، ولم يخفها جدار الفصل العنصري الذي شيدته إسرائيل فوق أرضها وعند حدود منزلها، وأضحت الزيارات المريبة التي يقوم بها أشخاص تدسهم سلطات الاحتلال أكثر هاجس لها بعد أن أضحت وحيدة بالمنطقة.

وقبل أكثر من ربع قرن، اشترت أم يوسف وزوجها المنزل والأرض بقرية جبارة ولم تدرك أنها ستصبح محل أطماع الاحتلال الذي شيّد جدار الضم والتوسع العنصري فوقها مطلع عام 2000، ثم أتبعه بحاجز عسكري على بعد أمتار منه. 

‪مندس تابع لسلطات الاحتلال يواصل الترغيب والترهيب للاستيلاء على المنزل‬  مندس تابع لسلطات الاحتلال يواصل الترغيب والترهيب للاستيلاء على المنزل (الجزيرة)
‪مندس تابع لسلطات الاحتلال يواصل الترغيب والترهيب للاستيلاء على المنزل‬  مندس تابع لسلطات الاحتلال يواصل الترغيب والترهيب للاستيلاء على المنزل (الجزيرة)

وزادت معاناة أم يوسف، عقب زيارة مفاجئة قام بها أحد مندسي الاحتلال حيث اقتحم عليها منزلها قبل أكثر من شهرين وساومها بالمال الكثير مقابل تسليمه رخصة المنزل، وقالت المواطنة للجزيرة نت "مطلع يوليو/تموز الماضي جاءني شخص غريب معه امرأة وادعى أنه عربي من شمال فلسطين المحتلة" ويعمل بمنطقة قريبة من منزلها، وعرض عليها المال لشرائه.

ومن دون تفكير في الأمر، ردت أم يوسف سريعا بطرده من المنزل وأخبرته أن "حفنة من تراب" منزلها "لا يساويها ثمن". لكن هذا الزائر عاد ثانية قبل ثلاثة أسابيع وبذات المهمة والطلب -تضيف أم يوسف- وأكد أنه مستعد لدفع ربع مليون دولار لشراء المنزل، فلم يكن منها إلا أن عادت ولقنته ذات الدرس بالطرد والتهديد والوعيد إذا ما عاود الكرة.

وتضيف الحاجَّة شوقية أن هذا الشخص هددها بشكل مبطن وادعى أن منزلها سيهدم ويضم إلى داخل الجدار العنصري "ودنا مني قائلا إنني سأكون مثل عبد الودود في فيلم الحدود، لن يكون لي مكان هنا أو هناك". 

‪جانب من السلك الشائك الخاص بجدار الفصل العنصري قرب منزل أم يوسف‬ جانب من السلك الشائك الخاص بجدار الفصل العنصري قرب منزل أم يوسف (الجزيرة)
‪جانب من السلك الشائك الخاص بجدار الفصل العنصري قرب منزل أم يوسف‬ جانب من السلك الشائك الخاص بجدار الفصل العنصري قرب منزل أم يوسف (الجزيرة)

ويبقى خيار السيطرة بقوة السلاح على المنزل أسوأ ما تخشاه أم يوسف، فقد سبق للاحتلال أن اقتلع أشجارها ودمر خلايا النحل خاصتها، ووضع شارات تحذيرية لمنع وجودها داخل أرضها، لكنها قامت بتحطيمها لاحقا.
 
وبعد أن تزوجت بناتها الثلاث ورحلن عنها، أصبحت أم يوسف وحيدة يؤنسها "شدو الطيور صباحا وصوت الأذان وبعض زيارات قصيرة للأقارب الذين باتوا يخشون القدوم".

وأمام تلك المعاناة، لا ترجو السيدة سوى بعض الدعم لتثبيت صمودها، وفق ما يقول رئيس مجلس قرية جبارة السابق عوني عودة الذي أكد أن "الخطر المحدق بأم يوسف ومنزلها بات حاضرا بشكل علني وبأسلوب الاحتلال المقيت".

ودعا عودة لدعمها "عبر تثبيت ملكية المنزل باسمها وبناتها بالدوائر الفلسطينية لمنع أي عملية تلاعب من الاحتلال وأعوانه" مضيفا أنهم ناضلوا لأكثر من عشر سنوات بمحاكم الاحتلال لتعديل مسار الجدار عن منزل أم يوسف ونجحوا في ذلك بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، وهو ما يعزز صمودها أكثر.

وأوضح أن جدار الفصل العنصري قضم ستمئة دونم من أراضي قريتهم البالغة 3500 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) ويصنفها لمناطق "سي" وهو ما يعني الحد من التوسع بمخططها الهيكلي، وبالتالي تسهيل مصادرتها والسيطرة عليها.

المصدر : الجزيرة