تركة ثقيلة بانتظار حكومة أثينا الجديدة

شادي الأيوبي-أثينا

تواجه الحكومة اليونانية الجديدة تركة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العالقة والتي قد يتطلب حلها مواجهات لا تحمد عقباها على الصعيدين الداخلي والأوروبي.

ولا يخفي مراقبون مخاوفهم من أن التركيبة الأيديولوجية المتعاكسة للحزبين المكونين للحكومة الجديدة يمكن أن تعيق عملها، فأحد قطبيها من أقصى اليمين والآخر من أقصى اليسار.

المؤشر الإيجابي على المدى القصير هو أن الفريقين يجتمعان على ضرورة تعديل اتفاقية الدين، ولكنهما يختلفان على ملفات أخرى مثل ملف الهجرة.

وكان عدة مسؤولين أوروبيين قد صرحوا بأن على أثينا ألا تنتظر أي تخفيض لديونها، فيما ألمح آخرون إلى أن الحكومة اليونانية الجديدة ستسعى للتفاهم مع الدائنين.  

ونقلت صحيفة إيمبوريكي الاقتصادية عن وكالة "دويتشه فيلله" الألمانية أن اقتصاديين ألمان يرجحون أن يسعى حزب سيريزا اليساري إلى تفاهمات مع الشركاء الأوروبيين بشأن الدين لما فيه مصلحة الطرفين، وربما لأن خزائن الدولة اليونانية ليس فيها أموال لتنفيذ وعوده الانتخابية.

وقالت إن من أشكال التوافق المطروحة إعطاء المزيد من الوقت لتسديد الدين مع تخفيض الفوائد.

وفي هذا الشأن، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة "كورينثوس" سوتيريس روسوس أنه يمكن لتحالف سيريزا واليونانيين المستقلين (اليميني) أن ينجح، لأن لديهما رؤية موحدة بشأن اتفاقية الدين والتعامل مع مطالب الدائنين، مع وجود خلافات بشأن ملف الهجرة، حيث إن مشكلة اليونان اليوم تنحصر في موقفها أمام الدائنين، وهو ما يعطي إمكانية أكبر لنجاح الائتلاف الحكومي.

وقال روسوس للجزيرة نت إن أول ملف يجب أن تعالجه الحكومة هو الأزمة الإنسانية، حيث يعيش مئات آلاف اليونانيين ظروفا مأساوية، ثم مواجهة الدائنين وإنهاء الفساد في أجهزة الدولة، وهو ملف يحتاج إلى وقت لمعالجته.

واعتبر أن الوصول إلى حد أدنى للأجور هو 750 يوروا خلال ثلاثة أشهر ممكن في الظروف الحالية، وهو ما سينشط حركة السوق ويدعم صناديق الدولة بالضرائب.

وأكد روسوس أنه ليس هناك أي ملف أو أزمة يمكن أن تؤدي إلى فشل الحكومة الحالية، وأن اليونانيين يعرفون صعوبة الأوضاع ولا ينتظرون حل مشكلات البلد خلال أيام معدودة.

وقال إن كل طرف وضع حتى الساعة خطوطه الحمراء للتفاوض، فالمسؤولون الألمان من جهتهم لا يريدون تخفيض الدين، لكنه استدرك معتبرا أن أي حكومة يونانية سابقة لم تطالبهم بذلك.

من جهة أخرى، شدد رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة اليونانية كوستاندينوس ميخالوس على أن الجميع يدرك أهمية تغيير سياسة التقشف والمضي إلى سياسة التنمية، مشددا على حل مشكلات السيولة في المصارف وفتح مشروعات منتجة، ومعتبرا أن الأولوية اليوم هي لاسترجاع الثقة باليونان بين دول الاتحاد الأوروبي.

وقال ميخالوس في تصريحات للجزيرة نت إن إعادة التفاوض مع الدائنين يجب ألا تصل إلى الحد الذي يتسبب بمشكلات في علاقات اليونان الجيدة بشركائها الأوروبيين، مقدرا أن الفريق الحكومي الجديد يدرك جيدا كيف تدار الأمور في الاتحاد الأوروبي، وأنهم سيضمنون للشركاء الأوروبيين استمرار تعاون اليونان في تسديد ديونها، مما يسمح ببعض التعديلات في برنامج الدين.

واعتبر أن ردود فعل الشركاء الأوروبيين على فوز سيريزا عادية، مشيرا إلى إعلان زيارة لرئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز لليونان يوم الخميس المقبل، ودعوات أوروبية لرئيس الحكومة الجديد لزيارة عواصم أوروبية.

وكان ميخالوس أرسل رسالة تهنئة لرئيس الوزراء الجديد ألكسيس تسيبراس نبه فيها إلى أن فشل المفاوضات مع الدائنين سوف يضع البلاد أمام خيارات صعبة للغاية.

وشدد في رسالته على دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تشغيل مئات الآلاف من اليونانيين، داعيا الى حماية ما تبقى منها واستحداث المزيد.

واعتبر ميخالوس أنه طالما خفضت الحكومة سقف مطالبها وتم التفاوض في جو من التفاهم فحينها يمكن حل مشكلة اليونان ومشكلة أوروبا التي لا تريد اضطرابات داخل دولها.

وحملت رسالة ميخالوس تذكيرا بمطالب رجال المال والأعمال ومنها تسريع الإصلاحات في الاقتصاد والدولة، وتشكيل إطار وطني للتنمية مع نظام ضرائبي بسيط وثابت وتخفيض تدريجي لضريبة القيمة المضافة، ثم خطة جريئة لمحاربة التهرب الضريبي وتشجيع تنافسية الإنتاج المحلي وحركة التصدير.

المصدر : الجزيرة