الفقر والبطالة يقودان شباب لبنان صوب أوروبا

استقبال ضحايا عائلة هاني صفوان في مطار بيروت
استقبال ضحايا عائلة هاني صفوان في مطار بيروت (الجزيرة)

أسامة العويد-طرابلس

على جدران ملئت بالحزن في مطار بيروت الدولي جثت نسوة من آل صفوان يبكين أقرباءهن, وهن يحملن الصور ويذرفن الدموع, بعدما قضى أقاربهن في أحد الزوارق المطاطية قبالة السواحل اليونانية.

وتشير عدة تقارير إعلامية إلى هجرة شبان وعائلات لبنانية، ضمن موجة اللجوء الكبرى التي تشهدها القارة الأوروبية بحثا عن حياة كريمة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

"نحن نعيش هذه الصدمة, لا أنكر، فقد كان الخبر كالرصاصة"، هذا ما قاله هاني صفوان للجزيرة نت وهو ابن عم بعض الضحايا، مضيفا "فاجأتنا اﻷخبار أنهم قد ظلوا ثلاثة أيام أحياء تتقاذفهم اﻷمواج, لقد رحلوا بحثا عن اﻷمن واﻷمان ولقمة العيش وآمال العيش في أوروبا، ولكن القدر كان له رأي آخر".

وتابع في تصريح للجزيرة نت "توفي سبعة أشخاص من العائلة، وما زال هناك مفقودون، وهناك آخر محتجز في تركيا, لذلك أوجه نصيحة إلى كل العائلات اللبنانية والسورية وأقول لهم لا تهاجروا بطريقة غير شرعية حتى لا تفجعوا عائلاتكم كما فجعنا".

‪عمر المصري سعيد لنجاح شقيقه اللاجئ اللبناني في الوصول لألمانيا‬ (الجزيرة)
‪عمر المصري سعيد لنجاح شقيقه اللاجئ اللبناني في الوصول لألمانيا‬ (الجزيرة)

رحلة طويلة
وعلى النقيض تشعر عائلة لبنانية أخرى بالسعادة بعد نجاح ابنها علاء المصري بالوصول إلى ألمانيا بعد رحلة طويلة بدأت بالسفر عبر الباخرة من مرفأ طرابلس إلى تركيا، ومن مدينة إزمير التركية استقل مركبا مطاطيا مع حوالي 35 شخصا وهو يتسع لـ15 شخصا فقط، حتى وصلوا لجزيرة تسلونيك اليونانية.

عمر المصري شقيق علاء أكد للجزيرة نت أن شقيقه قضى ليلته الأولى في حديقة داخل الجزيرة، ثم سلم نفسه لمركز شرطة للحصول على ورقة طرد من اليونان، تمكن بموجبها من الذهاب لليونان عبر باخرة نظامية، ومن ثم انتقل إلى مقدونيا سيرا على الأقدام، وهناك ركب القطار إلى صربيا ومنها إلى الحدود المجرية.

وأضاف "بدأت المصاعب بعد ثلاث ساعات مشيا عندما وجد أخي ومن معه الحدود المجرية مغلقة، حيث استطاعت الشرطة المجرية القبض على البعض، وكان أخي من الذين لاذوا بالفرار إلى غابة مجاورة، وبدأ بالسير من الثامنة مساء حتى الثامنة صباحا والشرطة تلاحقهم حتى وصل إلى منزل إحدى السيدات، فطلبوا المساعدة، فأمنت لهم سيارة أجرة مقابل مبلغ 500 يورو أوصلتهم إلى بودابست.

وأردف قائلا "في بودابست اتفقوا مع مهرب على نقلهم إلى ميونيخ بألمانيا لقاء مبلغ 600 يورو، لكنه أخذ نصف المبلغ وهرب، فتواصلوا مع آخر أوصلهم إلى فيينا في النمسا، وهناك استقبلهم النمساويون وقدموا لهم الطعام والشراب ومن ثم حجزوا لهم تذاكر عبر القطار إلى ألمانيا".

طلال المرعبي حمل الدولة المسؤولية عن هجرة الشباب (الجزيرة)
طلال المرعبي حمل الدولة المسؤولية عن هجرة الشباب (الجزيرة)

فشل حكومي
من جانبه أكد الوزير السابق طلال المرعبي أن طرابلس عانت الكثير من الإهمال الحكومي وعدم الاهتمام بالشباب وفشل الخطط الإنمائية منذ فترة طويلة, مما أدى لهجرة الكثير من الشباب بصورة لم نشهدها حتى في سنوات الحرب.

وحمل -في حديث للجزيرة نت- الدولة مسؤولية هجرة الشباب اللبناني إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، بحثا عن حياة لم تعد متوفرة في بلاده.

وأضاف المرعبي أن الوضع في لبنان صعب جدا، حيث لا يوجد رئيس للجمهورية والحكومة مجمدة, "كما يجب أن يعاد النظر في السياسة اﻹنمائية".

كما وجه الدعوة للدول العربية لتخصيص اعتماداتها الإنمائية للبنان للمناطق المحرومة كطرابلس والشمال, علها تعيد الاستقرار الاقتصادي وتحفظ الشباب من الهروب للمجهول.

المصدر : الجزيرة