هل توقف فتوى السيستاني سرقة ممتلكات العراقيين؟

الجزيرة نت-بغداد

بسبب الحرب الدائرة بين السلطات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية، يعمد أهالي القرى والبلدات التي تصبح في دائرة مرمى النيران إلى ترك بيوتهم والفرار إلى مكان أكثر أمنا، ولكن هؤلاء المواطنين يكتشفون عند عودتهم إلى منازلهم بعد انتهاء القتال تعرض ممتلكاتهم للسرقة.

وتتوجه أصابع الاتهام بشكل رئيسي إلى المليشيات الشيعية وما يسمى قوات الحشد الشعبي التي يفترض أنها تشكلت استجابة لفتوى المرجع الشيعي علي السيستاني بوجوب "الجهاد الكفائي" للمقاتلة إلى جانب القوات الحكومية.

وتقول المؤشرات إن مستوى تكرار حوادث السرقة وصل إلى حد الظاهرة، ونقلت وسائل إعلام وفضائيات عراقية شهادات من مناطق بمحافظتي ديالى وصلاح الدين وحتى في أطراف بغداد نفسها، تتحدث عن سرقة أموال ونهب موجودات المنازل وسرقة السيارات وحتى الجرارات الزراعية.

ونتيجة ارتفاع عدد هذه الحوادث وتحولها إلى ظاهرة واسعة، ارتفعت انتقادات من أطراف وشخصيات سنيّة لفتوى السيستاني على اعتبار أنها كانت السبب في جلب أناس من كل حدب وصوب وتسليمهم أسلحة.

وفي المقابل، أصدر السيستاني فتوى حرّم بموجبها تلك الممارسات، وطالب الحكومة "بالضرب بيد من حديد على المتجاوزين".

وقال أبو محمد الذي يسكن محافظة ديالى في حديثه للجزيرة نت، إن "العائلات التي تركت منازلها بسبب القتال الدائر فيها، اكتشفت حدوث عمليات سلب ونهب واسعة في مناطقها".

وأكد أن "بعض مسلحي الحشد الشعبي قاموا بكسر أقفال المحلات التجارية وسرقة محتوياتها، إضافة إلى قتل بعض الناس الأبرياء".  

وأشار أبو محمد إلى أن "بعض السيارات الحديثة سُرقت من محافظتي ديالى وصلاح الدين، وحاليا تباع في بغداد بأسعار زهيدة، ولكن الإقبال عليها من قبل المواطنين ضعيف بسبب حُرمتها".

ويقول مواطنون من المناطق التي سجلت فيها حوادث سرقة، إن قسما كبيرا من الذين وجدوا بيوتهم وممتلكاتهم قد تعرضت للنهب، يخشون الحديث عن هذا الأمر خوفا من التعرض لانتقام المليشيات التي قد يصل سلطانها أحيانا إلى مستويات تفوق سلطة الدولة.

ولكن من جهة أخرى، يرفض الموالون لقوات الحشد الشعبي تلك الاتهامات ويلقون بها على الطرف الآخر.

يقول المواطن أحمد العزاوي الذي يسكن محافظة ديالى إن "هناك بعض الجهات تقوم بخطف المواطنين وقتلهم باسم سرايا الحشد الشعبي، إضافة إلى سرقة ممتلكاتهم المادية".

ويذهب العزاوي إلى أبعد من ذلك، ويتهم القوات الكردية التي تقاتل أيضا ضد تنظيم الدولة بالقول إن "(أفراد) قوات البشمركة قاموا بسرقة وحرق بعض المنازل، إضافة إلى مسلحي تنظيم الدولة".

أما القيادي بالحشد الشعبي كريم النوري فيؤكد في حديثه للجزيرة نت، أن فتوى السيستاني إرشادية لجميع المقاتلين بعدم التجاوز على أملاك المواطنين.

ويقول النوري إن "السيستاني طالب المقاتلين بالابتعاد عن الثأر أو الانفعال خلال المعارك، وجميع المقاتلين منذ الفتوى التاريخية بالجهاد الكفائي يطبقونها".

ويضيف أن مسلحي تنظيم الدولة قاموا بحرق بيوت الناس وسرقة ممتلكاتهم "من أجل تشويه سمعة الحشد الشعبي"، مضيفا أن "جميع عناصر الحشد الشعبي منضبطة وملتزمة بالأوامر ولا يوجد فيها مندسون أو مخربون".

وأكد النوري أن "توصيات لجنة الحشد الشعبي في جميع المعارك التي خاضها مقاتلوه في الضلوعية وسامراء وجرف الصخر، تؤكد على الحفاظ على حرمة الناس وعدم المساس بجميع المواطنين".

من جهة أخرى، يدق بعض رجال الدين الشيعة في العراق ناقوس الخطر من تكرار حوادث السرقة والاعتداء على ممتلكات المواطنين، حيث إن هذه الممارسات قد تدفع بالمتضررين منها إلى الارتماء في أحضان الطرف الآخر.

ويبيّن رجل الدين الشيعي غيث التميمي في حديثه للجزيرة نت، أن "السيستاني يقع على عاتقه جزء من المسؤولية في الحفاظ على الحشد الشعبي، لأنه أصدر فتوى بحمل السلاح عند احتلال تنظيم الدولة محافظة نينوى".

وبعدما اتهم الكثير من المواطنين والقيادات السنية الحشد الشعبي بسرقة ممتلكاتهم وحرق منازلهم، أصبح الكثيرون يشعرون بالخوف.

وأشار التميمي إلى أن "الأهالي يشعرون بالخوف والقلق جراء هذه التصرفات، وقد يلتحقون بتنظيم داعش" نتيجة لذلك.

وأوضح أن "الحشد الشعبي نوعان: الأول الذين تشكلوا نتيجة فتوى السيستاني، والآخر الفصائل المسلحة التي لديها تمثيل في العملية السياسية".

يذكر أن غالبية العوائل التي نزحت عن مناطقها لم تتمكن من العودة إليها بعد سيطرة مجاميع الحشد الشعبي عليها، خاصة في مناطق ديالى ويثرب ومحيط بلد ومناطق حزام بغداد.

المصدر : الجزيرة