نازحو الأنبار.. عندما تصبح العودة أُمنية

نازحون من الأنبار
نازحات عراقيات يستلمن مساعدات علها تعينهن لمواجهة الواقع الأليم (الجزيرة)

أحمد الأنباري-الأنبار

تتوسل الحاجة أم نجم -إحدى النازحات من الرمادي- إلى أبنائها أن يتركوها تلقى مصيرها في منزلها، فجسدها لم يعد يقوى على كل هذا التعب والحزن، فبدلاً من أن "أكون معززة مكرّمة في منزلي، أثقل على أبنائي في رحلة نزوحهم، وأعاني من أمراض عدة أولها آلام المفاصل وليس آخرها السكري".

وتقول -وفي حديثها غصة- "أصبحتُ أتمنى الموت على الذل الذي نعيش فيه، لكنني أتجلد بالصبر كي لا يجزع أبنائي، فقد يطول نزوحنا وقد لا نعود".

حالة أم نجم (70 عاما) مشابهة لحالات آلاف النازحين من مدن محافظة الأنبار الذين يتوزعون على مناطق كثيرة، فهناك مئات العائلات التي غادرت قبل عام مدينة الفلوجة نحو إقليم كردستان العراق بعد أيام من اشتعال القتال في المدينة، وبعد اشتداد القصف الحكومي بالقنابل والبراميل المتفجرة عليها.

ولم يكن حال مدينة الرمادي أفضل، فقد أمضت العوائل التي نزحت منها أكثر من عام دون أن تحصل على معونة أو دعم حكومي.

‪معظم المخيمات تفتقر إلى المدارس‬  (الجزيرة نت)
‪معظم المخيمات تفتقر إلى المدارس‬ (الجزيرة نت)

مخيمات مكتظة
ولم تبتعد جميع العوائل عن مناطق سكناها، فقد لجأت عوائل لا تملك ما يعينها على إيجار منزل أو مصاريف يومية إلى مناطق يعتقدون أنها أقل خطورة، فذهبت عوائل إلى مناطق في ناحية عامرية الفلوجة التي يشهد مركز مدينتها معارك وقصفا متواصلا، وأخرى هربت إلى مدينة هيت التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في وقت لاحق، وبعض العوائل لجأت إلى العاصمة بغداد.

أما العوائل التي اختارت مدينة سامراء بداية العام الماضي فقد غادرتها بسبب حملة الاعتقالات التي شنتها مليشيات ضد النازحين.

وفي مخيم عامرية الفلوجة تقيم نحو ثمانمائة عائلة، بينها عائلة خلف الدليمي (40 عاما) التي تتألف من سبعة أولاد.

وفرّت هذه العائلة من الفلوجة إلى مدينة عامرية الفلوجة القريبة من بغداد في يونيو/حزيران الماضي هرباً من البراميل المتفجرة التي ترميها طائرات الجيش العراقي، وأقامت في مبنى غير مكتمل يفتقر إلى النوافذ والأبواب. ومع تدني درجات الحرارة في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، والإيجار الشهري الذي يبلغ مائتي دولار، زاد العبء على العائلة، ففضّل الدليمي الانتقال إلى المخيم.

يقول الدليمي -وهو صاحب متجر سابق في الفلوجة- للجزيرة نت إن هذه المخيمات مخصصة للفقراء الذين ليس لديهم مكان يقصدونه. ويضيف أن الماء والكهرباء والمراحيض والمساحات المخصصة للأولاد وحصة شهرية من الأغذية، تتوفر في المخيم لكنّ الوضع ليس مثاليا.

‪الهلال الأحمر يوزع مساعدات‬ (الجزيرة نت)
‪الهلال الأحمر يوزع مساعدات‬ (الجزيرة نت)

مساعدات للمخيمات
وتفتقر معظم المخيمات المنتشرة في العراق إلى المياه الساخنة والمدارس لا تزال في مرحلة التخطيط، ناهيك عن أنها غارقة دوماً في الوحول.

عضو اللجنة التنفيذية لإغاثة وإيواء النازحين خالد الراوي يقول إن صالح المطلك نائب رئيس الوزراء وجه بأهمية الإسراع والاستجابة لاستغاثات النازحين في عامرية الفلوجة ومخيمات أخرى وتوفير المساعدات العاجلة.

وأوضح الراوي أن هذا التوجيه جاء استجابة للنداءات العاجلة التي أطلقها النازحون في عامرية الفلوجة ومخيمات أخرى، وأضاف أن اللجنة تتحرك -منذ عدة أيام- لاحتواء تداعيات البرد في عدة مخيمات للنازحين، حيث ترسل 400 خيمة و2500 بطانية وقرابة 300 مدفئة إلى عامرية الفلوجة خلال أيام.

من جانبه قال عضو جمعية الهلال الأحمر العراقية محمد الخزاعي إن الجمعية قدمت مساعدات إغاثة لأكثر من خمسة آلاف عائلة أنبارية نازحة داخل وخارج المحافظة، عبر تقديم الخيم ومتطلبات الحياة اليومية من ضمنها السلات الغذائية.

وختم الخزاعي بأن ما يزيد من مأساة آلاف العوائل النازحة، أنها "لا ترى بارقة أمل بالعودة القريبة إلى منازلها".

المصدر : الجزيرة