الوضع الأمني يعرقل الدراسة بشمال سيناء

منى الزملوط-سيناء

ألقت الأوضاع الأمنية المضطربة في شمال سيناء بظلال قاتمة على العام الدراسي الجديد، حيث يخشى طلاب ومدرسون التوجه إلى المدارس في ظل صراع لا يتوقف بين الأمن ومسلحين. 

وفي جولة قامت بها الجزيرة نت بالمنطقة الحدودية من رفح ووصولا إلى الشيخ زويد، لا تظهر أي آثار لبدء الدراسة في القرى الواقعة بتلك المنطقة، حيث يقول بعض الأهالي إنهم كانوا يتوقعون أن تقدم السلطات على تأمين الطرق العامة وتلك المؤدية إلى المدارس لكن هذا لم يحدث.

وفي قرية المهدية الواقعة بالشريط الحدودي، التقينا مجموعة من الأطفال في سن التعليم الابتدائي يلعبون تحت الأشجار في وقت يفترض فيه أن يكونوا داخل فصول الدراسة، وعندما سألناهم قال أحدهم إن مبنى المدرسة لم يعد صالحا بعدما تعرض لعدة قذائف إثر تبادل إطلاق النار بين الجيش والمسلحين خلال إحدى الحملات الأمنية الأخيرة.

وأضاف طلاب آخرون أنهم يتوقعون تكرار الحملات الأمنية في أي وقت، ولا يأمنون على حياتهم بعدما أوضحت التجارب أن إطلاق النار غالبا ما يتم بشكل عشوائي ولا يفرق بين مسلح ومدني.

وقد وصل الأمر إلى اتخاذ بعض المدارس ملاذات من جانب قوات الجيش وأحيانا من جانب المسلحين، ويقيم كل منهم نقاطا للتفتيش، مما جعل آخر ما يمكن تصوره أن تستأنف الدراسة في هذه المدارس.

‪أطفال بقرى الشريط الحدودي محرومون من الدراسة‬ (الجزيرة نت)
‪أطفال بقرى الشريط الحدودي محرومون من الدراسة‬ (الجزيرة نت)

مخاوف
ولا يخفي بعض التلاميذ مخاوفهم من تعرضهم للقتل، خصوصا أن الأسابيع الأخيرة شهدت مقتل العديد من الأطفال بسبب إطلاق النار العشوائي بين الجيش والمسلحين المجهولين.

في المقابل، أظهر تلاميذ آخرون نوعا من عدم الاكتراث حيث قال أحدهم إنهم تعودوا على هذه الأوضاع ولا يتوقعون العودة لاستئناف الدراسة، مؤكدين أن الدولة لا تهتم بالتعليم في شمال سيناء، بل ولا تهتم بأي شيء في هذه المحافظة غير الأمن.

أما الطفلة أسماء، فتكشف عن جانب آخر من الأزمة التي تعيشها شمال سيناء تحت وقع الحملات الأمنية المتتالية حيث حكت للجزيرة نت عن إصابتها في قدمها بعدما دهسها أحد الجنود بقدمه الثقيلة خلال هجومهم على المنزل من أجل اعتقال أبيها وإخوتها.

تقول أسماء إنها لا تستطيع المشي بصورة طبيعية بسبب هذه الإصابة، كما أنها لا تستطيع الذهاب إلى المدرسة بعد أن فقدت المعيل باعتقال أبيها ظلما كما تؤكد، فضلا عن اعتقال إخوتها وتهديدهم بالقتل.

تقول أسماء إنها فكرت في أن تسأل الجنود "لماذا تعتقلون أبي" لكنها خافت أن يقتلوها، وتؤكد أنها تعيش مع والدتها في ظروف صعبة حيث لا يملكون ما يقتاتون به.

المعلمون أيضا 
وبعيدا عن التلاميذ الذين هجر كثير منهم المدارس، فإن المدرسين أيضا يشكون مخاوفهم من الذهاب إلى المدارس في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، حيث أكد أحدهم أن الأحوال أصبحت أخطر من العام الماضي، فضلا عن قيام الجيش بإغلاق معظم الطرق وإقامة الكثير من نقاط التفتيش.

ويشير أحمد -من أبناء العريش عاصمة المحافظة ويعمل مدرسا بإحدى قرى الشيخ زويد- إلى أن المحافظة خصصت حافلات لنقل المعلمين إلى قرى الشريط الحدودي، حيث تجري العمليات العسكرية، لكنه يقول إن المرور بنقاط التفتيش يتسبب في تأخير كبير فضلا عما يشهده من استفزاز.

وأضاف أحمد للجزيرة نت أنه كان شاهد عيان على مطالبة العديد من الأهالي والمعلمين أمس محافظ شمال سيناء بالعمل على تأمين الطرق والسماح للمعلمين بالمرور من الطرق الرئيسية حفاظا على أرواحهم من اشتباكات يمكن أن تندلع في أي لحظة.

المصدر : الجزيرة