أراضي الولايات تشغل السودانيين

تصديق البرلمان على إجراءات إلغاء الدعم بالسودان
البرلمان السوداني صادق على التعديلات الدستورية المثيرة للجدل (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

أثارت التعديلات الدستورية التي أجازها البرلمان السوداني الأحد الماضي -خصوصا المتعلقة بمنح رئيس الجمهورية مزيدا من الصلاحيات بشأن الأراضي- عاصفة من الجدل حول إمكانية تطبيقها في ظل التعقيدات التي تكتنف قضية ملكية الأرض في السودان.

وأجاز البرلمان لرئيس الجمهورية صلاحية إصدار مراسيم "لتحديد الأراضي التي تستغل لأغراض استثمارية، وكيفية التصرف في عائد استثمارها وتحديد مستوى الحكم المعني لإدارتها وممارسة الحقوق عليها".

بينما تنص المواد السابقة على أن من يتولى ممارسة الحقوق على الأراضي التي تملكها حكومة السودان "مستوى الحكم المعني أو المكلف بذلك"، وأن حيازة الأرض واستغلالها وممارسة الحقوق عليها صلاحية مشتركة تمارس على مستوى الحكم المعني.

‪حسين: التعديلات تكرس شمولية الحكم بالسودان‬  (الجزيرة نت)
‪حسين: التعديلات تكرس شمولية الحكم بالسودان‬ (الجزيرة نت)

قضية معقدة
ويرى النائب البرلماني عن حزب المؤتمر الشعبي إسماعيل حسين أن التعديل "لن ينجح في التعامل مع قضية الأراضي المعقدة للغاية في السودان، في ظل نظام الحواكير والقبائل والإدارة الأهلية القائمة على حيازة الأرض".

وأشار إلى سقوط المئات من الضحايا في النزاعات حول ملكيات الأرض في البلاد، معتبرا أن قضية ملكية الأرض في السودان "لا يمكن التعامل معها بمراسيم جمهورية أو قرارات حكومية، خاصة مع زيادة وعي المواطنين بقيمة ما تحمله في جوفها من ذهب وبترول".

وأضاف أن الأمر يحتاج إلى "حكمة وحوار جامع، لأنه من السذاجة التعامل مع هذا التعقيد بقرارات فوقية".

أما عضو الهيئة القيادية للحزب الاتحادي الديمقراطي علي السيد فاعتبر التعديلات "تغولا واضحا على الحكم الفدرالي الذي يهدف لإطلاق يد رئيس الجمهورية والمركز على أراضي الولايات وهي أغلى ما تملك دون أن يكون لها حق الاعتراض".

ويرى السيد أن "أخطر" نتائج هذا التعديل هو تحول الوالي إلى منفذ لقرارات الرئيس الذي يمكنه أن يخصص الأراضي لمن يشاء من قبائل أو أفراد "مما يفتح بابا للفساد والعمولات والرشاوى لا يمكن إغلاقه".

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين إن التعديلات "تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وأمنية واقتصادية لتكريس شمولية الحكم بالسودان".

وأضاف أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم "يريد أن يهيمن على الأراضي التي تعد أحد مكونات الثروة والسلطة في البلاد حتى تكون تحت تصرفه ويبيعها لدوائر أجنبية أو محلية لتعزيز مكانته، ولا مانع لديه في خوض مزيد من الحروب مع مكونات البلاد دون اعتبار لفداحة الحرب التي يشنها حاليا".

أما فضل الله برمة ناصر نائب رئيس حزب الأمة القومي فيرى أن التعديل "يضرب نظام الحكم الفدرالي في مقتل، لأن صلاحيات كل من المركز والولايات موضحة في الدستور الذي يعطي الحقوق ويؤمن الحريات".

وحذر ناصر من مغبة ما سماه "الخلل الدستوري الذي سلب حقا مبينا لأهل الولايات في سبيل زيادة الهيمنة التي تسببت في التمرد واشتعال الحروب في الأطراف".

‪يوسف: التعديلات قانونية وستحسم فوضى تداخل الاختصاصات‬ (الجزيرة نت)
‪يوسف: التعديلات قانونية وستحسم فوضى تداخل الاختصاصات‬ (الجزيرة نت)

تعديل قانوني
على النقيض من ذلك، اعتبرت النائبة بالبرلمان عن حزب المؤتمر الوطني عواطف الجعلي أن التعديل "لا يهدد الملكية الخاصة للأرض بأي شكل لأن أغلب أراضي البلاد ينتفع بها مواطنون قادرون على مواجهة أي تعديات عليها".

وأضافت أن التعديلات "لم تمنح الرئيس حق انتزاع ملكية الأرضي التي يمتلكها المواطن، بل منحت حق تخصيص الأراضي الخاضعة لملكية الدولة في المركز والولايات للمشاريع القومية والاستثمار".

وقالت إن "التقاطعات التي تمت بين المركز والولايات حول ملكية الأراضي هي ما عجل بالتعديل"، منوهة بأن الأراضي الحكومية ستدرج في خارطة الاستثمار القومي.

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة النيلين ياسين عمر يوسف التعديل قانونيا "لأن المادة الـ43 من دستور السودان تمنح الرئيس سلطة نزع الأراضي للصالح العام مع التعويض العادل للمتضرر"، وقال إن التعديل سيتيح الأداة المناسبة لحسم الفوضى وتداخل الاختصاصات التي وسمت التعامل مع القضية.

وأشار يوسف إلى أن الولايات "استخدمت الأراضي التي أصبحت سلعة غالية في غير المصلحة العامة وخصصتها لأغراض شخصية بحتة"، مؤكدا أن التعديل سيسمح بالاستفادة منها في مشاريع قومية وبرقابة وإشراف من الرئيس على الولاة.

المصدر : الجزيرة