غزو العراق.. بلير يعتذر وأهل البلاد منقسمون

Former British Prime Minister Tony Blair speaks at a news conference alongside Albanian Premier Edi Rama, not seen, in Tirana, Thursday, Oct. 3, 2013. Rama says Blair will assist as an adviser in Albania's efforts to join the 28-nation European Union. (AP Photo/Hektor Pustina)
اعتذار توني بلير يأتي بعد أكثر من 12 سنة على غزو العراق (أسوشيتد برس-أرشيف)

أميمة يونس-بغداد

تباينت ردود أفعال السياسيين العراقيين حيال اعتذار رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عما وصفه بالخطأ في قرار شن الحرب على العراق عام 2003، فبينما اعتبر بعض نواب ائتلاف دولة القانون -بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي– الحرب إنجازا أنقذ العراق من حكم دكتاتوري طالبت أطراف سنية بمحاكمة من تسبب بتدمير البلاد.

وكانت صحيفة الديلي ميل البريطانية قد قالت إن بلير اعتذر أخيرا عن غزوه للعراق، مقرا بأنه جزء من الأطراف التي تسببت بظهور تنظيم الدولة الإسلامية، مضيفة أن هذا الاعتراف يأتي بعد أكثر من 12 سنة رفض خلالها بلير الاعتذار عن الحرب.

ورأى النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الصهيود أن الصورة مقلوبة لدى بلير "فليس هناك أي خطأ بشأن قرار الحرب، خاصة أن لكل مرحلة مشروعها".

واعتبر أن مشروع تنظيم الدولة مشروع أميركي صهيوني، الغرض منه تنفيذ مخطط "تجزئة المقسم" للسيطرة على المنطقة واستغلال ثرواتها.

وبشأن الدعم الأميركي والبريطاني للمعارضة العراقية والذي سهل للأخيرة حكم البلاد، قال الصهيود "إن دخول الأميركيين كان شكليا، خاصة أن النظام السابق ساقط شكليا"، معتبرا أن الغرض من الاحتلال كان السيطرة على نظام الحكم الجديد.

‪الربيعي: تعاملنا مع الاحتلال كأمر واقع بعد أن شرعنه مجلس الأمن‬ (الجزيرة)
‪الربيعي: تعاملنا مع الاحتلال كأمر واقع بعد أن شرعنه مجلس الأمن‬ (الجزيرة)

أمر واقع
وعدّ مستشار الأمن القومي السابق والنائب موفق الربيعي إسقاط نظام صدام حسين الإنجاز الوحيد لتلك الحرب، فمع إقراره بأن الأخطاء التي ارتكبها الأميركيون والبريطانيون بحق العراق كانت "كارثية" إلا أنه بررها بعدم معرفتهم الجيدة بالمنطقة.

ونفى الربيعي تأييد الأحزاب الشيعية قرار الحرب عام 2003، وقال "كنا متحفظين على القرار وعلى الحصار الذي سبق الحرب"، مضيفا أنهم تعاملوا مع المحتل كأمر واقع "بعد أن شرعن مجلس الأمن لأميركا احتلال العراق".

من جانبه، اعتبر النائب عن القائمة الوطنية حامد المطلك اعتذار بلير شعورا كبيرا بالذنب بعد أن عمت الفوضى العراق والمنطقة، مؤكدا "أن تداعيات الاحتلال كانت مؤلمة"، كما طالب بمحاسبة بريطانيا وأميركا ومن جاء معهما من العراقيين الذين ساعدوا على احتلال البلاد، حسب قوله.

بالمقابل، استغرب النائب السابق مظهر الجنابي من توقيت اعتذار بلير، وتساءل عن فائدته بعد سقوط نحو مليوني قتيل، مضيفا "لقد أساؤوا إلى بنية العراق وعقيدته وكرامة أبنائه بسبب حرب خلفت دمارا لن يصلحه الاعتذار".

وكان تقرير لمنظمتي أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية، وأطباء من أجل البقاء على قيد الحياة قد كشف عن أن الاحتلال الأميركي للعراق كان مسؤولا عن مقتل ما يقرب من مليون عراقي، موضحا أن هذه النسبة تمثل 5% من المجموع الكلي لسكان البلاد، مما يجعلها ترقى لمستوى إبادة جماعية.

‪الفيلي: الدول الكبرى أساءت التقدير حتى تحول‬ (الجزيرة)
‪الفيلي: الدول الكبرى أساءت التقدير حتى تحول‬ (الجزيرة)

اعتذار متأخر
ورأى المحلل الأمني معتز محيي أن تصريحات بلير جاءت متأخرة جدا بعد تركه العمل السياسي لفترة طويلة، مضيفا أن جرائم كثيرة ارتكبت خلال الحرب وما تبعها من احتلال، كما رجح أن تتبنى المحكمة الدولية قرارا بهذا الشأن.

ويعد الاعتذار حالة تصحيح للخطأ في ثقافة المجتمعات المتقدمة وفق رأي المحلل السياسي عصام الفيلي الذي رأى أن الولايات المتحدة لم تدرك أن العراق قادر على إنتاج طبقة سياسية تبني دولة حقيقية في البلاد.

وأضاف "لم تكن هناك دولة مؤسسات حقيقية بعد عام 2003، خاصة أن القوى الإقليمية كانت أكثر قوة وتأثيرا من القوى العظمى صاحبة التغيير الأول في العراق".

ولفت إلى أن "انهيار منظومة الدولة جاء في مصلحة الدول الإقليمية على حساب المصلحة الوطنية، وأن الولايات المتحدة والدول الكبرى أساءت تقدير عملية التغيير في العراق حتى تحول إلى مرتع للتنظيمات الإرهابية".

المصدر : الجزيرة