خبراء فرنسيون: الخرق الأمني كان متوقعا

Firefighters carry an injured man on a stretcher in front of the offices of the French satirical newspaper Charlie Hebdo in Paris on January 7, 2015, after armed gunmen stormed the offices leaving at least 10 people dead. AFP PHOTO / MARTIN BUREAU
"القصور الأمني" حال دون رصد التحضيرات للهجوم (الفرنسية)

عبد الله العالي-باريس

اعتبر خبراء فرنسيون في قضايا الإرهاب أن السلطات المحلية كانت تتوقع حدوث "هجمات إرهابية" ضد أهداف داخل البلاد منذ أشهر، بعد تهديدات وجهتها قيادات في تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بضرب أهداف فرنسية.

إلا أن آراء هؤلاء المحللين تباينت بشأن القصور الأمني لأجهزة الاستخبارات الفرنسية التي رأوا أن عليها أن تحدد الأسباب التي أدت لنجاح شخصين في تنفيذ "مذبحة" في مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الموجود بقلب العاصمة باريس.

وشدد الخبراء على أنه يتعين على السلطات الفرنسية أن تتغلب في القريب العاجل على أوجه القصور في عمل أجهزتها الأمنية.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكدت مديرة مكتب "الخطر الإرهابي" آن جيوديشللي أن الهجوم على شارلي إيبدو أظهر "قصورا مزدوجا" لدى السلطات الأمنية.

وأوضحت أن مرتكبي الهجوم استطاعوا بسهولة دخول مقر الصحيفة الذي لم يكن يتمتع بحراسة ولم تتخذ أي إجراءات لفرز الداخلين إليه.

‪جيوديشللي: هجوم شارلي إيبدو أظهر قصورا أمنيا في فرنسا‬ (الجزيرة نت)
‪جيوديشللي: هجوم شارلي إيبدو أظهر قصورا أمنيا في فرنسا‬ (الجزيرة نت)

إخفاق الاستخبارات
وأضافت الخبيرة -التي عملت سابقا مستشارة في وزارة الخارجية الفرنسية- أن أجهزة الاستخبارات أخفقت أيضا في رصد تحضيرات الهجوم رغم أن الشقيقين المشتبه في مسؤوليتهما عن العملية كانا معروفين لأجهزة الأمن، وسبق لأحدهما أن أدين عام 2008 لانتمائه لخلية كان أعضاؤها يشجعون الشبان المسلمين الفرنسيين على الذهاب للعراق لمحاربة الاحتلال الأميركي.

وتوقعت جيوديشللي أن تعكف السلطات الفرنسية بسرعة على تحديد الثغرات الأمنية التي استطاع المهاجمان النفاذ منها لاجتماع هيئة تحرير الصحيفة الساخرة ثم مغادرة المكان بسهولة.

بيد أن الخبيرة الأمنية لفتت إلى أن الحلول الأمنية الصرفة لن تكفي لاجتثاث الخطر الإرهابي داخل البلاد، منوهة إلى ضرورة اعتماد "مقاربة مجتمعية" تسعى "للتعرف على الأسباب التي تدفع الشبان الفرنسيين إلى التطرف".

من جانبه، قال الصحفي المختص في الجماعات الجهادية دافيد تومسون، إن قوات الأمن الفرنسية وأجهزة الاستخبارات المحلية وضعت خططا واتخذت تدابير "خلال الأشهر والأسابيع الماضية" لدرء هجوم مماثل.

وأشار إلى أن باريس أخذت على محمل الجد التهديدات الصادرة عن قيادات في تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة في المغرب الإسلامي لاستهداف الفرنسيين.

‪تومسون رأى أن السلطات الفرنسية تتعامل بحزم مع الخطر الإرهابي‬ (الجزيرة نت)
‪تومسون رأى أن السلطات الفرنسية تتعامل بحزم مع الخطر الإرهابي‬ (الجزيرة نت)

مالي والعراق
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن فرنسا تدرك أن مشاركتها في الحرب ضد الجماعات الإسلامية في مالي والعراق قوّت احتمالات استهدافها من قبل التنظيمات الجهادية.

وقد أيد هذا الطرح المحلل تيبو دي مونبريال الذي أكد أن "الحكومة لم تهوّن من الخطر، واتخذت تدابير جيدة"، منها قانون يحظر ذهاب "الجهاديين المحتملين" إلى سوريا والعراق، وتسليح رجال الشرطة المكلفين بحماية المقار الأمنية.

وفسر الخبير الفرنسي إخفاق الأجهزة الأمنية في رصد المهاجمين بكونهما لا ينتميان لتنظيم كبير معروف وإنما إلى خلية صغيرة مجهولة.

وفي السياق ذاته، شدد رئيس مركز تحليل المخاطر الإرهابية جان شارل بريزار على أن التحول من إرهاب قائم منظم إلى إرهاب يرتكبه أشخاص معزولون عقّد مهمة الأجهزة الأمنية، ونبّه إلى أن المخابرات يصعب عليها استباق ودرء هذا النوع من العمليات.

لكن بريزار أكد أن هذا الوضع لن يدفع سلطات بلاده إلى أن تقف مكتوفة الأيدي، وإنما سيقودها إلى البحث عن آليات وتدابير مبتكرة لمواجهة خطر متجدد في أشكاله ووسائله.

المصدر : الجزيرة